حلقة الصمت المفقودة

شخوص المسرحية

الرجل الكبير – التابعان

مجموعة الذئاب البشرية

مجموعة الكلاب البشرية

مجموعة الثعالب البشرية

راقصون ومهرّجون من القردة

الرجل الأول – الثاني – الثالث - الرابع

     ثلاثة مسطحات ، مختلفة المساحات ، نضّدت الواحدة فوق الأخرى ، بشكل مدرج هرمي ، في وسط المسرح .. على قمة المدرج الهرمي وضع كرسي فخم جداً .. يظلم المسرح والصالة معاً ، ومن خلال الظلام نسمع أصواتاً تعلن عن وصول شخصية مهمة جداً هي شخصية الرجل الكبير .. ضربة صنج .. تفتح أضواء الخشبة فنرى الرجل الكبير جالساً على كرسيّه وإلى جانبيه اثنان من أتباعه وهما يقفان بشكل يوحي أنهما موجودان لحمايته أو نقل أوامره إلى الآخرين .. ضربة صنج أخرى .. يقف الرجل الكبير منتصباً بينما يبرك التابعان.. يضرب الهواء بسوطه مهدّداً فيستدير التابع الأول نحو اليمين ويشير بسبابته إلى ما وراء الكواليس ويظل جامداً ،في مكانه، مثل تمثال شمعي، موسيقى مارش تستمر لحظة ثم تختلط بعواء ذئاب تقترب شيئاً فشيئاً .. تدخل إلى المسرح مجموعة الذئاب البشرية .. ترتقي المدرج الهرمي وتستقر على درجته الثانية تحت الكرسي الفخم مباشرة .. تجلس في أوضاع تأهّب وانقضاض.. يستدير الرجل الكبير  قليلاً.. يضرب الهواء بسوطه.. يستدير التابع الثاني نحو يسار المسرح ويشير بسبّابته إلى ما وراء الكواليس ثم يجمد متوقفاً عن الحركة مثل تمثال شمعي.. موسيقى مارش تستمر لحظةً، أيضاً، ثم تختلط بنباح كلاب بشرية هائجة، يقترب شيئاً فشيئاً.. تدخل مجموعة الكلاب البشرية الشرسة إلى الخشبة .. ترتقي المدرج الهرمي وتستقر على درجته الثالثة بأوضاع تأهّب واستعداد للانقضاض.. يستدير الرجل الكبير.. يدور حول كرسيه دورة كاملة.. يضرب الهواء بسوطه فيرفع التابع الأول ويشير بسبابته إلى الأعلى.. يضرب ثانية فيرفع التابع الثاني ذراعه وهو يشير بسبابته إلى الأعلى أيضاً.. يدخل إلى المسرح من جهتيه عدد من الثعالب البشرية .. يأخذون أماكنهم ، على قاعدة المدرج الهرمي السفلى ، بأوضاع مدروسة .. يجلس الرجل الكبير على كرسيه.. يضرب بيده اليسرى مسند الكرسي فيفزّ التابعان ويقفزان قفزة تثير الضحك والسخرية.. يصفّق الرجل الكبير فيجمدان وتنطلق في الوقت ذاته موسيقى سريعة الإيقاع.. يدخل الراقصون والمهرّجون وهم جميعاً من القردة، يؤدّون، جميعاً، رقصة القرد المهرّج.. وإذ ينتهون ينسحبون، تباعاً، إلى خارج المسرح.. ضربة صنج.. يقف الرجل الكبير.. تنسحب الثعالب البشرية خارجة من يمين المسرح بصمت.. ضربة صنج متبوعة بأصوات متداخلة للثعالب تشتد شيئاً فشيئاً.. تدخل الثعالب ، ثانية، من يسار المسرح.. تتجه نحو المدرج الهرمي لكن التابع الأيمن يشير لها باتجاه جمهور النظارة فتندفع نحو الجمهور مكشرة عن أنيابها .. تنتشر بينهم .. مهدّدة .. مراوغة.. تختطف أربعة رجال منهم.. تدفع الأربعة إلى خشبة المسرح.. يصعدون مرغمين.. تحيط بهم الثعالب.. تدور حولهم كما لو أنها في طقس خاص.. تقترب منهم.. تضيّق الدائرة المضروبة حولهم.. تتراجع قليلاً لتنقضّ عليهم بشراسة.. يهرب ثلاثة من الرجال الأربعة إلى ما وراء الكواليس بينما يقع الأول في قبضتهم مستسلماً بلا حول ولا قوة .. تجبره الثعالب على البروك.. يبرك.. يسير على الأربع.. يطارد معهم الرجال الثلاثة خلف الكواليس.. ضربة صنج.. يقف