متوالية الدم الصماء*

الشخصيات

1 ـ الشاب الأول

2 ـ الكاهن

3 ـ الرجل ذو التاج

4 ـ مجاميع من الرجال والنساء

         تطفأ الأضواء .. وعندما يضاء المسرح نرى جانبا من جوانب معبد مشيد على الطراز السومري القديم وجزءا من سور ضخم ومدرج عال في وسط المسرح شيد على شكل زقورة .. الكاهن يقف على عتبة المعبد المرتفعة نسبيا .. بينما ينتشر الناس . وهم يرتدون الزي السومري، بتشكيلات على خشبة المسرح .. همهمة كورالية .. يرفع الكاهن ذراعيه الى الأعلى فيخر الناس سجودا وهم يهمهمون .. يكرر الحركة ، عدة مرات ، بأسلوب كهنوتي قبل أن يصم آذان الجميع صوت هدير يشبه ، الى حد ما ، ضجيج طائرة فضائية .. يرفعون رؤوسهم في آن واحد .. ينظرون الى السماء .. يشيرون الى الأعلى .. الصوت يقترب أكثر فأكثر يرتسم الخوف على وجوههم .. يهربون خلف الكاهن الى داخل المعبد ويغلقون بوابته .. يبرق الضوء ثم يسطع بأشعة شديدة التوهج .. يتطاير الغبار ويهتز المسرح جراء ارتطام جسم ثقيل بأرضيته .. يبدأ الصوت بالخفوت تدريجيا .. تفتح بوابة المعبد بحذر .. يطل من فتحة الباب رأس الشاب الأول .. يخرج إذ يرى شيئا منعه من الخروج ، وهو يأتزر جلد حيوان مفترس .. يرتقي الزقورة بخفة ..يشير على رفاقه بالخروج .. يكونون تشكيلة على مدرج الزقورة شبيهة بحضيرة من الجند متأهبة للقتال على خط الشروع .. ينظر الشاب الأول في الاتجاهات الأربعة .. يتوقف عند جهة الغرب ..يشير بإصبعه الى الاتجاه ذاته ..  يهرول نازلا من الزقورة الى خارج المسرح .. يتبعه بقية الشباب .. موسيقى تشبه صفير أجهزة الاتصالات اللاسلكية.. يهبط من فضاء المسرح ثلاثة رجال يرتدون زيا ،يشبه الى حد ما زي رجال الفضاء المعاصرين.. يتجمعون في  نقطة واحدة أمام الزقورة .. يخفون رؤوسهم في أحضان بعضهم .. يكونون كتلة ليس لها شكل محدد .. يدخل الشباب .. يقومون بحركات راقصة نزقة ، تدل على الغرور والقوة واللامبالاة والمباهاة ، على إيقاع الطبول .. يخرج الرجال الثلاثة رؤوسهم .. يتوقف الشباب عن الرقص ببطء وقد اعترتهم الدهشة والاستغراب والخوف .. يسلط الرجال الثلاثة على شلة الشباب إشعاعات قوية تجعلهم يتوقفون عن الحركة كما لو كانوا تماثيل حجرية .. تهبط من فضاء المسرح سبعة أعمدة بإيقاع منغم للطبول الصغيرة والكبيرة .. تستقر الأعمدة على خشبة المسرح .. يمسك الرجال الثلاثة بالشباب ويوثقونهم على تلك الأعمدة .. يهبط من فضاء المسرح رجل ضخم عملاق .. يوثقونه على العمود السابع .. يربطون أذرعهم بأنابيب نقل الدم ربطا متواليا .. يبدءون بالنقل من الذراع الأيسر للعملاق الى الذراع الأيمن للشاب الأول .. ومن الذراع الأيسر للشاب الأول الى الذراع الأيمن للشاب الثاني فالثالث والرابع والخامس والسادس حتى تقفل دائرة النقل على الذراع الأيمن للرجل العملاق .. أحد الرجال الثلاثة يضع على رأس العملاق قبعة معدنية غريبة الشكل