الباحثة لطيفة خمّان تكتب عن صباح الأنباري

"عاشق المسرح والصمت"


الصمت في المسرح وأثره النقدي.. هذا ما عبّر عنه كتاب الباحثة الجزائرية المتميّزة "لطيفة خمّانتحت عنوان: "عاشق المسرح والصمت: قراءات تستنطق تجربة المبدع صباح الأنباري في المسرح الصامت".


كثيرة هي التجارب التي ارتضت الركون إلى الصمت في إبداعاتها بعيدا عن الكلام، بعدما أضحى هذا الأخير مسلكا لا يجدي النفع الكبير في إبلاغ القضايا الحساسة لاسيما السياسية منها، وكما يقول الشاعر نزار قباني:

" لم يبق عندي ما أقولٌ.

تعب الكلام من الكلام".

من هذا المنطلق كان لكثير من أدباءنا العرب رغبة ملحة في الاتكاء على الصمت وما يتيحه، كالناقد العراقي "صباح الأنباري"، الذي أسس لتجربة إبداعية مسرحية متفردة استهوت العديد من الباحثين للكتابة عنها من نواحي مختلفة.

ويقف كتاب الباحثة والناقدة ابنة الجزائر "لطيفة خمانالموسوم بـ: "عاشق المسرح والصمت قراءات تستنطق تجربة المبدع صباح الأنباري في المسرح الصامت" كدليل على ذلك، إذ يضاف هذا العمل النقدي بدوره إلى دراسات سابقة بدورها تناولت إنتاجاته الإبداعية.

وللإشارة الكتاب صدر عن دار أدليس للنشر بباتنة، هذه الدار التي عنيت بنشر الكثير من الإصدارات المعرفية المختلفة، إذ جمعت فيما تقدمه للقارئ بين تخصصات متنوعة.

ميزة هذا الكتاب أنه كان محفوفا بميزات كثيرة:

- أولها هو الناقد الذي تم انتقاءه كعينة للدراسة " صباح الأنباري"، إذ استطاع هذا الناقد أن يشق طريقا متميزا، جعله يحظى باهتمام منقطع النظير.

- ثانيا هو اهتمامه بالصوامت في المسرح، أي جاء موجها لتيمة محددة في مسرحه، ونكاد نجزم هنا أن هذا الجهد سيختصر الكثير من الطرق أمام الباحثين الذين يبتغون البحث في هذا الموضوع.
-
الأمر الثالث هو أنه كان تحت إشراف قامة لها وزنها النقدي في الوسط الثقافي، الأستاذ الدكتور " أبو الحسن سلام".

الواضح في جل مفاصل الكتاب هو أن الباحثة بذلت جهدا معتبرا، حيث تدرجت مع تلك الدراسات من فترة التسعينيات إلى يومنا هذا، بعدما انتقت دراسات وأبحاث متنوعة، نذكر منها نماذج فقط ودون ترتيب:

- الفنتازيا والترميز في نصي (الالتحام) للأنباري والمدني، لعلي مزاحم عباس.

- دعوة إلى الرؤية بالأذن، لمحي الدين زنكنة.\


-
الصامت والصائت في طقوس صامتة، لمشتاق عبد الهادي.

- قراءة صائتة لطقوس صامتة، لإبراهيم الخياط.

- الكاتب المسرحي والناقد صباح الأنباري. الصمت الناطق، لتحسين علي محمد.

- صباح الأنباري: نفوس معقدة ومسرحيات بسيطة، للدكتور صالح الرزوق.

- قراءة في كتاب الصوامت، للناقد أ.د،. فاضل عبود التميمي

- صامت وصائت: صباح الأنباري وأديب كمال الدين/ قراءة في تجربتهما الإبداعية، للدكتورة. أسماء غريب.
-
وسائط المعاني في قراءة المعاني بين صائت مطر وصوامت الأنباري، للناقد أ. د. أبو الحسن سلام.
-
إشكالية التمثيل الشفري في المسرحيات الصوامت: د. فهد منصور الهاجري... إلخ.

ولا يتوقف الاستدلال على هذه العينات التي امتدت على ما يقرب 348 صفحة، حيث حضرت أسماء نقدية أخرى، مبرزة مقدرة هذا النمط في المسرح، على جذب العديد من الأقلام النقدية، بما في ذلك الباحثة المبدعة "لطيفة خمان" التي عبرت عن مجمل آرائها الفكرية في التقديم الذي ألمت فيه تقريبا بكل الحيثيات المشتغل عليها، وكذلك في الخاتمة، إذ جاءت هذه الأخيرة مركِّزة، ملمة بكل ما جاء في هذا المنجز بلغة نقدية رصينة تتوخى بلوغ المقاصد.