الرجل الكبير فيبرك التابعان.. يضرب الهواء بسوطه مهدّداً.. تنسحب الكلاب إلى الخارج بصمت.. يجلس الرجل الكبير.. يقف التابعان.. تبدأ الكلاب نباحها المسعور وهي تخرج من يمين المسرح مبتعدة شيئاً فشيئاً ثم تقترب شيئاً فشيئاً من يسار المسرح.. يزداد نباحها شراسة وهياجاً وهي تدخل المسرح مطاردة الرجال الثلاثة الذين طاردتهم الثعالب قبل قليل.. تحيط بهم.. تهدّدهم لكنهم يقاومون.. تبتعد عنهم قليلاً تحدق لحظةً ثم تنقضّ عليهم مهاجمة بشراسة وعنف وقسوة .. يتصاعد الغبار فيمتلئ به فضاء المسرح.. يهرب اثنان من الرجال الثلاثة إلى ما وراء الكواليس بينما يقع الرجل الثاني في قبضة الكلاب التي تجبره على الركوع والسير على الأربع ومطاردة الهاربين باتجاه الكواليس.. يقف الرجل الكبير وقفة غضب.. ضربة صنج وضربة سوط تجعل الذئاب تنسحب إلى خارج المسرح بصمت.. ضربة صنج متبوعة بعواء الذئاب وهي تبتعد، من يمين المسرح، صوتياً شيئاً فشيئاً ثن تقترب، من يسار المسرح ،صوتياً، شيئاً فشيئاً.. تدخل إلى المسرح وهي تطارد الرجلين وقد كشرت عن أنيابها.. تهاجمهما بحركات مدروسة ومتقنة هجوماً عنيفاً .. يهرب أحد الرجلين بينما يقع الآخر في قبضتهم .. يذعن لمشيئتهم فيسير على الأربع ثم يكشر عن أنيابه ويطارد معهم الرجل الذي تخلص من قبضتهم .. يظلم المسرح .. ومن خلال الظلام نسمع عواء الذئاب وهو يرتفع شيئاً فشيئاً حتى يستحيل إلى أصوات ضاجة مسعورة .. يستمر العواء أثناء الظلام فترة قبل أن نرى ، خلال حزمة الضوء الساقط على الكرسي ، الرجل الكبير وقد وضع راحتيه على أذنيه اتقاء الأصوات العالية المخدشة وهو يرفس الأرض بقوة وغضب .. ينظر إلى التابع الأيمن .. يرفسه ثم يرفس التابع الأيسر .. يضطرب التابعان ولا يعرفان ماذا يفعلان .. تدخل مجموعة الذئاب ، وهي ما تزال تطارد الرجل الرابع ، إلى المسرح .. تقوم بالحركات نفسها التي قامت بها منذ لحظات.. تنقضّ على الرابع لاهثة ومع ذلك لم يحنِ الرابع  هامته.. تنقض ثانية.. تنهشه.. تدميه.. تسقطه أرضاً.. تدحرجه.. تنهشه.. يتلو‍ى .. يتعذّب لكنه في النهاية يقف على رجليه مكابراً.. الرجل الكبير يضحك بصمت وحقد وهو يشير إليه بسوطه فتنقضّ الذئاب عليه رغم تعبها وإنهاكها.. تسقطه ثانية وثالثة .. يتحامل على نفسه .. يقف بشموخ ساخراً من الرجل الكبير.. تنقضّ الذئاب عليه .. يبرك ولكنه يحاول الوقوف.. الذئاب البشرية تحاول الانقضاض عليه.. تخور.. تتهاوى.. تسقط أرضاً.. يجنّ جنون الرجل الكبير فينزل من على المدرج الهرمي للمرة الأولى.. يسوط الذئاب بقوة فتزحف ،مرغمة، إلى خارج المسرح.. يتبعها وكأنه يسوقها ،مثل القطيع، إلى حتفها حتى تختفي وراء الكواليس.. يعود ممتلئاً بالغيظ والغضب .. يقترب من الرجل الرابع الذي ما يزال باركاً على الأرض.. يضع إحدى قدميه على ظهره ويرفسه بشدّة.. يتدحرج الرجل.. يتوقف.. يحاول النهوض ثم يسقط مغمى عليه.. يزداد الرجل الكبير غضباً.. يضرب الهرم بسوطه فينزل   التابعان.. يسكب كل منهما وعاء ماء عليه.. يفيق.. يجلس بصعوبة.. يمسكانه كل من يد ويرفعانه حتى تستقيم وقفته .. ينظر إلى الرجل الكبير الذي أدار له ظهره.. وعلى نحو مفاجئ يستدير الرجل الكبير ويوجّه له رفسة قوية تسقطه أرضاً .. الرجل الرابع يتلوّى ألماً.. يحاول السيطرة على آلامه.. يقف.. يفاجأ الرجل الكبير بعناده