هي عبارة عن جهاز غريب يصدر صوتا ، مسموعا شبيها بالصفير ، حالما تبدأ عملية النقل المتوالي للدم .. أحد الثلاثة يعطي إشارة بدء العملية .. آخر يسلط على الشباب ، بعد اكتمال النقل ، من يده شعاعا يجعلهم يستقيمون واحدا واحدا إلا الشاب الأول وقد صار الشبه بينهم وبين العملاق كبيرا . يحلون وثاقهم واحدا واحدا .. ترفع الأعمدة الى فضاء المسرح .. تهبط من الأعلى رافعة آلية مربعة الشكل .. يتجمع الكل عليها باستثناء الشاب الأول .. ترتفع الرافعة الى الأعلى وتختفي في فضاء المسرح .. تفتح .. بوابة المعبد ويطل من فتحتها رأس الكاهن .. ينظر الكاهن الى الشاب الأول والى بقية الرجال وهم يرتفعون في فضاء المسرح .. يفتح البوابة على مصراعيها .. يخرج الناس بحذر وخوف .. يتجمعون أمام بوابة المعبد .. يرفع الكاهن ذراعيه كما في المرة الأولى فيخر الناس سجودا .. يبدأ الصوت بالارتفاع شيئا فشيئا  .. يشتد .. يتوهج الضوء ثم يبدأ بالاختفاء تدريجيا .. الكاهن يشير الى السماء ثم الى الشاب الأول .. يتجمع الناس من حوله باندهاش .. يسيرون من أمامه سيرا جنائزيا على إيقاع الطبول ظنا منهم انه مات .. وحالما يبدأ بالإفاقة والحركة يصابون بالدهشة .. يقفون بتشكيلات تلائم طبيعة حالتهم .. يتقدم الكاهن ليقف الى جانبه وليساعده على النهوض .. يقف فيبدو أكثر تماسكا وصلابة من قبل .. عضلاته كعضلات العملاق وطوله كطوله .. يتحسسه الكاهن باهتمام .. يمسك بذراعه ويأخذه الى أعلى الزقورة .. يشير الكاهن الى اثنين من عامة الناس .. يصنعان من جسميهما مقعدا له .. يجلس الشاب الأول على المقعد البشري .. يتناول الكاهن تاجا من الآس .. يضعه على رأس الشاب الأول .. ضربات على الطبول مستمرة ومتعاقبة بإيقاع رتيب .. تتوقف فجأة .. يدخل الى المسرح رجل يضع على رأسه تاجا بقرنين كبيرين من الذهب المرصع بالآليء .. تتبعه وتحيط به زمرة من الأبطال .. يتفرق الناس عنهم بخوف فاسحين أمامهم الطريق الى الزقورة .. الرجل ذو التاج يشير على الكاهن بالتوقف .. يصعد الى قمة الزقورة .. يمسك الشاب الأول .. بسخرية وهو يشير الى مجموعة الأبطال .. الشاب الأول يبعد يده بعنف ويبدأ بالنزول درجة درجة .. الناس يبتعدون الى أطراف المسرح بينما يتجمع الأبطال في وقفة تهيؤ وتحفز للمصارعة .. يتقدم المصارع الأول فيصرعه الشاب الأول .. يتقدم الثاني فيصرعه يتقدم الثالث والرابع والخامس والسادس والسابع معا فيصرعهم جميعا .. يركعون أمامه منكسي الرؤوس .. يصعد الشاب الأول الى أعلى الزقورة .. يحاول الإمساك بالرجل ذي التاج لكن الكاهن يمنعه .. يشير على الأبطال بالوقوف فيقفون .. ينضمون الى الشاب الأول .. يظل ذو التاج باركا على الأرض .. الكاهن يخلع التاج من على رأس الرجل ذي التاج ويضعه على رأس الشاب الأول .. يرفع الكاهن ذراعيه .. يتقدم اثنان من الأبطال يمسكان بالرجل ذي التاج ويجرانه الى خارج المسرح .

