الحركة على خشبة المسرح

د. عبد الرحمن التميمي

 

1-1. الحركة وتطورها عبر العصور المسرحية:

من المسلّمات أن تكون الحركة بمعناها العام قد امتلكت حضوراً شاخصاً عبر العصور المسرحية، لارتباطها ارتباطاً وثيقاً بفن الرقص ذي الإيقاعات المنتظمة المأخوذة من الطبيعة نفسها “لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ” (1).

أن الرقص المشفوع بالحركات هو من أقدم الوسائل التي استخدمها الإنسان البدائي للتعبير عن جميع انفعالاته وغالباً ما كانت تلك الحركات تسير بانتظام وإيقاع رتيب. غير ان الرقص ليس هو الوسيلة السباقة للحركة، بل (الحاجة) هي ما دفعت الإنسان للبحث عن وسائل متعددة للحصول على مبتغاه ومراده.

أن أولى مظاهر الاستقرار والتحرك على سطح الأرض قد تمثلت بأبوينا (أدم وحواء) (ع)، ((وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنْ الظَّالِمِينَ. فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ. فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ. قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ” (2).

وبهذا انتقلت أولى المظاهر الحركية على سطح الأرض من السماء إذ كانت حركات تختص بها الملائكة وهي حركات سماوية لا تجد العناء في الحصول على مبتغاها فخطوطها واضحة وأهدافها مرسومة سلفاً. وهنا يتضح مبدأ الثواب والعقاب. “فالثواب هو منح الأجر والتحذير من الخطأ، والعقاب كان جواباً على الوقوع في المحذور، وهذا العقاب قد غير المكان (البيئة) فتغيرت معها الحركة فضلاً عن الندم على الخطأ قد غير شكل الحركة ودوافعها وفق مرجعيات العقاب والندم”(3).

إن الحركة هي تعبير فاعل عن دواخل النفس البشرية المرتبطة بـ(الباعث) الذي يولّد (الدافع) ثم (الفعل). وكان لها ارتباط وثيق ولاسيما بالظواهر المسرحية التي كانت قد ازدهرت في بلاد اليونان في القرنين (السادس والخامس ق.م.)، من خلال الطقوس الدينية التي كانت بمثابة محاكاة للآلهة حتى تطورت وازدهرت أبان ازدهار الإمبراطورية الإغريقية التي أخذت فتوحاتها تتسع بشكل كبير وكان لابد لتلك الفتوحات من أن تُمجّدْ في طقوسها عن طريق المحاكاة وتُعبر من خلالها وبها عن مدى ارتباطها الوثيق بتلك الإنجازات إذ كانت لمحاكاة الأشياء وتقليدها عن طريق الرقص والحركات والإيقاعات دور مهم في تبلور مظاهر التمثيل البدائي، وهو عبارة عن محاكاة لعمليات مثل القنص والصيد التي كان يجسدها مستلهماً إياها من مظاهر الطبيعة و”كان يرقص معبراً برقصه عن انتصاره في المعركة، مبيناً لنا كيف تلصص حتى رأى عدوه، ثم كيف أصطدم به وحاربه يداً بيد، وكيف كان يتفاداه، ثم كيف قتله وفصل رأسه عن جسمه، كان رقصه ذلك شديد القرب من المسرحية الصحيحة”(4). وكان هذا الرقص والحركات تسعى لخلق فضاءات كفضاءات الموسيقى “وإذا كان الفضاء هو تلك السموات التي تسبح فيها الحركة، فالحركة هي تلك السماوات التي تسبح فيها الموسيقى. وإن جميع الأشياء إنما تصدر عن الحركة”(5).

وبتطور تلك المظاهر والطقوس واقترابها من الصور الدرامية المسرحية، تطورت الدراما وبدأت تظهر أولى صورها على يد (ثيسبس الايكاري)(*) عام (535ق.م.) في الاحتفالات التي كانت تقام تمجيداً لـ(ديونيسيوس)، إذ أنجبت تلك الأعياد شعراءاً تميزوا بالدراما الطقسية أمثال (أسخيلوس وسوفوكليس ويوربيدس) الذين طوروا وغيروا معنى المظاهر الدرامية في العصر الإغريقي بإضافات عديدة أهمها (الكورس- الجوقة) والممثل الأول الذي قدمه (ثيسبس)، والممثل الثاني، على يد (اسخيلوس)، والممثل الثالث على يد (سوفوكليس)، بينما (يوربيدس) قد غيّر الموضوعات الإلهية الفوقية الى إنسانية مقرباً إياها من نفوس البشر إذ أن جميع تلك التحولات التي حصلت في بنية العرض الإغريقي فيما يخص موضوعاته وزيادة عدد شخوصه قد أثر تأثيراً واضحاً في تلك المظاهر الطقسية بشكل عام والحركة وتعدد دوافعها وتنوع صراعاتها بشكل خاص نتيجة لتعدد الشخوص وتوسع دائرة عجلة العلاقات، إذ كانت الحركة لها مهمات أساسية تضطلع بها في بلاد اليونان، لأن التمثيل لديهم “يتألف من فخامة آسرة في الإشارة والحركة” (6) ، والحركة واحدة من بين أهم الوسائل التي استخدمها إنسان ذلك العصر في احتفالاته الطقوسية وكانت تعبر احياناً عن غريزته المجردة المشفوعة بالصور المركبة عن طريق الحركات الإيمائية وهي النزعة التي كانت سائدة من خلال الوسائل التعبيرية لرواية ما حدث من أمور.

