المفتاح أخرجت "فرقة بعقوبة للتمثيل" من الطوق
ابراهيم علي محمود
بعد مسرحية ( بهلوان آخر زمان ) قامت فرقة مسرح بعقوبة للتمثيل بتقديم مسرحية المفتاح من تأليف يوسف العاني و إخراج صباح الانباري . والفرقة عانت الكثير حتى تمكنت أخيرا من تذليل العقبات التي اعترضت طريقها وتوصلت الى عرض نتاجها المذكور.تأسست الفرقة في شباط عام 1969 وقد قدمت خلال الفترة من تأسيسها حتى عرضها الحالي سبع مسرحيات وتأتي مسرحية المفتاح لتحتل الرقم 8 في سلسلة أعمالها.إن الواقع الذي تعيشه الفرقة هو جزء من الواقع المسرحي العام في بعقوبة .
وعن هذا الوقع وتشخيصه يتحدث مخرج المسرحية صباح الانباري قائلا : اعتقد أن ليس في الإمكان فصل الواقع عن الحركة المسرحية وليست هناك حركة : من غير واقع ، ولما كان ارتباط الحركة بواقعها عضويا لذا يصعب تحديد الحركة المسرحية في محافظتنا ، فهي حركة : لم تكتسب ملامح متميزة ، وكثيرا ما تخرج عن كونها حركة .. وإذا أردنا الدقة في التعبير فهي ليست بحركة مسرحية قدر ما هي محاولات جريئة لوضع اللبنات الأولى لمسرح ملتزم وجاد.والذي يؤسف له أن الفرق المسرحية آنذاك لم تدرك هذه المهمة التاريخية جسامتها فتفرق الفنانون هنا وهناك وضاع كل شئ فتحطم الطموح وأغلقت الفرق أبوابها.وفرقتنا هي الأخرى أضاعت كل شئ وجفت ينابيعها البكر بعد أن قدمت لجمهورها انضج ثمارها (المهزلة الأرضية).
ولعبت الفنانة رابحة الانباري دور البطولة في المسرحية..ومع أن تجربتها مع المسرح لم تكن طويلة زمنيا إلا أنها عاشت ظروف و معاناة المسرح البعقوبي. وهي تعزو أسباب تأخر المسرح في بعقوبة أو ركود الحركة المسرحية فيها الى انعدام العنصر النسائي ولذا فان رأيها في تشخيص هذه الحركة هو ( كانت الظروف الاجتماعية سببا حالت دون دخول العنصر النسائي الى المسرح واعتلاء خشبته ، وكان الفن المسرحي معرضا لهجوم عقلي متخلف . لذا لم تكن للمسرح في محافظتنا ملامح متميزة،وظل سنوات طويلة يفتقر الى المزيد وكان العنصر النسائي هو أولى التطلعات التي ياملها المسرحيون حيث كانت عائقا هاما في وجه الحركة . لهذا السبب ولأسباب عديدة أخرى لم تولد حركة مسرحية بالمعنى الصحيح . الا ان فرقتنا استطاعت ان تذلل هذه العقبة بالتعاقد مع ممثله مسرحية للعمل معها بأجور وكان هذا سببا آخر من أسباب إرباك ميزانية الفرقة . وأمام هذا الوضع لم نجد سبيلا للتغلب على هذه العقبات إلا بالمشاركة في عمل الفرقة تطوعنا أنا وزميلة لي،وقد منحتنا الفرقة شرف المساهمة في عروضها المسرحية .
من هنا نرى ان العامل المادي كان له اثر لا يستهان به في توقف الفرقة عن العمل إضافة لما كانت تعانيه من عراقيل أخرى.وتوقفت الفرقة فترة من الزمن . ويكمل الانباري مخرج المسرحية هذا الحديث بقوله ( وقد كان لتوقف الفرقة عن العمل خلال السنوات الأربع الأخيرة أثره البالغ على المسرح في محافظتنا.فكان لزاما علينا أن نبدأ من الصفر واضعين نصب أعيننا أن الفرقة هي التي تدون التاريخ المسرحي الحقيقي في المحافظة.وقد استطعنا رغم كل العراقيل والمعوقات ورغم قلة الكادر الفني المتخصص أن نبدأ المسيرة ونضع اللبنة الأولى لحركة مسرحية نعمل على تثبيت أساس صلد لها ومن ثم تطويرها ودفعها بالاتجاه المنشود).
بعد هذا السرد لواقع الحركة المسرحية في بعقوبة من وجهة نظر أعضاء هذه الفرقة لا بد لنا قبل تقييم ونقد مسرحية ( المفتاح ) التي قدمتها الفرقة من 18 ـ 24 كانون الأول 1974 ان نقدر الظروف الخاصة التي مرت بها هذه نستطيع أن نعتبر هذا العرض جيدا قياسا الى تلك الظروف.الممثلون نجحوا في أداء أدوارهم وعكس المعنى المطلوب الى الجمهور. وقد برز مهم الفنان عامر مطر الذي مثل دور ( نوار ).واستطاع بإجادته لدوره في المسرحية جذب انتباه الجمهور الى حقيقة دوره الواعي.وقد مثل الفنان مطر أحد الأدوار الرئيسية الثلاث في المسرحية. يأتي بعده الفنان رباح السعدي صاحب الدور الأول،وهو شخصية(حيران) الرجل البسيط في حياته وعواطفه..ويبحث عن ضمانات لطفله.وهو يأبى ان يستولد زوجته هذا الطفل حتى يحصل على تلك الضمانات.الفنان رباح كان جيدا في أدائه لدور الرجل العادي وقد نجح هو وعامر مطر في رسم الصورة المرادة للصراع بين عقليتين في التفكير وتجسيد العلاقة الأخوية من خلال هذا الصراع.اما رابحة الانباري الممثلة الرئيسية للدور النسائي فكانت مبدعة.امرأة بسيطة تعيش حياة البساطة مع زوجها،لكن همها الأول والأخير هو الطفل. ومن خلال دورها في تمثيل شخصية (حيرة) كان النجاح حليفها.ولا تقل عنها الفنانة نزيهه كاظم العنصر النسائي في المسرحية مصاحبة دور الوصيفة انسجمت مع دورها بشكل جيد ولم تسمح بتطرق البرود الى هذا الدور.وكانت سريعة الانتقال من عاطفة الى عاطفة . بعد هذا يأتي دور الديكور وهو العنصر الأساسي في نجاح أي مسرحية وقد امتاز أيضا بالبساطة وعدم التكلف.وقد قام بتصميمه الممثلون أنفسهم.أما الإنارة فكانت جيدة أيضا رغم أنها لم تكن تمتاز بالسرعة الكافية في الانتقال والتغيير.لكن المؤثرات الصوتية كانت ضعيفة جدا وغير واضحة وكما وصفها أحد المسرحيين ممن حضر العرض أنها كانت شبه معدومة.الألحان انسجمت مع جو المسرحية وأضفت عليها طابعا مميزا وكانت ناجحة خاصة في لحن الأغنية الأولى وهي مقدمة المسرحية،والمقدمة هي إضافة ممتازة من المخرج نجح فيها نجاحا تاما وان كانت رقصة الطفلة مستعارة من رقصة بصرية.
.....................................................
نشرت في :
صحيفة التآخي – العدد الصادر بتاريخ 4/5/ 1957