شواهد الصمت المروضة

شخوص المسرحية

الرجال الأحياء

الرجل ذو الملابس الحمر

الرجال الموتى – التابعان

الرجل الحي – أبناء الأحياء

الشاب المتمرد

 

         قبل بدء العرض بلحظات نسمع همهمة كورالية أو مارشاً جنائزيا يستمر لبرهة قبل رفع الستارة .. حزمة ضيقة من الضوء تسقط ، تدريجيا ، على كرسي فخم وضع على مدرج في أعلى وسط المسرح ثم تختفي .. حزم صغيرة أخرى ، من الضوء ، تسطع ، تدريجيا أيضاً ، على شواهد قبور وزعت على الخشبة بشكل مدروس ، ثم تختفي … تتناوب الحزم الضوئية بالسطوع والاختفاء بين الكرسي والشواهد .. تتوقف حركة الضوء على درجه شديدة الخفوت .. يظهر من خلف الشواهد رجال أحياء .. يقفون بخشوع وإذلال ثم يستديرون نحو الكرسي .. يظهر الرجل ذو الملابس الحمر جالسا على كرسيه بشموخ وكبرياء لا تليق به .. يقف بخيلاء .. يضرب الهواء بسوطه فترتفع همهمات الكورال ارتفاعا مؤثرا .. ينزل الرجل ذو الملابس الحمر درجة واحدة ، ثم يضرب بسوطه فتمتزج أصوات غير واضحة ولغط شديد مع الهمهمات .. ينزل درجة أخرى ويضرب الهواء بسوطه فيتوقف الضجيج .. يرفع سوطه مهددا مشيرا به إلى مجموعة الأحياء إشارة بانورامية ثم يضرب الهواء بسوطه ثانية وثالثه ورابعة حتى يبدأ الأحياء ضرب الأرض بأقدامهم ضربات رتيبة تتزايد قوة كلما ضرب الرجل ذو الملابس الحمر الأرض أو الهواء بسوطه .. يستمرون في ضرب الأرض بينما يغفو الرجل ذو الملابس الحمر ، على كرسيه ، هانئاً .. تتعالى موسيقى طقسية أو موسيقى رعب بينما تخفت ضربات الأقدام شيئا فشيئا .. يتطاير ، من عند كل شاهدة ، دخان كثيف .. ينهض الموتى الراقدون عند شواهدهم .. يؤدون حركات النشور والانبعاث والنهوض من الموت .. يتمايلون .. يترنحون .. يتألمون ثم ينفضون عنهم تراب الموت .. يقف كل ميت بملابسه البيض ، وبالأحرى بكفنه مقابل الرجل الحي الذي يقف عند شاهدته .. يطأطىء الرجال الأحياء رؤوسهم .. يشيرون إلى الرجل ذي الملابس الحمر .. يبركون على الأرض .. يخفضون أيديهم واجمين منكسرين مندحرين .. يتحرك الأموات باضطراب .. يدورون حول الأحياء ثم يتوقفون .. يتقدم أحد الموتى نحو الرجل ذي الملابس الحمر وعند الدرجة الأولى للمرتفع يصطدم بجدار وهمي فيرتد خائبا .. يضحك الرجل ساخرا .. يتقدم ميت آخر وآخر ثم يتقدم الموتى دفعة واحدة يصطدمون بالجدار نفسه فيرتدون خائبين .. يرمقون الأحياء بنظرة قاسية مزدرية ويعودون إلى قبورهم فيتمدد كل منهم قرب شاهدته بشكل طقوسي مثير للحزن .. ضربة صنج .. يقف الرجل ذو الملابس الحمر بزهو وانتصار يضرب الهواء بسوطه مرة أخرى .. تبدأ مجموعة الأحياء ضرب الأرض بأقدامها كما في المرة الأولى .. يزداد الضرب قوة كلما ضرب الرجل ذو الملابس الحمر الهواء بسوطه .. يستمرون في الضرب .. يغفو الرجل ذو الملابس الحمر على كرسيه .. يزداد الضرب فينهض الأموات .. يخلع كل منهم قطعة من