وبسقوط الإمبراطورية الإغريقية على يد الرومان، أخذت تلك المظاهر الطقسية تتغير وفق مفاهيم جديدة وأُطر غيرت خريطة الحياة بشكل عام والمفاهيم المسرحية بشكل خاص، إذ تعامل أقطاب المسرح الروماني مع العرض المسرحي “من خلال النص ذو المضامين المختلفة عن مضامين المسرحيات الإغريقية مما اثر في شكل العرض وأساليب الطرح والمعالجة التي كانت الحركة جزءاً مهما فيها”(7). فتشابهت الموضوعات في (الكوميديا الوسيطة والحديثة)(*) وكذلك شخوصها النمطيين، وهذا ما جعلها تقع في فخ التكرار والكلائش الجاهزة وكان من بين أهم العناصر التي شملها هذا التكرار هو عنصر الحركة. وبما أن الشخصيات كانت تتكرر على الدوام في جميع العروض فكان لابد أن يسود هذا التشابه في المواضيع على خلاف ما جرى مع المأساة اليونانية أو حتى ملهاتها (8).

لكن المأساة الرومانية على الرغم من انها لم تصب بذات الداء لكن حضورها كان أقل حظوة نسبة الى الملهاة اليونانية. إذ ان (سنيكا) (*)كان “لا يراعي بدقة المألوف الإغريقي الذي أعاد (هوراتيوس) صياغته كقاعدة تقضي بعدم إراقة الدماء أو ارتكاب سائر أعمال العنف أمام المشاهدين” (9). مما دفعهم لاستخدام حركات عنيفة حادة تتناسب مع أهداف ودوافع الشخصيات التي كانوا يقدمونها على الرغم من ان الممثل بشكل خاص والمسرح الروماني بشكل عام كانا يخضعان للعرض المسرحي اكثر من خضوعهما للنص الأدبي بعد ان الممثل هو كتلة من المشاعر ينقل الموضوع عبر أدائه وبواسطة الحركات والإيماءات والإشارات. وهو بذلك يستطيع ان يرتقي بالنص الأدبي ويبرزه عن طريق استخدام طاقاته الإبداعية في الأداء.

ان الحركة ما هي إلا ترجمة للأفكار والدوافع الخاضعة لمتغيرات يستطيع الممثل تبريرها طيلة مدة العرض المسرحي لأن “الجسد البشري في كل حركاته، وسكناته، واستقامته، وانحناءته… يصبح لغة صامتة في التمثيل الصامت فالجسد هو وسيطه الأوحد في إيصال موضوعته التمثيلية للجمهور من دون  استخدام الحوار ويمكن ان يوظف الرقص والحركات الإيقاعية التي تخدم مسعاه، وهذا ما يسمى بـ((البانتومايم))”(10).

ومن هنا بدأت تتوضح نقطة الخلاف بين المسرح الإغريقي والمسرح الروماني، إذ يُعد جسد الممثل بالنسبة الى الأول وسيطاً روحياً بين ما يبتغيه وينشده، وبين الآلهة التي يتضرع اليها من اجل الحصول على ما يريد. أما الجسد بالنسبة للثاني فكان وسيطاً مادياً بين الجسد نفسه وبين تلك الأفعال سواء كانت كوميدية هازلة تقدم حركات تخدش الحياء أو مأساوية تتميز بالفضاضة والخشونة وإراقة الدماء.

وبعد سقوط روما في بداية القرن الخامس ق.م. بدأت الأشكال المسرحية تأخذ منحاً مغايراً غير التي كانت عليه لتدخل عصراً وسيطاً هو عصر الكنيسة الذي أهتم باستقطاب المسرح لأجل توظيفه في خدمة قضاياه الدينية، التي تحولت فيما بعد الى ممارسات دينية أطلق عليها (الدراما الطقسية)، وفي ظل وجود الكنيسة التي سيطرت سيطرة تامة على المسرح وتدخلت حتى في أدق تفاصيله، إذ “كانت تعطي ملاحظات في صميم الحركة وتفرض ان يكون رسمها مسبقاً وأن يخطط لها بوجودها، وبالطريقة التي تناسب الكنيسة لكون العروض الدرامية الطقسية قد انحصر تقديمها في مكان محدد هو المذبح” (11).

أما في عصر النهضة وفي أواسط القرن السابع عشر حتى نهايته “كان على كتاب المسرح الجدد ان يكتبوا لطريقة جديدة في الإخراج في مسرح جديد، وأهم من هذا كله، أنه كان عليهم أن يكتبوا لطراز جديد من الجمهور” (12). وعلى الرغم من محاولات الكُتاب والمخرجون، إلا أن المسرح لم يتطور بشكل ملحوظ، غير ان المسارح في ذلك العصر قد “توسعت قدراتها الاستيعابية للجمهور على الرغم من سوء إيصال الصوت اليهم وهذا مردّه الضوضاء والأصوات المنبعثة من المتفرجين التي كانت تختلط بأصوات الممثلين على الخشبة مما اضطرهم لاستخدام إشارات وإيماءات وحركات مبالغ فيها كي يتابعها المتلقي ويصل مغزاها اليه بشكل واضح ودقيق” (13).