* *

الشاب الأول ، وحيدا على خشبة المسرح .. يرقص مبتهجا على إيقاع الطبول وإذ ينتهي يصفق بيديه .. يدخل الخدم وهم يحملون على أوان كبيرة ذهبية أنواعا مختلفة من الطعام والشراب .. تدخل خلفهم مجموعة راقصات المعبد تتقدمهن عروس وعروسها .. يجلس العريس وعروسه أسفل الزقورة .. تؤدي راقصات المعبد رقصة طقوسية قديمة بينما يتناول الشاب الأول غذاءه بنهم وشراهة .. ينتهي من الطعام .. تتوقف راقصات المعبد عن الحركة .. يشير لهن بالخروج .. ينحنين وينسحبن الى خارج المسرح .. يشير للعروس بالبقاء .. يسحبها العريس .. ينزل الشاب الأول من على الزقورة .. يحاول العريس حماية عروسه لكن الشاب الأول من على الزقورة .. يحاول العريس حماية عروسه لكن الشاب الأول يلقي به خارج المسرح .. تهرب العروس الى أعلى الزقورة ..يتبعها .. تطفأ الأضواء ما عدا السايك الذي يظهر عليه شجا العروس والشاب الأول وهو يهاجمها في محاولة للامساك بها .. وإذ يتمكن منها تتسارع ضربات الطبول شيئا فشيئا مع صرخات العروس وتأوهاتها ثم تخمد الطبول شيئا فشيئا مع خفوت صرخات العروس أو مع الصرخة الأخيرة لها .. يظلم المسرح ..

* *

 

مجاميع من الناس ينتظمون في تشكيلات موزعة على الخشبة .. أنظارهم متجهة الى أعلى الزقورة حيث يجلس الشاب الأول .. وإذ يقف يبرك الجميع .. ينزل من على الزقورة ..ولا يضع يده على كتف أحد الشاب فان الأخير يأخذ مكانه على الزقورة بطريقة مدروسة .. وعندما ينتهي من اختيار بقية الشباب يكون الكل قد شكل كتلة بشرية شبه هرمية .. يصعد الشاب الأول ليكون على راس الهرم البشري .. يشير بيده صوب الخارج .. الكتلة البشرية كلها شبيهة بنصب تذكاري لمحة قديمة .. تهب عاصفة وهم يقاومون العاصفة ويظهرون ما انتهاء العاصفة .. يدخل الى المسرح عدد من الشيوخ .. ينحنون للشاب الأول .. يظلون على انحنائهم حتى ينزل الشاب الأول من على الزقورة .. الشباب يفسحون له الطريق بشكل يدل على الهيبة .. الشاب الأول يستعرض الشيوخ ، يرفع راس أحدهم فيهبط حبل مشنقة من فضاء المسرح .. يتقدم اثنان من الشباب .. يضعان الحبل حول رقبة العجوز .. تهبط أعداد كبيرة من المشانق .. توضع حول رقاب الشيوخ .. يصفق الشاب الأول .. تصفيقا رتيبا ، بطيئا ، أول الآمر ، ثم سرعان ما يزداد سرعة .. ومع الصفقة الأخيرة العالية تسحب الحبال الى الأعلى ويختفي الشيوخ في فضاء المسرح .. يتحول التصفيق الرتيب الى تصفيق منغم .. يرقص الشباب على إيقاع التصفيق رقصا سريعا وعنيفا .. يخرجون الواحد تلو الآخر ثم يعودون الى المسرح وكل منهم قد اصطحب معه شابة جميلة يراقصها .. ضربة قوية .. يتوقف الجميع عن الرقص يسمعون صوت هدير كما في المرة الأولى ، يقترب شيئا فشيئا .. يهرب الجميع الى داخل المعبد ويغلقون البوابة عليهم .. الشاب الأول يظل في مكانه يراقب السماء وكان شيئا  ما ينزل منها الى الأسفل ، وكما في المرة الأولى ، نحس بارتطام جسم ثقيل جدا على الأرض ثم يبدأ الصوت بالخفوت .. يهبط من فضاء المسرح رجلان يشبهان رجال الفضاء المعاصرين . يهم الشاب الأول بمهاجمتهما لكنهما يصوبان عليه شعاعا يشل حركته .. تهبط من فضاء المسرح رافعة آلية مربعة الشكل .. يضعانه عليها .. ترتفع الرافعة به شيئا فشيئا وكذلك بالرجلين حتى يختفي الجميع في فضاء المسرح وتنزل الستارة .

* *

* إشارة ..

ـــــــ

نشرت في جريدة الثورة العراقية ـ العدد 8803 في 27/ 8 / 1995 م