حدث منذ الأزل

الشخصيات

1ـ الرجل

2 ـ المرأة

3 ـ الشابة الجميلة

4 ـ الشابة القبيحة

5 ـ الشاب الأول

6ـ الشاب الثاني

7ـ مجاميع من الجنود

      تطفأ الأضواء  برهة ثم تبرق بريقا ساطعا متزامنا مع هدير الموسيقى وصخبها الذي يتحول شيئا فشيئا الى صفير يشبه صفير العاصفة .. وميض الصاعقة يرسم له شكلا محددا على خلفية المسرح .. تضاء الخشبة ، تدريجيا ، إضاءة رأسية مركزة في دوائر ثلاث .. تضاء الخشبة ، وتدريجيا يتحول الصفير الى قداس مهيب .. تهبط من فضاء المسرح ثلاث تفاحات إحداهن كبيرة جدا .. تستقر في منطقتي وسط اليسار ووسط اليمين .. تمتزج مع القداس أصوات غريبة ، غير مألوفة ، منددة ومهددة .. تفتح في جانبي التفاحة الكبيرة،الى الأعلى،بوابتان..من خلالهما يقذف بالرجل .. وكذلك بالمرأة ، الى خارجها ، بعنف وقسوة لكنهما يعودان الى داخل التفاحة ثانية وثانية يقذفان الى خارجها .. يتوقف الرجل عن الحركة وكذلك المرأة .. يلتفتان الى بعضهما .. يقفان .. يتحركان نحو أعلى وسط الخشبة .. يلتقيان خلف التفاحة الكبيرة .. يصغيان الى موسيقاهما الداخلية .. تجلس المرأة فيختفي جسمها خلف التفاحة .. تنهض ثانية .. تمسك بالرجل .. تسحبه الى الأسفل فيختفيان .. ينهض الرجل ولكنها تسحبه اليها بخفر وإثارة .. ترتعش دائرة الضوء الأحمر ، التي تضم التفاحة ببطء ، أول الأمر ، ثم تزداد سرعتها شيئا فشيئا .. تمتزج الموسيقى بأصوات تنهدات وتأوهات .. تزداد رعشة الضوء أكثر فأكثر حتى يخبو الجميع .. بعد صمت قصير .. تنطلق زاحفة ، من خلف التفاحة ، نحو اليسار ، شابة جميلة الوجه .. رشيقة القوام .. في الوقت ذاته تنطلق ، زاحفة ، نحو اليمين ، شابة دميمة الخلقة .. مشوهة القوام تتوقفان قليلا .. تمشيان ، على الأربع ، بضع خطوات .. ثم على اثنتين .. تجلسان على التفاحتين الصغيرتين .. يتبعانهما شابان .. يؤديان نفس حركاتهما ، وإذ يفرغان يقف الأول خلف الشابة الجميلة .. ويقف الثاني خلف الشابة القبيحة .. ينظر كل منهما الى امرأة الآخر .. ينبهر الشاب الثاني بجمال   الشابة الأولى فيتقدم نحوها .. يمسك ذراعها .. يحاول سحبها اليه فيعترض الشاب الأول .. يتدافعان .. يتماسكان .. يتصارعان .. يتغلب الثاني على الأول فيطرحه أرضا .. يمسك بالشابة الجميلة ويجرها الى داخل التفاحة .. يخرج ليصطحب الأخرى الى داخل التفاحة أيضا .. تنغلق البوابتان وتطفأ الأضواء .