وفي بداية القرن الثامن عشر وبظهور منهج (دِلسارت) (*) الذي عد ان “قوانين التعبير المسرحي خاضعة للاكتشاف وقابلة للصياغة بدقة كما نفعل مع الحساب والقياسات فقد عمل على تحليل العواطف والانفعالات والأفكار والتعبير عنها خارجياً بطريقة علمية محسوبة، بمعنى ان الممثل يستطيع وفق قوانين معينة ان يتحكم باتصاله مع الجمهور”(4) وكل هذا قد تم تطبيقه وفق آلية صارمة يسير على نهجها الممثل وفق ما مرسوم له، وقد شملت هذه الآليات جميع أدوات التعبير، وبظهور وتطور عروض الأوبرا التي أخذت مساحة مهمة بعد افتتاح

مسرح (فاغنر) (*)في (بايروث) عام (1876)، أصبحت الدراما تبحث عن فكرة العمل الفني الموحد إذ “تمتزج جميع عناصر الإنتاج في كل مُرَكَبْ واحد وقد سماها النقاد (الفن المركب) إذ كان حظ الحركة في الدراما الموسيقية مرتبطاً بفعل تصوير الأحداث عن طريق المزج بين عناصر الدراما الموسيقية وعناصر الدراما الاعتيادية” (14).

وبمجيء عصر (التنوير) (**) الذي أعلن الثورة على (الكلاسيكية) من قبل (الرومانتيكية) ليضيف اتجاهاً مسرحياً جديداً ينادي بـ(الدراما البرجوازية) وآخر هو (الميلودراما)، قد أثرت في جميع المعطيات المسرحية بشكل خاص، لذا أصبح من البديهي ان يراجع الممثل والمخرج وبقية عناصر الإنتاج حساباتهم الفنية والفكرية والجمالية وفق تلك المتغيرات، إذ بدأت عملية الإخراج تتغير بشكل أوسع وفق نظرة جديدة تلاءم تلك المعطيات بِعَد ان الحركة جزء لا يتجزأ من عمل الممثل وفق ما يرتأيه المخرج، لذا كان من البديهي ان تصاب هي الأخرى بذات التغيير، وكان هذا شأن الحركة وما مرت به منذ الكلاسيكية القديمة مروراُ بالكلاسيكية الجديدة حتى ظهور الرمانتيكية وهي آخذة بالتقلب بين معطيات بيئتها وحاجاتها وأفكارها منطلقة من دوافعها ونياتها المسبقة وفق منظور فكري وفني وجمالي.

إن عصر الحركة الفلسفية والأدبية في غرب أوربا هو “أول من فجروا التجديد في حركة الممثل” (15) إذ أولوا الفن خصوصية ذاتية وفق نظرتهم الفلسفية التي بنيت على أساس الشك والتشكيك في القيم التقليدية ومعتقداتها، وكان ميلهم واضحاً نحو الفردية المطلقة بإبرازهم فكرة التقدم البشري العام.

ومن خلال ما تقدم يمكن ان نخلص الى ان هناك تعزيز وسعي لبناء الحركة وتطوير آليتها لتأخذ دورها في تجديد وإضافة قيم جمالية وفنية وفكرية للعرض المسرحي الذي كان يحتاج الى استقرار، كما يحتاج المشتغلون فيه، وهذا الاستقرار لا يتم إلا عن طريق قائد يوزع بينهم المهمات ويناقشهم فيها، ويتخذ القرارات الحاسمة حيالها.

وبظهور (جورج الثاني- دوق ساكس مايننغن) (*) في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، تكون عملية الإخراج قد بدأت تتوضح لتكون في موقعها الحاسم في تلك الشبكة المعقدة التي يرتبط بعضها بالبعض الآخر، إذ قدمت فرقة (المايننغن) الذي كان يديرها (جورج الثاني) أولى عروضها عام(1880)، وكانت تسير على خطى (فاغنر) مؤكدين على ضرورة “الاهتمام بتفاصيل التمثيل والأداء وعدم الاكتفاء بالخطابية، فضلاً عن الاهتمام بالمجاميع وحركاتها وتأثيراتها، وعد ان كل فرد في المجموعة له تعبير ووضع على رأس كل مجموعة قائد كما تحاشى التوازن المتشابه (التماثل)” (16).

أما (أندريه أنطوان) (**)فقد أعطى دوراً جديداً للمخرج المسرحي ودعا الى خلق صورة ايقونية مستقاة من الطبيعة المطابقة للحياة. فهو في منهجه كان يعد عملية الإخراج “بمثابة الوصف التحليلي في الرواية القصصية… ومصدر للتعليق على الحوار وإنارة جوانبه” (17). وبهذا تكون العروض المسرحية قد تعاملت مع الحركة وفق منظورها الفكري والفني والجمالي الخاص بها حتى أوائل القرن التاسع عشر، ومع تطور الوسائل الميكانيكية والكهربائية أخذت العملية الإخراجية ومهمة المخرج تتبلور. وبظهور شخصيات مسرحية من أمثال (أندريه أنطوان وقسطنطين ستانسلافسكي وأدولف آبيا وغوردن كريك) أصبحت الضرورة حتمية لأن يأخذ المخرج دوراً أكبر باكتشاف الاتجاهات الجديدة ليس على مستوى الحركة فحسب بل على مستوى العناصر الإنتاجية الأخرى.

ونتيجة لما تقدم تبدو أن الحركة قد استقت ديناميكيتها من الجسد كمادة حية مرتبطة بغرائزها إذ أن “الجسد يمتلك غريزة الحياة، والحركة صورة هذه الغريزة، وقد تطورت مع رموزها عبر العصور واتسمت بأهم سماتها وخصائصها محددة بالباعث والفعل الذي يعمل كمركز للجاذبية وتنسيقه بين الجسم والروح وإذا ما دخل الجسم في مضمار الفن وبالذات فن العرض من الرقص الجماعي (الباليه)، الأوبرا، والمسرح الدرامي، والبانتومايم… الخ، فأنه يستطيع التعبير عن الجمال الصحيح، إذ لا يمكن الحصول عليه إلا من خلال الجسم البشري وتناسقه” (18) وهذا يعني ان الغريزة هي مركز انطلاق الفكرة، والجسد هو الذي يترجم هذه الفكرة ليكون وعاءً مناسباً ينسجم مع جميع الحركات والإيماءات المتوالدة منه، إذ كانت الحركة تحمل طابعاً غريزياً عاماً تعبر به ومن خلاله عن وظيفتها الرسمية التي تحمل اهدافاً مسبقة وهي صفة عامة اتسمت بها على مر العصور المسرحية.

