مرة أخرى تعود فرقة مسرح بعقوبة للتمثيل لتقدم آخر أعمالها وهي مسرحية (البيت الجديد) لنور الدين فارس و إخراج صباح الانباري. لقد مرت فترة غير قصيرة على آخر نتاجات الفرقة وهي مسرحية المفتاح بلغت قرابة عام. وقد تعرضت حالة الركود المسرحي و الثقافي في ديالى الى الكثير من المناقشات وطرحت حولها المقترحات في الصحف ومنها التآخي. لذا فان عودة إحدى الفرقتين المسرحيتين المتواجدتين في بعقوبة الى العمل حدث بارز في هذا المجال.
إن فرقة مسرح بعقوبة كباقي فرق المحافظات تعاني من ظاهرة الأعمال المتقطعة، فليس بإمكانها_ والأسباب كثيرة_ تقديم عروض مستمرة وتثبيت برامج دائمة أو مواسم مسرحية. لذا فان امتداد فترة تسعة أشهر بين تقديم عملين مسرحيين أمر بات طبيعيا.والحالة الثانية التي تلتصق بفرق المحافظات عدم تنظيمها على مستوى الأعضاء.فنادرا جدا أن تكون لفرقة كوادر ثابتة تعمل فيها باستمرارية .
وفي مسرحية (البيت الجديد) التي نحن بصددها كان الممثلون من الوجوه الجديدة.وبهذا الخصوص يتحدث مدير الإنتاج للفرقة قائلا: " إن غياب الممثلين الممارسين والاستعانة بالوجوه الجديدة في المسرحية سمة من سمات فرق المحافظات بسبب عدم تفرغ الكادر المسرحي".
اما مخرج المسرحية فيقول: " حتما كمخرج أعاني من بعض الصعوبات عندما يتعلق الأمر بإسناد الأدوارالى وجوه جديدة.إن الصعوبة تكمن في فهم الممثل لأفكار المخرج وعكس تلك الأفكار الى الجمهور.ومع ذلك فان في هؤلاء المستجدين خامات على درجة عالية من الموهبة والقدرة المسرحية اذكر منهم ممثلة دور (بهيجة) في المسرحية فهي خامة مطواعة وأنا معجب بأدائها.
في الكلمة التي تتصدر بطاقة التقديم للمسرحية اقتبسنا هذه الفقرة (فان العناية الخاصة بالمرأة والانتقال بها الى أوضاع جديدة هي هدف أساس من أهداف عملية التغيير الاجتماعي. ومسرحيتنا هي الجهد المتواضع والمحاولة الهادفة الى تجسيد ما للمرأة من دور فعال و نشيط يمكن أن تؤديه في مجمل هذه العملية).
وسألنا المخرج عن ماهية هذا الربط بين المسرحية و موضوع المرأة. أجاب: إن طرح موضوع المسرحية يختلف عما تقدم سابقا. كانت الأحداث في المسرحية تصور الصراع الطبقي.وبهيجة هي رمز السلطة التي يحاول الكل بلوغها. في حين أننا نحاول هنا تجسيد دور المرأة في سنة المرأة الدولية .
وبعد… أين يقف الممثلون بالنسبة لقدراتهم الفنية وأدائهم المسرحي؟ وكما قلنا فان بعضهم حديث التعامل مع العمل المسرحي ويخوض تجربته الأولى .
رباح السعدي.. كعادته، هادئ.. وبكل ثقة يؤدي الدور.أما الشخصية التي يمثلها فهي (حساني)…إنسان يعرف من أين تؤكل الكتف.حلاوة اللسان ولباقته..وحيلته البارعة في إتمام صفقة يحلم بها مع (شهاب) زوج أم بهيجة.
مصطفى احمد (صبري) اكتسب قدرة وأغنى تجربته من الممارسة السابقة.قابليته الفنية جيدة وهو في صورة العامل المتوجه نحو العمل و الجدية.يداري حبه حتى تلح بهيجة على المكاشفة،فيكشف عن حب دفين وقلب كله نبع وصفاء.
صلاح الجاف.. أداء جيد ومرونة في الحركة. يمثل شخصية (ملا راضي) .. يعيش على تملقه لحساني ومع ذلك لا يمنعه ذلك من التأمل في الوصول الى بهيجة.
محمد قاسم (فريد أفندي). جيد وطبيعي في تمثيله.دوره موظف مغرور ويأمل الزواج من بهيجة أيضا.. لكنه مهزوز الشخصية وسطحي.. وكما يقول المثل (غشيم ونايم على اذانه) .
حيدر عبود(شهاب).. إنسان يعيش على ثروة زوجته ويتطلع الى المتاجرة بعد استنفاد ثروة الزوجة،أداؤه المسرحي دون المستوى المطلوب وبحاجة الى ممارسة وتمرين مستمرين.
لميعة الناشئ (بهيجة).. فعلا أنها خامة ممتازة.تذكرنا بالفنانة نزيهة كاظم في مسرحية (المفتاح). لو وجدت التوجيه والاهتمام المناسب فان طاقاتها الفنية ستتفجر عن ممثلة بارعة.
كريمة الياسري (فخرية) زوجة الأب.. جيدة هي الأخرى،لكنها لا ترتقي الى مستوى زميلتها لميعة، أمامها طريق طويل لتثبت أقدامها على المسرح.
وغير ذلك.. فان الإنارة كانت مناسبة ومواكبة للحدث.. والإكسسوار جيد ومستوف للشروط.. أما المكياج فضعيف نسبيا والمؤثرات الصوتية معدومة. وموسيقى الختام مع الأطفال زائدة عن الحاجة!
…………………………………………………………..
نشرت في :
ـ صحيفة التآخي ـ التاريخ 5/10/1975