 * *

 تفتح الأضواء تدريجيا .. وتدريجيا يرتفع الشاب الثاني من باطن التفاحة ويستقر عليها كما لو كان تمثالا لمحارب من القرون الوسطى . الشاب الأول .. يرفع رأسه .. يرى الى الحديقة الغناء التي من حوله يفاجأ .. ينهض .. يتجول .. يبحث عن شيء مفقود .. يهتدي الى شجرة باسقة .. ينجذب اليها .. يدور حولها .. تستدير الشجرة أو المرأة الشجرة فتمسكه .. يرقصان معا رقصة الشجرة والحب .. يغير الشاب الثاني وقفته .. يغرز سيفه في بدن التفاحة بخفة ورشاقة .. تختفي الأشجار والزهور .. يغير الشاب الثاني وقفته مرة أخرى .. تسدل الستارة الأمامية عندما يكون الشاب الأول تحتها مباشرة .. تتوقف الستارة عن النزول وهي على ارتفاع أقدام ثلاث .. ينضغط الشاب الأول تحت حافة الستارة ويظل منبطحا على الأرض حتى نهاية المشهد .. يقفز الشاب الثاني أمام التفاحة .. تتعالى أصوات الطبول .. مارش عسكري .. يدخل من يسار المسرح ويمينه ، فصيل من المحاربين .. أرجلهم .. فقط ، هي التي يستطيع جمهور النظارة ان يراها .. يؤدون  حركات استعراضية حول الشاب الأول ثم يشكلون حوله قوسا كبيرا .. ينظر الشاب الأول الى مجموعة الأرجل باستغراب ودهشة .. تناديه القدم الأولى بحركة رشيقة فيقترب منها .. تشير عليه بالوقوف .. وما ان يرفع جسمه قليلا حتى تبادره برفسة قوية تجعله يتدحرج على الخشبة ، بعيدا عنها  .. أصوات الطبول تستمر .. قدم أخرى تشير له بالاقتراب منها فيفعل .. ترفسه هي الأخرى .. يتدحرج  بعيدا عنها .. يقترب من أخرى لكن الأخرى تشير له بالنفي ثم بالتوجه الى غيرها .. يقترب من غيرها فتشير الأخيرة بالنفي أيضا والتوجه الى غيرها .. لا يعرف بالضبط أيهما يختار .. تتقدم من يده .. ترفسه رفسة قوية .. تتقدم منه قدم رشيقة .. تقدم نفسها له.. يصافحها..تخلص نفسها من يده ثم ترفسه رفسة قوية .. تتقدم منه قدم رشيقة .. تقدم نفسها له .. ولكنها لا ترضى بمصافحته .. تشير عليه بالاقتراب من أقدام الشاب الثاني .. مجموعة الأرجل تتشكل على هيئة صفين متقاربين يكون الشاب الأول في أسفل الصف والشاب الثاني في أعلى الصف .. تتقدم منه الأقدام الرشيقة .. تشير الى الشاب الثاني .. يتحرك معها ، زحفا ، بين الصفين .. يصل الى الرجل الثاني .. صاحبا السيقان الرشيقة يسجدان .. يقبلان قدمي الشاب الثاني ثم ينهضان .. يشيران على الأول أن يفعل مثلهما لكنه يبعد قدم الثاني بشموخ وكبرياء .. تقترب من فمه فيبصق عليها تتغير مع البصقة شكل التشكيلة التي تكونها السيقان والأقدام .. حركات سريعة ورشيقة مع ضربات الطبول تشكل بمجموعها حالة الصراع غير المتكافئ بين الشاب الأول كطرف ومجموعة الأقدام كطرف آخر .. الأقدام تحيط بالأول .. ترفع الى أعلى لترفس ، في آن واحد ، جسد الأول .. تطفأ           

* *

 ترفع الستارة .. يضاء المسرح إضاءة خافتة .. تسدل ، على المنظر ، ستارة من قماش الدانتيلا .. الشاب الأول ما يزال ممددا في مكانه والى جانبه الشابة الأولى .. يرفعان رأسيهما .. يتبادلان النظرات .. يبتسمان .. ينهضان .. يتماسكان .. يرقصان .. تتغير ألوان الإضاءة مع كل حركة جديدة من حركات الباليه .. تتغير ألوان الإضاءة مع كل حركة جديدة من حركات الباليه .. تنمو الزهور .. يجلس كل منهما على تفاحة صغيرة .. ترتفع التفاحتان بهما الى الأعلى .. وفي الوقت ذاته ترتفع ستارة الدانتيلا أيضا .. يختفي الجميع في فضاء المسرح .. موسيقى صاخبة تتخللها أصوات غريبة تتزامن مع اضطراب الأضواء على المسرح وزئير كائنات غريبة غاية في الوحشية .. يهبط الشاب الأول الى الخشبة بواسطة الحبل الذي أنزلت بواسطته التفاحة الكبيرة .. يتبعه الشاب الثاني .. يتأهبان للصراع .. يمسك كل  منهما بتلابيب الآخر .. يتغلب الشاب الأول على الشاب الثاني .. فيطرحه أرضا .. وقبل أن ينقض عليه تدخل المجموعة لتشكل سورا حوله .. ينهض الثاني .. يتفرق عنه الجميع بتشكيلات تحتل غالبية المساحة المتبقية على الخشبة يتقدم اثنان ، من أفراد المجموعة ، يمسكان ذراعي الأول .. يقودانه الى التفاحة الكبيرة .. يشدان ذراعيه الى جانبيها بقوة .. يصعد الثاني على ظهر التفاحة .. يضع إحدى قدميه على رأس الأول .. وبحركات رشيقة يتقدم كل فرد من أفراد المجموعة ليوجه صفعة قوية اليه ثم ينسحب الى خارج المسرح .. يطلق الاثنان ذراعيه فيسقط مغميا عليه .. تطفأ الأضواء .