1-2. الحركة على المسرح

تعد الحركة على المسرح من الوسائل التعبيرية التي يوظفها المخرج لترجمة أفكاره وأهدافه وإيصالها بأفضل الطرق، مستعيناً بتحليله لتلك الحركات وفق أنواعها وأشكالها بأبعادها وتراكيبها التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالحدث من جهة، وبالأبعاد الثلاثة للشخصية (الطبيعية و الاجتماعية و النفسية) من جهة أخرى، لتصوير معطيات فكرية وفنية وجمالية تكون الأساس في مد الجسور بين العرض والمتلقي. إذ تتوافق الحركة مع أغراضها التي تحركت باتجاهها، سواء أكان هذا التحرك عمداً أم تلقائياً، فالهدف من الحركة يرتبط بمعطيات الشخصية المرسومة بما يتلائم ومرجعياتها داخل العرض إذ “ليس هناك من يكشف عن دخيلة بوضوح وحتمية اكثر من الحركة والإيماءة فمن الممكن للمرء إذا أراد، ان يختفي أو يرائي خلف الكلمات أو اللوحات أو التمثيل أو غيرها من أنواع التعبير الإنساني، ولكن في اللحظة التي يتحرك فيها ينكشف المرء وتبدو حقيقته خبيثة كانت أم نبيلة” (19). فالحركة هي حاملة المشاعر والمعاني إذ لا يمكن ان نتجاهلها بأي شكل من الأشكال، وهي صورة حقيقية سواء تواجدت مع الفعل أو مع رد الفعل، وهي فلسفة متكاملة تناقش موضوعاً متكاملاً وناتج هذا النقاش هو العرض المسرحي بتوليداته وصراعاته، فأية فلسفة تنبثق من الحركة سوف تحدد فلسفة العرض وبغض النظر عن اتجاهات ومذهبيات أو أساليب ومناهج تلك الفلسفة، وهمية كانت أم طبيعية، رمزية أو تعبيرية، لأن المسرح بطبيعته يحتاج الى تحليل كمي كبير للشفرات المتولدة منه، وأننا قد لا نحتاج الى جميع الحركات أو لهذا الكم الهائل بل نحتاج للوصول الى أنموذج حقيقي أو نماذج حركية تعبر عن تعددية الفعل وردوده لإيصال تلك الأفكار بأساليب متعددة.

إن الحركة على المسرح في تغير دائم ولا يمكن بطبيعة الحال حصرها وفق المفاهيم الطبيعية ونقلها نقلاً ايقونياً، أي بمعنى ان تكون ذات وظيفة رسمية محددة أو أحادية الجانب، إذ تعاملت بعض الاتجاهات الإخراجية مع الحركة على أساس انها مدلولات طبيعية وبهدف تقريبها من الواقع لتفادي السقوط في فخ المبالغة التي تبعدها عن المألوف فتصبح عندئذ حركات غير مألوفة. ويمكن استخدام هذا الأخير قصدياً في المسرحيات اللا معقولة،مع مراعاة الانتباه لأن لا تفقد معناها لتصبح حركات عشوائية، لأن الحركات إذا فقدت معناها ومشاعرها ستؤدي بالمتلقي الى التشتت والتخبط وتقطع ذلك الخيط الشفاف الذي يربطه بالعرض و”بالرغم من وجود حركات مطلقة كثيرة في الواقع فأن هناك حركات تقود العلاقات المتبادلة بين الشخصيات نحو هدف من الأهداف” (20) لأن جميع الأفكار النابعة من المسرحية يؤمَنُ وصولها عن طريق الإيماءة والحركة، حتى وأن كان الحوار سمة بارزة فيه، لأن مسرحيات الأفكار لا يمكن لها ان تمد جسور الفهم والتلقي إلا عن طريق الحركة والإيماءة فاستخدامهما كوسيلتين صادقتين للفكرة وإيصال معانيها المطلوبة. ويمكن استغلال الواقع كمنطلق إذ “ما ينطبق على الكون يمكن ان ينطبق على المسرح أي أن التغييرات التي تحصل في الكون لا تتأثر بتغييرات في جوهر الذرات بل في حركتها وتغير ترتيبها بالنسبة لبعضها، فالشخصيات في المسرح لا تتوضح من خلال التغييرات والتحولات، إنما تتوضح من خلال حركة الشخصيات وتغيير ترتيبها على المسرح بالنسبة لبعضها البعض” (21).

1-3. أنواع(*) الحركة

إن اصطلاح (النوع) هو مصدر يحدد الأصناف لكل الأشياء، والمقصود بأنواع الحركة، هي أصناف الحركات، وبما أن الحركة تتبدل وتتغير وفقاً لتغيرات البيئة ومصادر استنباطها، لذا أصبح من البديهي ان يكون هناك تنوع في الحركة. إذ ان جميع المتغيرات التي ساهمت في تكوين تلك الأنواع لها علاقة مباشرة بـ(الدوافع)، التي صنفها علماء النفس بالدوافع الشعورية واللا شعورية للشخصية، فالأولى تكمن في دخيلة النفس البشرية حيث تتضح خطوطها بشكل مباشر وغير مباشر عن طريق الوضوح، أما الثانية فأنها تكمن في العقل الباطن المستتر والتي يشوب خطوطها الشك والريبة من خلال مرجعياتها العتيقة، دون ان يدركها الشخص بشكل واضح ومباشر. وتحدد الحركات بالأنواع الآتية “الحركة الاضطرارية والحركة الانعكاسية والحركة التقنية” (22).

