برنامج التدريب البدني للممثل الإيمائي الصامت
د. أحمد محمد عبد الأمير
التمثيل الصامت يعتمد بالدرجة الأولى على الحركة أو الفعل . كما ويعاني أكثر
الممثلين من الحالة الذهنية في أثناء التمرين ، وان الحالة الذهنية الطبيعية للممثل
وما يصاحبها دائما من حرية كاملة في حركة الجسم هو ناتج الاسترخاء التام للعضلات .
وللحالة الذهنية والتركيز دورا مهما في الإدراك الحسي في التمثيل الصامت ، التي
تتطلب تركيزا ذهنيا عاليا وتحفزا للطاقة البدنية واسترخاء تاما للعضلات تعينه على
الوثوب الحركي والتشخيص والتجسيد الحركي لكل العناصر البنائية للعرض الصامت، فما
معروف في التمثيل الصامت هو القدرة الإيمائية الناتجة عن الذهن الواثب والجسد
المتمكن من أداء الحركات بسرعة ودقة عاليتين ، فالحركة والتدريب الرياضي والنشاط
ضروريان للممثل الإيمائي ، إذ يرى الممثل الإيمائي الفرنسي (اتيان ديكرو): ان ممثل
المسرح الصامت يجد راحته في عدم الراحة . فيحتاج الممثل الإيمائي الصامت إلى
التمارين الرياضة قبل البدء بالتمارين المسرحية ، وهي:
1.
الركض ( 5 – 15 دقيقة ) يوميا أو ثلاثة أيام في الأسبوع في حالة عدم وجود تمرين
مسرحي ، تساعد على : تنشط العضلات ، والدورة الدموية ، وتفعل عمل الدماغ ، ومرونة
المفاصل.. مما يمنح الممثل لياقة بدنية جيدة وتحسن المزاج العام
.
2.
تمارين
(الهاثا يوغا ) : قبل البدء بالتمارين ، لمدة ( 5 – 10 دقائق ) وهي تمارين يومية،
أو ثلاثة أيام في الأسبوع، مع استخدام الموسيقى المناسبة أو بدونها شريطة العزلة
والهدوء التام، باستخدام تمارين التركيز وتحفيز الطاقة المعروفة في مرحلة (الهاثا
يوغا) الملائمة للممثل المسرحي مما يساعده على التركيز بشكل صحيح وتنشيط الطاقة
الذهنية والبدنية بشكل واضح.
3.
الاهتمام
بالعضلات وجعلها نشطة وقوية تساعد الممثل في القيام بالحركات القوية كما تمنح
للممثل قواما جميلا، فالمتلقي يرغب في رؤية جسد جميل (مثالي) مما يسقط عليه مفهوم
الجسدنه (المطروح من قبل علماء النفس) أي تبادل الأدوار الجسدية ذهنيا، مما يحقق
المتعة الذهنية والبصرية. يقول الفرنسي (جاك ليكوك): جئت الى المايم من خلال
الرياضة.
4.
تمارين
المرونة والخفة للجسد الكامل تبدأ من الرأس إلى الأطراف السفلى، تساعد الممثل
ليمتلك جسما مرنا وتبعده من التشنجات والتمزق العضلي.
5.
تمارين
الاكروباتيك الضرورية لاكتشاف قدرات الجسد والجرأة الذاتية في أداء الحركات الصعبة،
وتشكيل الوضعيات الجسدية الضرورية في التعبير الحركي المعاصر القائم على الحركة
السريعة والتشكيل البنائي الأجساد المؤدية شأنه شأن كل فنون الحركة، إذ عرف الممثل
( شارلي شابلن ، واتيان ديكرو ، ومارسيل مارسو ، توماشفسكي ) من ممارسة التمارين
الأكروباتيكية. يرى المخرج البولندي (توماشفسكي): فنان المايم المثالي لاعب رياضي
حساس.
6.
تمارين
الايقاع (الرقص): لأجل الوصول الى حالة المرونة والأنسجام الدقيق بين التعبير المرن
ومضمون الدراما عليه ان يتعلم الرقص المصاحب للموسيقى اذ تمنح جسد الممثل قدرا
عاليا من السيطرة والخفة والسرعة الادائية ولا بد من التنويع في نماذج الموسيقى
والإيقاعات، من مثل تمارين (ارو بسك)، اذ تدرب (مارسيل مارسو) على الرقص وطبقه في
اعماله، كذلك منهاج فرقة المخرج البولندي (توماشفسكي).
7.
تمارين الاحماء ضرورية لتهيئة الجسد وقل اجراء التمارين المباشرة للعمل الايمائي
الصامت (10 – 15 دقيقة) وكما مبين في الاشكال التالية:
يؤثر
الجهد العضلي الزائد على جسد الممثل، مما ينتج عنه تشنجا عضليا، ويصعب على الممثل
القيام بالحركة أو الإحساس بها بشكل صحيح. يرجع التشنج إلى عدم توزيع الجهد العضلي
على أعضاء الجسم توزيعا يناسب قدرة وتحمل الممثل، أي أن للاسترخاء دور مهم في
الإدراك الحركي. وعلى الممثل أن يدرب جسده على حركات منوعة لتغذية جسده وحصوله على
السيطرة الكاملة على كل جزء من أجزاء الجسم. يجب أن يتحرك كل من الرأس والرقبة
والصدر والخصر والأطراف السفلى والعليا، بمعزل الواحد عن الآخر وبكل الاتجاهات، حتى
يتم السيطرة عليها. كما بجب أن يضبط السيطرة على يديه، إذ يساعد على توضيح حركات
اليد، وبالخصوص المواد الوهمية كالجدران والأدوات، كما يجب أن يمرن عضلات الوجه
للتعبير عن الحالات العاطفية والنفسية المختلفة، وكذلك يمرن الممثل جسمه كقطعة
واحدة. كما يجب أن ينتبه الممثل إلى حقيقة التعايش المتخيل للاشياء كأنها لحظة
التعايش والاستخدام الحقيقي له وهذا ينطبق على كل الأشياء والمواقف التي يجسدها،
فعليه التدريب والتمرين على تلك الأدوات أو اللحظات الحياتية المعاشة للوصول إلى
شكل الشيء وحجمه ووزنه وإيقاعه، وكذلك ردة الفعل النفسية والوجدانية المتشكلة في
أفعال إيمائية ترتسم في ثنايا الجسم : الوجه، اليد، الأطراف .. ويتم ذلك عبر
الاستخدام الفعلي لبعضها ومن ثم تخزين الاستجابة العضلية للحظة الاستخدام ليقرب
الممثل في لحظة الأداء إلى الفعل الحقيقي. كما ان هذا التمرين ضروري على الممثل
الصامت الإدامة عليه كجزء من اشتراطات التمثيل الصامت من حيث: امتلاك الخبرة
الأدائية، المرونة الجسدية، والاعتياد (التعايش) على أداء الأشياء الوهمية
المتخيلة. فالذاكرة الحسية والذاكرة الانفعالية، عنصران تطبيقيان مهما وأساسيان،
يجب على الممثل الصامت التمرن على حيثياتهما: التركيز على الحالة، نقل أو خزن
الانطباع الحسي أو النفسي في الذهن، تحول السلوك الحسي أو النفسي والانفعالي إلى
صورة مخزونة في الذهن، تحويل تلك الصورة إلى فعل حسي جسدي لحظة الفعل المتخيل من
قبل الممثل على خشبة المسرح.
د. أحمد محمد عبد الأمير
كلية الفنون الجميلة / جامعة بابل
ورشة دمى للتمثيل الصامت