وإصراره على الوقوف فيضربه بسوطه ضربة قوية تسقطه أرضاً.. يغمى عليه.. يرفع التابعان أوعية الماء ويصبّانها عليه حتى يفيق   ثانية.. يجلس.. يحاول الوقوف .. يقف ثانية .. يزداد غيظ الرجل الكبير فيمسكه من ياقته ويجرّه بقوة ولكنه يفشل في قهره وجعله يسير على الأربع .. الرجل الكبير ينظر إلى التابعين بغضب .. يضرب الأول بسوطه فينحني له ويسير، أمامه ، على الأربع .. وكذلك يفعل التابع الآخر .. يسيران ، معاً ، أمام الرجل الرابع.. لكن الرابع لا يقلّدهما بل يكتفي بنهرهما وضربهما كحيوانين.. واستفزازهما حتى يتحولا إلى حيوانين فعلاً.. يكشّران عن أنيابهما وينقضّان عليه.. ينهشان يديه.. يتهاوى مترنّحاً إثر عضّتيهما.. الرجل الكبير يسوقهما بالسوط نحو مكانهما في أعلى المدرج الهرمي.. يتناول وعاء ماء.. يصبّه على الرجل الرابع.. يتناول حبلاً.. يضعه في رقبة الرابع ويحاول جرّه كما تُجر الكلاب.. الرجل الرابع ينهض.. يمسك الحبل.. يقاوم بطريقة عجيبة.. يتوجّه نحو المدرج الهرمي.. يرتقي الدرجة الأولى.. يتهيّأ التابعان للانقضاض عليه مثل ذئبين شرسين.. يرتقي الدرجة الثانية.. يرميان نفسيهما عليه لكنه يزوغ قليلاً فيسقطان.. يتدحرجان إلى أسفل.. يرتقي الدرجة الثالثة.. يشدّ الرجل الكبير الحبل إليه بقوة.. يحاول سحبه إلى الأسفل.. يسحبه فعلاً لكنه يعيد المحاولة ثانية.. يصعد إلى الأعلى.. يمسك بالكرسي الفخم.. يدرك الرجل الكبير خطورة الموقف فيشير بضع إشارات باتجاه فضاء المسرح.. يقذف طرف الحبل إلى الأعلى.. ينسحب الحبل وينسحب معه الرجل الرابع الذي يحاول التخلّص من الحبل بلا جدوى.. يسحب الحبل.. ترتفع قدما الرابع عن الأرض .. يشعر بالاختناق .. يختنق .. يتلوّى .. يرفس الهواء برجليه فترة ثم يتوقف.. يدور الرجل الكبير حوله ، بزهو، دورة كاملة ثم يجلس على كرسيه بارتياح.. يتناول سوطه.. يضرب به الهواء فينهض التابعان.. يقفان.. يسحب كل منهما مسدّسه بحركة موحّدة يصوّبان نحو الرجل المعلّق في فضاء المسرح وهما يصعدان نحو محلّيهما في أعلى المدرج الهرمي.. يرفع الرجل الكبير ذراعه ا|لأيسر مستقيماً أمام وجهه ثم يشير بإبهامه إلى الأسفل.. ضربة صنج قوية تعقبها فترة سكون قصيرة ثم ينهال التابعان على الرجل الرابع بعياراتهما النارية.. يتلوّى الرجل الرابع، وهو معلّق في فضاء المسرح، فترة ثم يتوقف عن الحركة نهائياً.. موسيقى بطيئة الإيقاع .. تدخل مجموعة الذئاب وتأخذ محلها على المدرج الهرمي.. تتبعها مجموعة الكلاب ومن ثم مجموعة الثعالب.. يأخذ الكل أماكنهم كما في المرة الأولى .. يقف الرجل الكبير وقفة زهو وكبرياء وانتصار .. يبرك التابعان.. يضرب الهواء بسوطه فنسمع أصواتاً متداخلة لمجاميع الحيوانات.. يشير الرجل الكبير بسوطه إلى جمهور النظارة فتتهيّأ الذئاب والكلاب والثعالب للانقضاض على الجمهور لكن الحركة تتوقف على خشبة المسرح بينما يستمر الصوت المتداخل لمجاميع الحيوانات بالتقدّم نحو جمهور النظارة عن طريق مكبّرات الصوت التي زُرعت على امتداد صالة العرض.. تثبث.. الصورة متوقفة تماماً بينما يستمر العواء والنباح المتداخل بالزحف نحو جمهور النظارة حتى وهم يغادرون صالة العرض بانزعاج   وضجر .                                    

 

بعقوبة 1998

   نشرت في مجلة (المشهد) العراقية العدد الثاني السنة الأولى صيف 2000.