 1. الحركة الاضطرارية: وهي تلك الحركة التي يرسمها المؤلف كجزء لا يتجزأ من الفكرة أو الهدف أو الحدث، كما يحدث في مشهد سقوط المنديل في مسرحية (عطيل) لـ(شكسبير)، ومن جانب آخر لا يكون المخرج ملزماً بكل ما يضعه المؤلف بين أقواس، إذ ان بعض المخرجين يشطبون الأقواس منذ القراءة الأولى للنص، ليضعوا بدلها أقواساً جديدة ترتبط ببنية نص المخرج حتى تستقر بشكلها النهائي في نص العرض.

 2. الحركة الانعكاسية: وهي ترجمة فعلية تتصل اتصالاً مباشراً بعامل الشعور، وقد يتعمد المخرج في إخفاء مشاعر صادقة لشخصية البطل أمام البطلة، غير ان الحركة تكشف هذا الإخفاء، والعكس يحدث حينما يخص البطل مشاعره السلبية أمام البطلة أو العكس. فأن حركتهما تكشف كل خفي. مثل حالة نفور (هاملت) من والدته عندما اكتشف سر خيانتها لأبيه مع عمه. وعلم النفس الحديث قد قام على ثلاثة أنماط من ردود الفعل بالنسبة لتلك المثيرات التي لها علاقة مباشرة بالحركة الانعكاسية وهي:

أ. “ردود فعل باتجاه هذه المثيرات التي تتمثل باللحظات الحاسمة لمكبث اتجاه الساحرات وترجمة ردود أفعاله الى حقيقة بعد ان كانت وهماً في مخيلة الليدي مكبث في مسرحية (مكبث) لشكسبير.

ب. ردود فعل ضدها. التي تتمثل بلحظات الحسم التي أقدم فيها أوديب على قتل أمه جوكاستا في مسرحية (أوديب ملكاً) لسوفوكلس.

ج. ردود فعل بعيداً عنها. التي تتمثل في لحظات الشك الأولى لعطيل بزوجته دزدمونة والتي حاول من خلال صراع مرير ان يكذب الخبر” (23).

إن النمط الأول من ردود الفعل ما هو إلا دافع نحو الأشياء التي تثيرنا فنقترب منها للاستحواذ عليها. وهي أيضاً دافع نحو الأشياء التي لا نكتمل بدونها.

أما النمط الثاني فهي الحركة سريعاً باتجاه ذلك المثير، الهدف منها أما ان يكون هدفاً يسحقه وأما ان يكون الهدف مسحه من الذاكرة أي تجاوزه بطريقة ما.

أما النمط الثالث من ردود الفعل فهو ما ينصب في تلك المحاولات الجادة للابتعاد عن ذلك المثير وكبح جماح تلك الغزيرة.

 3. الحركة التقنية: وهي منطقة مفرغة تماماً للمخرج يفعل بها ما يشاء وفق ضروراته الإخراجية، فقد تتعلق هذه الحركة بإيصال فكرة ما، أو لإعطاء جمال ما، أو ليشير بها لدلالة ما، وقد تكون لضرورات فنية وكذلك يستطيع المخرج ان يزاوج بين تلك الحركات مستمداً تبريراته من خلال تحليله وتفسيره للنص وكذلك من خلال مشاعره اتجاه الشخوص وأهدافهم.

1-4. أشكال الحركة وفق الدوافع:

إن تطور الجدل الدائر بين علماء النفس حول موضوع (الدوافع) هو ما جعلهم يبتكرون طرائق وأساليب وعلى جميع المستويات، علمية كانت أم إنسانية، أو طبية نفسية، غيرت في سبل تحليل الشخصية مما أثر تأثيراً واضحاً في المسرح بشكل خاص وعموم مفاصل الحياة بشكل عام. وقد أثار (ماكدوغل) (*)جدلاً حول موضوع الدوافع التي أشار اليها على “أنها قوى موروثة عقلانية تجبر السلوك على اتجاه معين وهي تشكل بصورة جوهرية كل شيء يفعله الناس ويشعرون به أو يفكرون فيه” (24). إذ أكد من خلال أبحاثه توصله الى آلية عمل خاصة بالدوافع التي تخطو خطوات متأنية نحو إيجاد تفسير لكل حالة من الحالات الداخلية التي تظهر واضحة على السطح الخارجي نتيجة للرد على فعل ما. إذ تعمل هذه الحالات على استفزاز وتحفيز السلوك نحو الهدف المراد تنشيطه.

أما (فرويد) (*)، صاحب مدرسة التحليل النفسي فيعتبر من بين أهم المؤثرين في حقل المسرح، فقد تناول الشخوص والموضوعات وحللها وفق منظور نفساني، كما أنه قد أكد على أن قوى الشخصية تحتوي على ثلاثة أقسام هي: (الهو والأنا والأنا الأعلى) إضافة الى تأكيده موضوع الشعور واللاشعور عند الشخصية، كما ان هناك آخرين لم يكونوا أقل شأناً من (فرويد) في تأثيرهم على المسرح من أمثال (كارل يونغ) (**) و (الفريد أدلر) (***) وقد تناولا الشخصية من منظار آخر.

