لغة الجسد وكيفية فهمها
الكاتب والباحث احمد محمود القاسم

 

تعد لغة الجسد وسيلة اتصال مهمة بالآخرين، نستخدمها جميعاً بشكل يومي. لذلك فإن تعلم كيفية فهم لغة الجسد واستخدامها بطريقة فعالة، قد يحسن من علاقتك بالآخرين، بدرجة كبيرة وفي محيط أسرتك، او جيرانك أو ما شابه ذلك، كما قد يساعدك على تخطي و التعامل مع المواقف المختلفة، التي تتعرض لها في عملك. قراءتك للغة الجسد، سوف يساعدك هذا، على تعلم فن وأسرار لغة الجسد بسهولة، وإتقانها بكل مهارة.

)لغة الجسد، هي وسيلة التواصل بين الناس بدون الكلمات المحكية، التي نستعملها في كل جوانب التعامل مع الآخرين، هل تصدق، بأنه في الأوضاع الحياتية الحقيقية أن 60% إلى 80% من الرسائل التي نحولها للآخرين، تنتقل من خلال لغة الجسد، وأما الكلمات الفعلية في التواصل، فهي تمثل بنسبة 10%-7% فقط) مقتبس من كتاب (لغة الجسد لسيدات ورجال الأعمال، تأليف ليلى شحرور(.
لغة الجسد، في علم النفس، هي تلك الحركات التي يقوم بها بعض الأفراد، مستخدمين أياديهم، أو تعبيرات الوجه أو أقدامهم، او نبرات صوتهم، أو هز الكتف أو الرأس، ليفهم المخاطب بشكل أفضل، المعلومة التي يريد أن تصل إليه، وغالبا تستعمل من قبل شخص غير قادر عن التعبير عن نفسه بالكلمة، فيعمل على إيضاح كلماته بحركات من يديه او جسمه بشكل أو بآخر، او أن الشخص المستقبل للكلمات من المرسل، لا يستطيع استيعاب كلام المرسل إليه، فيحاول المرسل إيضاح كلماته للمستقبل، ببعض الحركات التوضيحية.

يستخدم المعلمون في المدارس والأساتذة في الجامعات، هذه الوسيلة في الفصول الدراسية لتساعدهم في نقل معلوماتهم للطلبة، وكذلك يستخدمها الطبيب للمريض أو بالعكس في حالات مرضية خاصة. ويستخدمها المهندسون حينما يريدون إعطاء التعليمات للعمال، خاصة إذا كانوا في مواقع بعيدة عن المهندس في الموقع. ويستخدمها الرئيس لمرؤوسيه أو صاحب العمل لعماله، وقد يفهمها أكثر، ضعاف السمع أو ذوى الاحتياجات الخاصة، ويمكن نقل المعلومة بواسطة جزء معين من الجسم كالعين أو الحواجب أو الأنف أو الأذن أو الجبين أو الأكتاف أو الأصابع أو الوجنتان. فالعين مثلا، تعتبر من أكبر مفاتيح الشخصية، التي تدل بشكل حقيقي على ما يدور في عقل من أمامك، فإذا اتسع بؤبؤ العين، وبدا واضحا للعيان، فإن ذلك دليل على أنه سمع منك شيئا أسعده، أما إذا ضاق

بؤبؤ العين فالعكس هو الصحيح، وإذا ضاقت عيناه أكثر، ربما يفهم على أنك حدثته عن شيء لا يصدقه، وفي حالة الحواجب، فإذا رفع المرء حاجبا واحدا، فإن ذلك يدل على أنك قلت له شيئا إما أنه لا يصدقه، أو يجده مستحيلا، أما رفع كلا الحاجبين، فإن ذلك يدل على المفاجأة، وفي حالتي الأنف والأذنان، فإذا حك أنفه أو مرر يديه على أذنيه، ساحبا إياهما، بينما يقول لك إنه يفهم ما تريده، فهذا يعني أنه متحير بخصوص ما تقوله، ومن المحتمل انه لا يعلم مطلقا ما تريد منه عمله، وفي حالة قطب الشخص جبينه، ونظر للأرض في عبوس، فإن ذلك يعني أنه متحير أو مرتبك، أو أنه لا يحب سماع ما قلته، أما إذا قطب جبينه ورفعه إلى أعلى، فإن ذلك يدل على دهشته لما سمعه منك، وعندما يهز الشخص كتفه فيعني انه لا يبالي بما تقول، وإذا نقر الشخص بأصابعه على المكتب، فان ذلك يدل على إلى العصبية أو نفاذ الصبر، وعندما يربت الشخص بذراعيه على صدره، فهذا يعني أنه يحاول عزل نفسه عن الآخرين، أو يدل على أنه خائف.