كفنه ويرميها نحو الرجل الذي يقف عند شاهدته .. يمسك الأحياء بقطع الأموات .. يحاولون سحبهم بلا جدوى .. يلفون القطع على أجسادهم ويسحبون بلا جدوى .. يفلت الموتى قطعهم من أيديهم .. يضمها الأحياء إلى صدورهم .. يتقدم احدهم نحو الرجل ذي الملابس الحمر .. يرمي قطعة الكفن على رأسه ومثله يفعل الآخرون ثم ينسحبون ليقف كل منهم قرب شاهدة من شواهد القبور .. يستيقظ الرجل ذو الملابس الحمر .. يتحرك بصعوبة أول الأمر كأنه يقاوم قوى سحرية غريبة .. يتحرك بغضب .. يتمكن من السيطرة على تلك القوى السحرية .. ينهض فيجفل الأحياء .. يزيح من على رأسه قطع الأكفان .. يضرب بسوطه الهواء .. يدخل اثنان من أتباعه .. أحدهما من يسار المسرح والآخر من يمينه .. يحمل كل منهما وعاء يضعه ، باحترام جم ، تحت قدم الرجل ذي الملابس الحمر .. يتناول الرجل قطع الأكفان قطعة قطعة ويرميها في الوعاءين بسخرية وازدراء .. تسود الأحياء دهشة كبيرة و تعجب من فعلته التي لم تؤدِ إلى قلب وضعه رأسا على عقب .. يرفع الرجلان التابعان الوعاءين بينما يتصاعد الدخان من الوعاءين كثيفا جدا .. يدوران بالوعاءين حول الأحياء ثم يخرجان كل من الجهة التي أقبل منها .. يضرب الرجل الهواء بسوطه .. يتحرك الأحياء بذعر حركة مضطربة .. لا يفهمون ما يرمي إليه فيضرب مرة أخرى وأخرى حتى ينحني له الجميع ويركعون ثم يسيرون على الأربع فيتوقف الرجل عن الضرب .. يدخل الرجلان التابعان وهما  الرجلان نفسهما  اللذين دخلا قبل قليل يقفان على أول المرتفع ويشيران إلى اثنين من الأحياء فيقتربان وهما يسيران على الأربع كالدواب .. يركبان فوقهما .. يدوران بهما ثم يعودان إلى مكانهما وهكذا يتقدم الآخرون لينفذوا هذه الحركة إلا واحداً يراه الرجل ذو الملابس الحمر فيقف غاضبا ضاربا الهواء بسوطه مرة أخرى دون أن ينفذ له الرجل الحي ما يريد منه .. ينزل من عليائه .. يضم الرجل الحي كفيه إلى بعضهما ويرفعهما إلى الأعلى كما لو كان معلقا بحبل .. يضربه الرجل ذو الملابس الحمر عدة ضربات حتى يفقده السيطرة على ساقيه فيترنح بألم لكنه قبل أن يسقط أرضا يتماسك ويعود إلى وقفته بشموخ وإباء يبتسم ساخرا من الرجل ذي الملابس الحمر الذي أخذ منه الغضب كل مأخذ وهو يلوح بالسوط ، مرة أخرى ، مهددا .. يضرب الهواء أولا فيرفع الرجل ذراعيه إلى الأعلى كما في المرة الأولى ثم يصليه ذو الملابس الحمر بعدة ضربات حتى يجعل رأسه تتدلى على جذعه فتهبط ذراعاه ويترنح قليلا قبل أن يسقط فاقدا وعيه .. يصعد ذو الملابس الحمر إلى كرسيه .. يتقدم الرجلان فيسكبان وعاءين من الماء عليه حتى يفيق .. يجلس .. يتحسس جسمه .. يقف بإصرار .. يقف الرجل ذو الملابس الحمر واثقا من ارغامه على فعل ما يريد .. يضرب الهواء بسوطه مرة أخرى بينما يظل الرجل الحي واقفا بشموخ .. يحار الرجل ذو الملابس الحمر بإعطاء ردة فعل تتناسب والموقف الصعب .. يقرر ، أخيرا ، أن يدس يده تحت ملابسه ويسحب مسدسا يصوب فوهته إلى الرجل الحي بضع ثوان قبل أن يطلق عدة طلقات .. يسقط الرجل الحي ميتا .. يتقدم التابعان .. يضعانه على ظهري اثنين من الرجال الدواب ويسوقانهما إلى خارج المسرح .. الأحياء ينظرون إلى الرجل ذي الملابس الحمر صاغرين وهم ما زالوا على الأربع .. يضرب الرجل الهواء بسوطه فينسحبوا إلى ما وراء الكواليس .. يظل الرجل وحده .. يدور حول كرسيه بزهو .. يتقدم نحو جمهور  النظارة .. يقف عند حافة المسرح .. يركز بصره على الجالسين في الصف الأمامي لصالة العرض .. يؤدي حركات بهلوانيه توحي بالتهديد .. يحاول إخافتهم فعلا .. يضرب السوط باتجاههم عدة مرات .. يتوقف .. يبتسم بدعابة فجة ثم ينسحب إلى كرسيه .. يدور حوله مرتين بحركات شيطانية ثم يضرب الهواء بسوطه فتدخل مجموعة الأحياء وهي تمشي على الأربع يصحبها أبناؤها وهم في مقتبل العمر شبابا وصبية يافعين .. ينزل درجة واحدة يضرب بسوطه فيدور الشباب والصبية حول الكبار ، إلا واحدا ، دورة كاملة وهم يرفعون أيديهم بحركات مهددة .. ينقضون عليهم ويأخذون بخناقهم حتى يموت الأحياء كلهم ويتمددون قرب الأموات .. موسيقى .. يرقص الشباب بخيلاء وزهو وابتهاج بفعلتهم وعلى إثر ضربة سوط .. يبدأ الشباب ضرب الأرض بأقدامهم بإيقاع مشابه لإيقاع مجموعة الأحياء السابقة .. ضربة سوط أخرى يزداد الضرب بينما يغفو الرجل ذو الملابس الحمر على كرسيه .. تعلو الموسيقى ويخفت إيقاع الضرب ويتصاعد من الشواهد دخان مضطرب الحركة .. ينهض الأموات السابقون واللاحقون .. يترنحون على المسرح باضطراب وبوحشية يطاردون الشباب والصبية مذعورين خائفين يستيقظ الرجل ذو الملابس الحمر .. يضرب الهواء بسوطه مرتين فيضطرب الأموات .. يتوقفون .. لا تكاد أرجلهم تقوى على حملهم لضعفها ورجفانها .. يستعيد الشباب رباطة جأشهم فينقضون على الأموات ويشبعونهم ضربا ورفسا ويجبرونهم على العودة إلى موتهم مرة أخرى .. ضربة سوط .. يركع الجميع .. ضربة أخرى .. يسيرون على الأربع إلا واحدا وهو نفس الواحد الذي تنحى جانبا ولم ينفذ أمر الرجل ذي الملابس الحمر .. يفاجأ به الرجل ذو الملابس الحمر .. ضربة .. سوط .. ينسحب الجميع إلى خارج المسرح .. ينزل الرجل درجة .. درجتين .. يضرب الهواء بسوطه .. يدخل التابعان .. يحمل كل منهما بندقية آلية .. يقفان إلى جانبي الرجل ثم يتقدم الثلاثة نحو الشاب المتمرد .. يشهر الرجل ذو الملابس الحمر مسدسه في وجه الشاب فيهرب نحو جمهور النظارة ويختفي بينهم .. يستمر الثلاثة بالتقدم حتى حافة المسرح الأمامية .. يصوب الرجل ذو الملابس الحمر مسدسه نحو جمهور النظارة ..يطلق طلقه واحدة فينهال التابعان على جمهور النظارة بوابل من نيرانهم حتى تطفأ الأضواء ، ويسدل الستار على المسرح .

 بعقوبة 1999

   نشرت في مجلة (( ضفاف )) في النمسا العدد ( 6 ) شباط ( 2001 )