وهناك علماء آخرون قد تناولوا نفس المواضيع باجتهادات مغايرة وكلها كانت تصب في مجرى تناولهم للشخصية ، ومن هذا المنطلق استفاد أقطاب المسرح من تلك التحليلات مؤلفين ومخرجين وتقنيين معتمدين على ان الفعل المسرحي يمتاز بالحركة سواء أكانت هذه الحركة انتقالية، ينتقل بها الجسم من مكان الى آخر أو موضعية وأطلق عليها اصطلاح (الإيماءة).

قد يحتاج الممثل أحياناً للثبات أو السكون، غير ان هذا الثبات أو السكون حتى وان كانا موضعيان يحتاجان الى إيماءة أو إشارة أو حركة تدل على معناها لأن الأفعال بطبيعتها تحتاج اتصالاً مباشراً أو غير مباشر بين الشخوص الذين يكونون في قلب الحدث. ويشمل هذا جميع المسرحيات ذات الشخصية الواحدة (المونودراما) فلابد ان تكون لهذه الشخصية عدة علاقات ذات بنية محددة تشمل علاقته مع ذاته أو مع من حوله أو مع المتلقي. وفي كل تلك الحالات تكون الحركة هي الخط الفاصل لتوضيح تلك المعاني.

إن الحركة على خشبة المسرح لا تتوقف بمعناها المادي والمعنوي لأن “حركة الممثل تبقى مستمرة خلال العرض ما دامت هناك قوة دافعة، ونعني بها الفعل الذي يبقي الممثل في حالة معايشة أو تمثيل في الأثر، فلا يمكن للمثل أن يعود الى ما كان عليه قبل بدء التمثيل، والقوة الدافعة هنا تتناسب مع الرغبة والفعل، مع مكانة الشخصية وأفعالها وحضورها” (25). وهذا ينطبق تماماً على ما يسمى بـ(مسرح المايم)، إذ اعتمادها على الحركة بشكل واسع.

تشكلت بنية الحركة عبر العصور المسرحية وتحددت ملامحها وفق المؤثرات التي أثرت في بنية البيئة سواء كانت طبيعية أو اجتماعية أو نفسية، أو ما تخللها ويتخللها من تغيرات اقتصادية أو سياسية فضلاً عن التأثيرات الميثيولوجية، ومجمل تلك المؤثرات أنتجت اشكالاً حركية ذات محمولات دلالية وظفت في عملية الإخراج المسرحي وتمحورت في الأشكال الآتية:

1/ الحركة المستقيمة.

2/ الحركة الدائرية.

3/ الحركة الموضعية.

4/ الحركة المنحنية.

5/ الحركات المتعرجة (26).

 

1. الحركة المستقيمة:

تسعى الحركة المستقيمة لتحقيق أهدافها المرسومة، على أساس ما سبقها من حدث وصراع إذ لا يمكن استخدامها في أي موقف كان بل “يحتفظ بهذا النوع من الحركة للمواقف الهامة” (27). كما ان توظيفها على خشبة المسرح من قبل المخرج لا يكاد يخلو من خطورة فهي تسعى بالممثل لأن يقطع المساحة الكاملة على الخشبة من أسفل اليمين الى أسفل اليسار أو من أسفل المسرح الى أعلى المسرح، أو العكس، وتكاد تكون قليلة جداً لشذوذها عن القاعدة لأن الممثل من وجهة نظر المخرج كائن منظور يجب ان تصل جميع حركاته وسكناته بشكل واضح ودقيق الى المتلقي وخاصة في المسرحيات الكلاسيكية والواقعية والطبيعية، إذ تصبح الحاجة لهذه الحركات “عندما تكون الدوافع قوية ومبسطة”(4). إضافة الى انها قد تكون “مباشرة وقد تكون ثقيلة أو خفيفة وقد تكون سريعة أو بطيئة وتعبر الحركة المستقيمة عن الحزم والمباشرة والاستقامة والصدق وعن الضغط والصرامة ودوافعها قوية وبسيطة” (28). ومثال ذلك مشاهد الذروة في العروض المسرحية ومشاهد المواجهة بين الشخوص كما هو الحال في مواجهة (كريون)  (لآنتيغونا)  في مسرحية (انتيغونا) لـ(سوفوكليس) والعكس صحيح. إضافة الى لحظة مواجهة (ترسياس)  لـ(اوديب) في مسرحية (أوديب ملكاً) لـ(سوفوكليس) والعكس صحيح.

 2. الحركة الدائرية:

تتباين الحركات الدائرية وفق ضرورات الميزانسين الذي يخطط له المخرج مدعوماً بتشكيل حركي يصور اشتباك العلاقات من خلال الصراع الكامن في شخوص العرض أو لضخ حركات ذات محمول دلالي يعبر عن دوافع الشخصية ضمن فضاءات متداخلة. وهذا ما نراه واضحاً في أغلب مسرحيات بريخت، مثال ذلك، المشهد الذي يدور بين (غاليلو) و(أندريا) في مسرحية (غاليلو غاليليه) أو في مسرحيات اللامعقول.

 3. الحركة الموضعية:

تُعدّ الحركة الموضعية واحدة من بين أهم الحركات التي يستخدمها المخرج بشكل خاص للتعبير عن معنى ما دون اللجوء الى الحوار، أي عملية محاكاة الفعل لتقديمه في صورة ممتلئة بالانسجام  حينما تظهر على الخشبة، و”هي الحجر الوحيد في فسيفساء التمثيل اللالفظي الذي يقدمه الممثل للجمهور” (29).