لقد ألف (آلن بيز) كتابا عن لغة الجسد، وضح فيه الكثير من حركات الجسد ومدلولاتها، والتي يمكن أن يشاهدها البعض أمامهم، من تأثر بعض الأفراد لما يقوله البعض لهم، او لتأثرهم مما يشاهدونه او يسمعونه أمامهم.

إذا ما راقب الإنسان نفسه في أحيان كثيرة، وهو يستمع لشخص ما، وهو يحدثه عن موضوع مثير أو عن مغامراته الخاصة، وقد تكون كاذبة أو مبالغ فيها، ويراقب نفسه وتأثير وقع كلامه على نفسه، وعلى جسده، وما ينتج من جسمه من حركات أو ضحكات وانفعالات أخرى، يتبين له بصدق وبوضوح، ما هي لغة الجسد فعلا، فكأن المستقبل يرد على المرسل بلغة جسده، إما مستنكرا أو مستهزئا او غاضبا أو مازحا، بحركات من يديه او جسمه، او ابتسامة صفراء من شفتيه، او ضحكة صاخبة لأمر ما، لم يصدقه، وهذا يدل على لغة وحركة من لغات الجسد، وكيفية التعبير عنها، وليس كل مستقبل او مرسل يمكنه أن يعبر عن الحركة المناسبة بجسده، وفي أحيان أخرى كثيرة، قد يكبت المستقبل حركاته الجسمية وانفعالاته، حتى لا يظهر حقيقة ما يخفي للمرسل، مبديا له عدم اكتراثه او اهتمامه، او عدم تأثره لما يقوله، وأحيانا أخرى فان المرسل، يكبت انفعالاته وحركات جسمه الانفعالية، كي لا يظهر غضبه وانفعاله للمستقبل، وفي أحيان أخرى قد يرسل المرسل للمستقبل رسالة بلغة الجسد، تنم عن انفعال وغضب مبالغ فيه، كي يوصل له رسالة عميقة، بأنه متأثر جدا لما سمعه او شاهده بأم عينيه. 

لغة الجسد تستعمل في أوقات كثيرة، بين الأم وأطفالها حيث يتضح أن إيماءة جسمية من الأم

 

لطفلها، كفيلة لها أن تسكته وتوحي له ما يجب عليه فعله والا، ونسمع كثيرا أن اللبيب بالإشارة يفهم، فالبعض منا يوصل رسالة للشخص المقابل، بدون أن يتفوه ببنت شفة، والذكي فقط، يفهم مدلول هذه الإشارة، لذلك قيل: (اللبيب بالإشارة يفهم)، وهناك الكثير من السمات الجسمية التي تظهر على الشاب، فتعرف صفاته من حركاته التي يقوم بها، إذا كان جادا ومكترثا، أو كان لعوبا وغير جادا، ولا يمكن الاعتماد عليه، ولغة الجسد قد تحتاج الى خبراء في معرفتها وفهمها وتحليلها، وليس كل من شاهد حركة في جسم ما، فهم هدفها والمعنى منها، فأنت قد تلاحظ أن مدير مكتب ما، جمع أوراقه بسرعة، وخرج مهرولا، فأنت تستنتج أن أمرا هاما قد وقع.

البعض يعبر عن موقف ما، بابتسامة صفراء، إشارة عن الرفض أو الاستهزاء، او ابتسامة عريضة، دلالة نسبية تعبر عن البهجة والفرحة والقبول، والبعض الآخر، يعبر عن موقف معين، بابتسامة فيها استهزاء واحتقار لموقف الآخرين، والبعض قد يبتسم لك حتى تظهر أنيابه لشدة غضبه، ولكنه يحقد عليك، ويملأه الغضب والبؤس، لذلك يقول المثل:(إذا رأيت نيوب الليث بارزة، فلا تحسبن أن الليث يبتسم).
الطفل الصغير، يحاول أن يعبر في أحيان كثيرة عن نفسه، ببعض الحركات، حيث يكون غير قادرا للتعبير عما يجول في خاطره بالكلمات، وان حاول فلا يستطيع ذلك، وقد يدفعه الخجل في أحيان كثيرة، للقيام بحركات بواسطة يديه، تعبيرا عن الحيرة والمأزق الذي يعيشه.

