منعم سعيد

 كاتب ومخرج وممثل مايم عراقي*

   عندما شاهد الممثل الفرنسي مارسيل مارسو عرضاً مسرحياً لـ منعم سعيد ،في الثمانينات أثناء زيارته لبغداد في مسرح الرشيد وبعد انتهاء العرض،صافح مارسيل منعم ووضع يده بيد الفنان المسرحي يوسف العاني وقال له.انه مارسيل العراق.

 منعم سعيد المعطر برائحة مارسيل مارسو وجان لوي بارو واميل هو أهم من اشتغل في البانتومايم العراقي.فهو جسد متفرد في فن التمثيل الصامت(البانتومايم) ومؤسس أول. فقد استطاع وبجهد شخصي ان يؤسس فرقة مسرحية اسماها(جماعة الديوانية للتمثيل الصامت ) المنظومة على شخصيات مسرحية معروفة بخصوص هذا الانشغال وهي منعم سعيد، صادق مرزوق(أبو الصديق)،هادي المهدي،خالد ايما،فائز امجد وعبد الله سعيد ،وهذه الفرقة عبارة عن مختبر صغير لتعلم هذا الفن الصعب.والذي يحوي على تدريبات(تمرين) يبتدعها السعيد منعم أو يقتبسها من مناهج أو كراسات أخرى يتم تطويرها وإدخال تعديلات عليها بحيث تناسب أهداف(المختبرالمسرحي)ومن هذه التدريبات تمرين في تعبير الوجه(القناع).التحكم في تمرين عضلات الوجه وبإيقاعات مختلفة،تمرين على أنواع مختلفة من المشي، تمرين لتلين العضلات والعمود الفقري وتمرين في" اليد تضحك الرجل تبكي"ودليل جماعة الديوانية للعرض المسرحي هو،تجاوز الصعوبات التي واجهتهم على طول المسيرة الفنية.فمنذ أكثر من عشر سنوات، وما زالوا يهتمون بفن النخبة (البانتومايم) واقفين بصمت رهيب تصحبه بعض أصوات اللهاث الحاد وطقطقة المفاصل المقصودة عن افكار كثيرة من خلال صمت رهيب قاده الى ان يعزف على أوتار جسده المحترق بلوعة الصمت ليخرج بعروض احتفالية مسرحية صامتة قدمت في أكاديمية ومعهد الفنون الجميلة وفي منتدى المسرح،دائرة السينما والمسرح وباقي المحافظات كذلك في القرى والأرياف..والمحطة الأكثر أهمية في بانتومايم هذا الفنان الديواني  هي تقديمه مسرحية(فصل بلا كلمات. تأليف صاموئيل بيكيت)ضمن أمسية مسرحية ديوانية قدمت عام 1978 على مسرح(الإعلام الداخلي) والتي تحدث فيها عن البانتومايم. فكانت خطوته الأولى عام 1979 في مسرحية(لوحات صامتة)ضمن احتفالية التخرج في معهد الفنون الجميلة/بغداد ومسرحية اسود وابيض وصور ملونة عام 1983 كذلك قدم للفرقة القومية للتمثيل مسرحية صامتة(العزف على أوتار الجسد)  مع الراحل محسن الشيخ الداعي الى ترسيخ هذا النمط الأدائي البليغ الموسوم( بفن البانتومايم)والتي شاركت بمهرجان بابل الدولي وفي عام 1986 قدم مسرحية(النحات يراقب ساعته)في قاعة منتدى المسرح/دائرة السينما والمسرح ولم يكتف هذا الفنان المتألق دوما بـ(الفن الصامت) وإنما أحال الجسد الى حوار وجدل فاستضافة في مسرحية (جثة على الرصيف والحصار والبهلوان والطبيب الطائر)كذلك حاز على جائزة يوم المسرح العالمي(iti)من منظمة اليونسكو العالمية عام 198 كمخرج وعام1993 كممثل ومن ثم توالت العروض المسرحية الصامتة لجماعة الديوانية على هذا المنوال فقدمت مسرحيات(بجماليون والعازف وأسطورة امرأة ديوانية والمسيح يصلب من جديد والسندباد)ومسرحية(اختلاط الذاكرة) تأليف وإخراج خالد ايما  والتي قدمت في مهرجان بغداد الثاني للمسرح العربي 1990.وكان لهذه العروض الصامتة حضور متميز في ذاكرة المسرح العراقي وفي ذاكرة النقد والنقاد.

   منعم سعيد الريادي الأول لفن البانتو مايم العراقي والأستاذ لكل من اشتغل بهذا الجانب.وان جماعة الديوانية للتمثيل الصامت هي الأولى في العراق والثالثة على صعيد الوطن العربي بعد فرقة حميصل المصرية وظاهر القليبي اللبنانية وان فكرة تأسيس هذه الفرقة يعود الى عام 1976 عندما شاهد منعم سعيد مشهدا صامتا لمارسيل مارسو من برامج” عدسة الفن “ فجذبه ذلك الى ان يؤسس فرقة عراقية تأخذ على عاتقها إيصال الفن الصامت للجمهور فكانت جماعة الديوانية النواة الأولى. لكن جل ما يخشاه هذا الفنان الرائع هو انه لم يصل في يوم ما الى المشاهد العربي.لذا تقبلوا اعتذار نبتة صغيرة ما زالت تمد رأسها لتخترق جدارا كونكريتيا.

 

*  سيرة مقتطفة من مقالة نشرت في جريدة الصباح الجديد البغدادية بتاريخ 6 جون 2005 على شكل (رد)  لم نعثر على اسم كاتبه.يرجى إفادتنا في هذا مع الشكر.