إذ أن “حركات الممثلين تطلعنا كثيراً أو قليلاً على المسرحية التي تمثل حسب طبيعة هذه المسرحية، تطلعنا تقريباً على كل شيء إن كان الأمر متعلق بفن الإيماء” (30). إذ يطلق على هذه الحركة اصطلاح (الإيماءة) وهي “حركة موضعية لها دلالات ومعاني متحركة، فحركة صغيرة بالأصابع قد تؤدي معنى معين يغني عن الكلام وحركة صغيرة من الرأس والكتف قد يكون لها دورها في توضيح الكثير من المقاصد والتعبير عن المشاعر” (31). فعملية تشكل الحركة ترتبط دلالياً بعملية تشكيل حركة الشخصية من خلال الاقتصاد في استخدام تلك الإيماءات وعدم الإكثار منها لألى تؤدي الى تشويه صورة الفعل، وغالباً ما تكثر هذه الإيماءات في عروض (المايم)، فضلاً عن ان العروض التي تحتوي الحوار هي أيضاً تزخر بكم كبير من الإيماءات ذات الدلالات التعبيرية المرتبطة بالحركة الموضعية المتموضعة داخل العرض المسرحي.

 4. الحركات المنحنية:

وهي ناتجة عن ردود أفعال الشخصيات بعضها اتجاه البعض الآخر إذ “يعتاد الناس على السير في خط منحني إلا إذا كانت هناك دوافع قوية تدفعهم للسير في خط مستقيم. وغالباً ما يسير الشخص في خط منحني إذا ارتبط بعلاقات متعددة كحركات (هملت) قبل ان يصمم على الانتقام لأبيه فأنها حركات منحنية”(32). لأن شكل الحركة المنحنية مبني على أساس التناقض الوارد بين الشخصية وبين حالتها النفسية، وهذه الحركات ليست مقننة وفق مفهوم الثبات والحركة، بل انها تأتي متوافقة مع دوران عجلة العلاقات وانصهارها على طول زمن العرض المسرحي، إذ ان بناءيتها تعتمد على أساس الاختلافات والتناقضات، على عكس ما يرِد في المسرحيات الواقعية التي يكون فيها الحوار والحركة في توافق مستمر، لكن حينما يكون هناك خلل ما في الشخصية أو تعاني من صراع داخلي أو خارجي فتظهر تلك التناقضات في الحال. إذ تكون الحركة المنحنية “غير مباشرة وقد تكون ثقيلة أو ضعيفة وقد تكون سريعة أو بطيئة وتعبّر الحركة المنحنية عن الخداع والالتواء والمخاتلة وعدم المباشرة وعدم الوضوح ودوافعها قوية وغير بسيطة” (33). ومثال ذلك جميع حركات (ياغو) في مسرحية (عطيل) لـ(شكسبير) وشخصية (أدموند) في (الملك لير) و(ريتشارد الثالث) في مسرحية (ريتشارد الثالث) لـ(شكسبير) و(شايلوك) في (تاجر البندقية).

 5. الحركات المتعرجة:

تُعبرّ الحركات المتعرجة عن صدمة ما، أو تخبط ما، أو السير بشكل غير سوي، لهدف ما، فـ”أما ان تجذب العلاقات الشخص نحو الشيء أو تبعده عنه فإذا اجتمعت العلاقتان معاً في وقت واحد فأن الشخص يدور حول الشيء وهو لا يدري أيقدم أم يحجم” (34). إذ ان استخدام الحركات المتعرجة لها خصوصياتها النابعة من الشخصية وتنتظم في جماليات دلالاتها التي يوظفها المخرج حسب ضرورات العرض. لأن الحركة المتعرجة “غير مباشرة وقد تكون ضعيفة أو ثقيلة. وقد تكون سريعة أو بطيئة وتُعبرّ الحركة المتعرجة عن عدم المباشرة وعن التردد وعن الغموض وعدم الصراحة والمراوغة ودوافعها قوية ومعقدة” (35). ومثال ذلك عندما يقدم هاملت على عملية الانتقام لأبيه.

1-5. أبعـاد الحركـة

تأخذ المساحة الجمالية بين الشخصية وحركاتها من جهة والحدث العام من جهة أخرى، مساحة واسعة في رؤية المخرج المسرحي، فهو يخطط لها بعد سلسلة من البناءات تخطيطاً دقيقاً وحسب اشتراطاتها العامة والخاصة التي تحتوي في بناءها على أفعال قد تكون رئيسة أو ثانوية، إذ أن “الاتجاه والسرعة والطاقة والسيطرة” (36) تدخل في نطاق الأبعاد الحركية، وبما أن الحركة تتشكل وفق متغيرات تحكمها فرضية العرض المسرحي، لذا كان من البديهي ان تتنوع في أبعادها ومهامها وأن يكون لكل بُعد خصائص ذات ارتباط بأنساق الحركة وهي كالآتي:

1. الاتجاه:

غالباً ما يكون المخرج المسرحي هو المسؤول مسؤولية مباشرة عن جميع اتجاهات الحركة ودوافعها، إذ يؤكد المنظر المسرحي (الكسندر دين) في موضوع الاتجاه الحركي على أهمية المنصة (الخشبة) وتقسيماتها وفق اتجاهات اليمين واليسار والوسط وأعلى وأسفل، إذ يعطي تحليلاً كاملاُ لأهمية هذه الاتجاهات وكيفية رسم الحركة باتجاهها. معتمداً على عنصري القوة والضعف مبرراً ذلك على ان هنالك دائماً مناطق ضعيفة ومناطق قوية. فالاتجاه اما ان يكون “نحو الدافع (شخص أو مادة) أو بعيداً عنها أو الاستمرار في تثبيت الوقوف وباستثناء الوقوف في الموضع فإن جميع الانتقالات مهما اختلفت فهي محصورة في الاتجاه نحو أو بعيداً عن الدافع” (37). وهذه العمليات يتم السيطرة عليها من خلال تحديد وتنظيم “الأفعال واتجاهاتها الحركية لأن الاتجاه لصيق الحركة ولكل حركة اتجاه تأخذه حين يقوم بها الشخص ويمكن قياسه بالتقدم الشامل للحركة وعدد التغيرات في التقدم فهناك اتجاه نحو شيء أو شخص وهناك اتجاه عن شيء أو شخص” (38).