 * *

 تفتح الأضواء .. الشاب الثاني ، و هو يرتدي ملابس خليفة من القرن العاشر الهجري ، يجلس أمام التفاحة الكبيرة على عرش يشكل قوائمه عدد من أفراد المجموعة .. تبدو التفاحة كأنها خلفية أو مسند للعرش .. الشاب الثاني يعطي الإشارة فتفتح البوابتان .. تعزف الموسيقى .. تنسل الراقصات من البوابتين وكذلك أفراد حاشيته .. يأخذ كل فرد من الحاشية مكانه تحت العرش .. الشابة الأولى والشابة الثانية تجلسان عن قدمي الشاب الثاني .. تؤدي الراقصات رقصة ( الملك والمجون ) .. نسمع من خارج المسرح ضربة صنج مدوية .. يتوقف الجميع .. تنسحب الراقصات والحاشية .. يقف الملك صامتا للحظات ثم يسوق الشابتين الى داخل التفاحة الكبيرة .. تنغلق البوابتان .. ترتفع التفاحة الى الأعلى وتظل معلقة في فضاء المسرح .. تخطر للشاب الثاني فكرة يسارع الى تنفيذها خارج الخشبة .. تطفأ الأضواء .. وعندما تفتح ثانية نرى بعضا من أفراد المجموعة مكبلين وممددين على خشبة المسرح مارش عسكري .. يدخل فصيل من الجنود وهم يرتدون بدلات الحرب ويعتمرون الخوذ الفولاذية .. ينهض أفراد المجموعة .. يصطف الجنود على شكل نسق في مواجهة جمهور النظارة .. ضربة قوية على الطبل .. ينظر واحد من أفراد المجموعة الى الجنود .. يقف أمام الجندي الأول .. ضربة طبل أخرى .. يخلع الجندي الأول خوذته ويضعها على رأس ذلك الفرد .. ضربة أخرى وأخرى وأخرى ..تشكل المجموعة صفا جديدا أمام صف الجنود .. وبالطريقة نفسها يضع كل جندي خوذته على رأس الشخص الذي أمامه .. مارش مسير .. يتقدم الكل الى أمام .. ضربة على الطبل .. يستدير الكل الى الوراء .. ضربات سريعة على الطبل .. يهرول الجميع .. ينتظمون في تشكيلات استعراضية مدروسة ثم يتوقفون .. صوت البوق يبشر بقدوم الشاب الثاني .. يسود الصمت خشبة المسرح .. ومن عمق الخشبة يظهر الشاب الثاني ، وهو يرتدي بزة عسكرية حديثة ، يسير بخطى واثقة الى وسط الخشبة .. يفتش صفوف الجنود وهو يحدق في وجوههم وجها وجها .. يعود الى وسط الخشبة .. يفكر .. يشير بيديه .. يدخل اثنان وهما يقودان الشاب الأول مكبلا .. يفكان وثاقه ويدفعانه فيسقط على الأرض .. موسيقى .. يدخل أحد الجنود وهو يحمل على يديه بدلة عسكرية وخوذة فولاذية وبندقية .. يضعها أمام الشاب الأول .. يستدير الأول الى الخلف مستنكرا و رافضا .. يبتسم الشاب الثاني ويشير مرة أخرى فتهبط التفاحة الكبيرة .. يقوم الاثنان اللذان أتيا به مكبلا بفتح بوابة التفاحة اليمنى وسحب  الشابة الأولى بقوة .. يجلسانها على مقعد بشري أمام التفاحة .. يمد الثاني يده فيتقدم منه أحد الجنود وهو يحمل على يديه سلاح (الشيش) يتناوله الثاني .. يغرزه بحركة متقنة ومدروسة في عين الشابة الأولى .. يسحبه .. يغرزه في عينها الأخرى .. يسحبه .. تقف الشابة الأولى على قدميها لحظة ثم تسقط ميتة .. الشاب الأول ما يزال يغطي عينيه بكفيه .. وإذ يرى وجه الشابة الأولى مضرجا بالدم .. يستدير الى الوراء .. يحمل البندقية .. يصوب الى الثاني .. يضغط على الزناد ولكنه يكتشف ان البندقية خالية من العتاد..يهم بمواجهة الثاني لكن اثنين من الجنود ينقضان عليه .. يمسكانه و يتوقفان عن الحركة ..  يسود الصمت خشبة المسرح..ثم بإشارة من الثاني يهبط من قضاء المسرح حبل مشنقة .. يتقدم الثاني .. يضع المشنقة في رقبة الأول .. ضربات متعاقبة على الطبل تختم بضربة قوية مدوية على إثرها يتوقف الجميع عن الحركة مدة وجيزة قبل أن يسدل الستار .

 * *

إشارة ..

نشرت في جريدة الثورة العراقية ـ العدد 8471 في 13 / 5/ 1994 م .