من اجل دقة النقد وسلامة الحوار
يطيب لي، بين فترة وأخرى، البحث في محركات البحث الالكترونية عن صورة الأستاذ الفاضل د.فائق مصطفى لأزين بها إحدى صفحات موقعي الشخصي..وعلى الرغم من علمي أن المحركات كلها تخلو من صورته إلا أنني لم استسلم لها فأكف عنها إصراري.
قبل يوم واحد ،من الآن، وأنا اكرر المحاولة اهتديت الى صورته، ثم فوجئت أن المقالة التي ضمت صورته موجهة إلي كرد على ما كتبته بحق الكتاب الموسوم (مسرح محي الدين زنكنه-مسرحيات الفصل الواحد أنموذجا) وقد هالني ما قرأت فكتب ما يأتي:
معاينة العنونة،نقديا،غير مقتصرة على سلامتها لغويا حسب، بل دلاليا أيضا،ومع أننا لم نقل بخطأ استخدام مفردة مسرح لغويا إلا أننا أكدنا على الجانب الدلالي،وأشرنا الى أن الباحث خالف (بذلك ثريا كتابه ومفتاح قارئه لمعرفة ما سيقرأ داخل الكتاب)،وذكرنا القارئ بالخطأ نفسه الذي وقعنا فيه بكتابنا (البناء الدرامي) وهذه شجاعة نزعم أنها ضرورية في مثل هذه الكتابات،وبعيدة بقدر كاف عن "الروح الانفعالية والأوهام والاتهامات"،وهي تعني أننا لم نغلق طريق الكتابة عن أخطائنا التي وردت أو ترد في كتاباتنا كلها بلا مقيدات ولا محددات ،ومن دون "ألم أو إزعاج "كذاك الذي شعر به أستاذي الفاضل د.فائق مصطفى وهو القائل أن مقالتنا "فاضت بالروح الانفعالية والأوهام والاتهامات التي لا أساس لها من الصحة".
اعتقد أن د.فائق مصطفى ،وهو يكيل لنا ما يراه بحقنا ،على وفق قاعدة ذكر لفظ الكل الذي يراد منه الجزء ،أراد أن يذكّر القارئ بكل( الاتهامات) و(الأوهام) التي صدرت منا بحق الكتاب كـ(كل) ولكنه اقتصر على رد وتفنيد ما اختص بمقدمته كـ(جزء) حسب ،وهنا أتساءل ألا يحق للقارئ الإطلاع على فحوى التهم الأخرى كي يعرف الى أي مدى وصلت اتهاماتي المزعومة،وما إذا كانت تهما حقا وفعلا؟ لا أطلب من أستاذي الكريم الإجابة ولن اطلبها من الأخ الباحث ولكني أحيلها الى قرائنا من النقاد والباحثين والمتابعين.
أما بخصوص اختلافي في تسمية مسرحيات حنا حبش فليسمح لي أستاذي بهذا التنصيص:
"القس حنا حبش الذي ألف ثلاث كوميديات يعود تاريخها الى عام 1880لاجل ذلك لقب برائد المسرح الحديث في العراق"
لأسال القارئ، ناقدا كان أم باحثا ،كيف يفهم من هذا التنصيص أن تسمية الكوميديات جاءت على وفق ما اختاره حنا حبش لها وهو غير مطلع عليها بسب عدم توفرها له ككتاب مطبوع ورقيا أو رقميا؟ وهل يحتاج الأمر الى معرفة الغيب وسواه لنعرف أن أستاذنا اطلع عليها أم لم يطلع.. من القول يسهل الحكم والمرء ،كما قالت العرب، محكوم بقوله..ومن اجل الدقة أقول إن هذه النصوص الثلاثة للشماس حنا حبش لم يكتب على غلافها ولا على الصفحة الأولى فيها عبارة(ثلاث كوميديات) ويمكن التحقق من هذا بالرجوع الى المخطوطة الأصل في دائرة السينما والمسرح أو الى النسخة المصورة عن الأصل والمنشورة في موقعي الشخصي ليتأكد الجميع من أنني لم ولن أطلق "الأحكام السريعة والاتهامات العشوائية التي تتنافى مع روح الثقافة"
ثم أين السرعة وما مصدر الديموجاطيقية في حكمي على قولك أن" طائفة من النقاد والباحثين المبهورين بالحضارة الغربية لا يرون للمسرح إلا شكله الغربي، لهذا نجدهم ينكرون وجود المسرح في الثقافة الإسلامية القديمة"
ليس دفاعا عن هؤلاء الناكرين ولكن دفاعا عن الدقة والموضوعية أقول كيف تسنى لك الوثوق بوجود مسرح في الثقافة الإسلامية القديمة وأنت خير من يعرف أن الثقافة الإسلامية القديمة لم تتفق مع وجود أي شكل من اشكال التناقض بين إرادة الإنسان وإرادة الله ؟ ثم أليس المسرح قائما على عنصر الصراع الذي لا يمكن أن يوجد بغير التناقض بين الارادات؟ هذه حقيقة شائعة لا امتلكها وحدي فكيف تسنى لك اتهامي بامتلاكها دون غيري؟ ولماذا لا ترد على هذه الموضوعة زاعما أن العصر مختلف الآن وان لكل فئة رأيها وان مثل هذا الحوار قد انتهى؟ لماذا لا تذكر لنا الحقيقة التي تريد إذن لكي لا نتنافى "مع الاسلوب العلمي في النقاش والحوار" وإذا كان دليك على وجود مسرح في الثقافة الاسلامية القديمة قائما على أساس التعريف الذي تؤمن به، وهو تعريف مدرسي، فهل يعني هذا انك قدمت لنا الدليل أو البرهان على وجود المسرح المزعوم وأنني لم اقدم إلا حكما سريعا عليه؟ حسنا لنضع التعريف موضع المعاينة ولنرى ماذا نجد فيه:
[المسرح في أوسع معانيه هو"تقمص شخصيات حقيقية (الممثلين) لشخصيات خيالية أو خرافية (الشخصيات المسرحية) أمام جمهور من النظّارة"]
الحقيقة أننا وجدنا التعريف محفز للأسئلة الآتية:
هل التقمص مقتصر على الشخصيات الخيالية والخرافية فقط ،ولماذا لا يتقمص الممثلون الشخصيات الواقعية على سبيل المثال لا الحصر؟ ماذا عن شخصيات الخيال العلمي؟ ماذا عن شخصيات بيراندللو في المسرح داخل المسرح؟ وماذا عن المسرح البريختي (الملحمي) الذي يعارض (طريقة) ستانسلافسكي القائمة على أساس التقمص؟ هل ينبغي نكرانها جميعا من اجل أن نثبت وجود مسرح في "الثقافة الإسلامية القديمة" حسب؟
جل ما أخشاه ،هنا، أن يعتبر أحد ما أن كل الشخوص خيالية ما دامت ربيبة صنع خيال الكاتب.
وإذا كان لا بد من كلمة أخيرة تقال فأنني أقول بمحبة وتقدير عاليين أنني لم ولن انظر بعين السخط الى أي نص أو نقد سواء أكان للأستاذ الكبير د.فائق مصطفى أو لغيره ودليلي على هذا ما اكتبه ،على الدوام ،من ردود وتعليقات على سائر كتاب مجلة مسرحيون الالكترونية من محترفين وهواة ولا يضيرني رد احد إن كان رده مبنيا على أساس سليم.