تاريخ المسرح وحاضره.. دراسة تطبيقية

المقروء والمنظور من وجهة نظر مسرحية

قراءة: مؤيد داود البصام

   صدر للناقد والكاتب المسرحي الباحث صباح الانباري، كتاب (المقروء والمنظور- تجارب إبداعية محدثة في المسرح العراقي).
يتكون الكتاب من مقدمة وثلاث
ة فصول، في المقدمة يعرف معني (المقروء والمنظور) من وجهة نظر مسرحية، ويلخصها إلي أن، (العملية المسرحية المتكاملة تنبني علي المقروء كأساس لها وعلي المنظور كبناء يشيد علي ذلك الأساس، وما يميزوها هي القدرة الأدائية والجمالية لطرفيها الأساسيين: المقروء والمنظور).
في الفصل الأول وعنوانه (المقروء) يتناول تاريخ المسرح العراقي من خلال قراءة النصوص التي ظهرت منذ عام 1880، بداية المسرح العراقي علي يد الشماس حنا حبش، ويتابع بعدها (تأصيل المسرح العراقي وعصر
نته) عبر قراءات لمسرحيات مؤلفين عراقيين، مسرحية (هارون الرشيد) لمحمد موكري و(الخاتم) لمحي الدين زنكنه، ويتواصل في تحليله لعناصر تطور المسرح العراقي بتناوله الإعمال الملحمية التي قدمها المؤلفون العراقيون، وكذلك الطريقة الحكواتية في المسرح، ليأخذ (التشاخص الدرامي) عبر مسرحية الفنان كريم جثير (الحداد لا يليق بكاليجولا) وكذلك (المكان وحالة الضيق) في مسرحيات الكاتب العراقي جليل القيسي ويلحقها برؤيا استقرائية لعوالم (الجرافات) الدرامية للكاتب المسرحي قاسم مطرود، وينهي الفصل الذي أخذ ثلثي الكتاب بموضوعة (المونودراما وأزمة الشخصية الوحيدة) مسرحية بنيان صالح (منيكان) أنموذجا.

أما الفصل الثاني المعنون(المقروء والمنظور) في مسرحية قاسم مطرود، (للروح نوافذ أخرى)، ويخلص إلي أن "فتح المخرج نوافذ الروح كلها وترك نافذة الأمل مشرعة أمام حركة شخوصه في زمن العرض" أما بالنسبة إلي مسرحية محي الدين زنكنه (العلبة الحجرية). فيقول: " لقد أستطاع المخرج أن يقدم رؤاه للعرض بأدوات كلها تضافرت لإيصال فكرة النص والعرض معا إلي الجمهور".


بين المسرح والرقص

 ويختم كتابه بالفصل الثالث المعنون (المنظور) ليتحدث عن تاريخ (الرقص الدرامي) في المسرح العراقي، ويتناول "إشكالية المصطلح الفني في عرض يأخذ من المسرح بعض صفاته الدرامية ومن الرقص صفاته التعبيرية، ومن البانتومايم صفاته الإيحائية وقدراته الأدائية موحدا ً هذه الصفات وصاهرا ً إياها في بوتقة واحدة هي العرض الجديد الناجز على الخشبة" ويدرس ذلك من خلال مسرحية (المخطوطة اليومية) لمعتز ملاطية لي، ومسرحية (وبعد الطوفان) لطلعت السماوي وكذلك مسرحية (تحت فوق/ فوق تحت) أيضا لطلعت السماوي، ويصل إلي نتيجة مفادها: "عروضه لا تعتبر بأي شكل من الأشكال عروضا مسرحية، كما لا تعتبر رقصا ً مجردا ً، وفقط تجنس على أساس أنها رقص درامي حسب". ثم يتناول (صور إرتحالات الغجر في مسرحية أحدب نيو- نيوتردام) لكريم جثير.

 

النص والعرض

وفي عنوان (سوداوية الأحداث وتشاؤمية الرؤيا في العرض المسرحي) يتناول مسرحية (حمام بغدادي) من وجهتي نظر مخرجين لعمل واحد، فالأول وهو جواد الاسدي المؤلف والمخرج للعرض الأول، وفي الثانية، المسرحية بإخراج كاظم نصار ومن وجهة نظره وحسب رؤاه لنص جواد الأسدي، لينهي الفصل الثالث بالحديث عن، (المجسات الجمالية في عرض النصار نساء في الحرب).تأتي أهمية كتاب صباح الانباري، الذي عرف عنه باحثا ً ومنقبا ً، ومؤلفا ً مسرحيا ً حاز علي جوائز في التأليف المسرحي والمسرحيات، أن هذا الكتاب دراسة نقدية تطبيقية، يستخدم التاريخ لدراسة التحولات، بعيدا عن التنظير المسبق، فيتناول الإعمال من حيث قدرتها على توضيح رؤيا الكاتب للمشاهد عبر الفعل والحركة، ومدي تمتع البناء الدرامي بالمواصفات، وهو بهذا لا يأخذ المناهج ليطبقها قسرا علي رؤية العرض، وإنما يحيل قدرة العرض ووضوحه في أظهار المنهج، باستخدامه القراءة بمستويين مختلفين، "أحدهما تشتغل علي النص والأخرى تشتغل علي العرض" ويستخلص على أن "دور الكلمة دور تأسيسي ودور الفعل دور بنائي".