(هناك الكثير من الحركات تحدث أمامنا، نلحظها على الآخرين، وقد نفهمها أو لا نفهمها، فمثلا فرك العين، أثناء الحديث يشير إلى التشكُّك وعدم التصديق، وإحاطة الرأس باليدين مع النظر إلى الأسفل، يشير إلى حالة من الملل والقلق، كما أن حركة فرك اليدين، تعني الانتظار والتوتر، ولمس الأنف أو فركه أثناء الكلام، دليل رفضٍ وشكٍ وكذب، ووضع اليد على الخد، إشارة إلى التأمل والتمعن والتقدير، وتحريك وشبك اليدين، من وراء الظهر، تدل على الغضب والقلق، ومن يجلس واضعاً رجلاً فوق أخرى، ويحركها باستمرار، يدل جلوسه على أنه يشعر بالملل، أما من يجلس ورجلاه متباعدتان، فهذا دليل راحة واسترخاء وانفتاح، وحالة الجلوس بوضع اليدين وراء الرأس، والأرجل مشبوكتين، دلالة على ثقة بالنفس وتعال على الآخرين، وإبعاد النظر عن المتحدث، كناية إلى عدم تصديقه، أما استعمال الأظافر للدق على طاولة أو شيء جامد، فهي تعبير عن اللهفة ونفاذ الصبر، وحركة لمس أو شد الأذن، تعني التردد والحيرة، وعملية قضم الأظافر، تعبير عن حالة عصبية وعدم الشعور بالأمان والاطمئنان، وعملية لمس الذقن والتفكير مليا، هي محاولة اتخاذ قرار ما. وحمل غرض ما وأنت سائر، والغرض مرفوع أمام صدرك، يعني أنك في حالة دفاع عن

النفس، لذا يحبذ حمل الغرض الى جانبك، أما عملية حني الرأس مراراً، أثناء الاستماع، إلى محدثك، فهو هو دليل على اهتمامك بما يقوله لك. أما الذي يقف واضعاً يديه على وركيه، فيوحي بالعدائية أو الاستعجال، و لصق الكاحلين أثناء الجلوس، يشير إلى حالة من القلق، وملامسة الشعر، هي مرادف لقلة الثقة بالنفس والشعور بعدم الاطمئنان وفقدان الأمان، والجلوس مع يدين مفتوحتين إشارة إلى الصدق والصراحة والبراءة) (مستوحاة من الموسوعة الحرة بتصرف) وهناك الكثير من الحالات والحركات والتي تنم عن معان عديدة وعميقة، وليس من السهل فهمها من قبل الآخرين، أو قد تفهم بشكل خاطىء، لقلة الدراية بلغة الجسد بين المرسل والمستقبل..

أسهل الطرق، حتى تثير إعجاب الآخرين، هو أن تبتسم لهم، فالابتسامة، تثير أشياء جميلة داخلك، فتنعكس على وجهك، وتظهر كم فيك من صفات رائعة، و تظهر الثقة بالنفس، والنظرة الايجابية المتفائلة، والمزاج الجيد، وتعطي الانطباع، بأنك شخص حلو المعشر، وصعب النسيان.

هل ترغب في معرفة السر الذي يمنحك انطباعاً أولاً إيجابياً لدى كل شخص تلتقيه في غضون الثواني الأولى من اللقاء؟ هل ترغب بأن تتحرر من الخوف؟ الرفض والإحراج الذين يمنعونك من الحصول على ما تريده؟ هل ترغب أن تسيطر وتؤثر إيجابياً على علاقاتك الحالية والمستقبلية؟ بحيث تحقق صفقات ناجحة أو تحصل على الشريك المناسب؟ هل ترغب أن تتأكد، إذا كان الأشخاص صادقين ومخلصين معك؟ لذلك تابع قراءة لغة الجسد، وافهم دلالاتها ومعانيها بدقة وإتقان، واكتشف كيف يمكن أن تقرأ أو تستعمل لغة الجسد، الأكثر استعمالاً والأكثر إبهاماً في العالم.