 2. السرعة:

إن لسرعة الحركة أبعاداً تتشكل صورها وفق المنظور العام للعرض المسرحي، فالحركة وسرعتها والمساحة التي تقطعها تشكل مثلثاً مهماً ترتبط أضلاعه الواحدة بالأخرى بحلقات منتظمة يكمل أحدها الآخر فقد “تكون الحركة سريعة ولكنها لا تأخذ مساحة كبيرة ولكل معدل من سرعة الحركة قيمة معينة وكل معدل في السرعة يعبر عن مشاعر معينة. فالحركة السريعة تعبر عن العواطف المتأججة والمشاعر النامية في حين أن الحركة البطيئة تعبر عن الهدوء والتريث، والحركة السريعة أقوى من الحركة البطيئة في أغلب الأحيان” (39).

ان من بين أهم ما يتفرد به المخرج المسرحي، هو الشعور بالإيقاع، ومعدل السرعة، في الحركة وإلقاء الحوار، وهذا الشعور يجب ان يسنده قدرة على خلق الانسجام بين الإيقاع ومعدل السرعة، اللذين بدورهما يخضعان لمزاج الشخصية التي تمر بحالات متغيرة ذات تأثير على المتلقي لخلق تواتر متواصل نحو الهدف المرسوم داخل العرض المسرحي. مما يعني أن السرعة لصيقة الإنسان فلكل “حركة يقوم بها الإنسان سرعة معينة ويمكن قياسها بالزمن الذي تقطعه وبسرعة الحركة ودوافعها وأهدافها” (40). إذ ان معرفتنا بمعدل السرعة لا يأتي إلا من خلال معرفتنا بالمنطوق من الحوار أو بالمطلوب من السلوك (سلوك الشخصية وأهدافها). أن معدل السرعة هو الذي يعطينا إيقاع الحركة ولهذا أن معدل السرعة رهين بالإيقاع، إذ يحتاج الى “أن يتميز المخرج بشعور وإحساس بالإيقاع وبمعدل سرعته في الحركة والصوت ليضمن بذلك انسيابية الحركة والحوار بما يتجانس ومحتوى النص ومن ثم لإنجاح العمل الذي سيؤدي بلا شك لإيصال أفكار المؤلف وأساليب المخرج بالمستوى الفني المطلوب” (41). مما يعطي بعداً واضحاً للحركة ودلالاتها وفق رؤية المتلقي المتعددة.

 3. الطاقة:

من الطبيعي ان تكون هناك طاقة تغذي أي جسد، كي يقوم بالواجبات المناطة به، إذ ان “هناك طاقة كامنة وطاقة مستعارة. وتتوقف قيمة الطاقة على المحرك الذي يحركها أو الدافع الذي يحفزها وتقاس الطاقة بالقوة الضرورية لتنفيذ عمل ما أو حركة ما، وتقاس الطاقة المستنفذة بالقوة المحررة عند تنفيذ الحركة” (42). كما ان الطاقة تعني الجهد المصروف أي أن “لكل حركة جهد معين يبذله صاحبها ويقصد به الطاقة المصروفة أثناء الحركة، إنها القوة التي تديم الحركة واستمراريتها ويمكن قياس الجهد بالقوة الضرورية لتنفيذ الحركة والتي تشمل الشد والاسترخاء المستمرين من بداية الحركة وحتى انتهائها” (43). إذ ان الممثل يستثمر طاقاته بشكل مبرمج ليوزعها على طول خط سير عرض المسرحية بشكل منظم مستعيناً بمبدأ الاقتصاد في الحركة من خلال معرفة متكاملة بطبيعته الفسلجية إذ “أن الحضور الذي يعبر عنه الممثل رويداً رويداً هو في كل مرة الصورة النهائية للتطور وليس نهايته. وفي نفس الوقت ان كل مرور الى الشكل هو حضور. إن الحضور هو نفس التطور للطاقة أي الجسد الحي.. ذلك الجزء المرتبط بالحياة بالمعنى المحدد” (44).

 4. السيطرة:

تتحرك الأجسام الحية بدافعين، أما شعوري أو لا شعوري إذ يحتاجان لضبط، ولا يمكن لهذا الضبط ان يحصل إلا بوجود ما يسيطر عليه بحيث يوجهه الى أهدافه بمنظومة تستطيع ان تحدد بعد الحركة من خلال اتجاهها وسرعتها وطاقتها و”يمكن للسيطرة ان توحّد بين العناصر الصوتية والحركية، وتتأثر… بالدافع والمحرك وبالعناصر البصرية. وتتأثر.. كذلك بضبط الأعصاب أو عدم ضبطها وتتأثر أيضاً بالتفكير والتصميم” (45). كما أن السيطرة تعني التحكم إذ يقصد به “مقدار سيطرة الشخص المتحرك على حركته ويتحرك الشخص عندما يكون هناك دافع غلاب للحركة. عندها تكون سيطرته غير طوعية، أما عندما يكون هناك مجرد رغبة. عندها تكون السيطرة طوعية. والتحكم معناه تنظيم الحركة” (46). مع الحفاظ على جماليتها وفق مبدأ النسبة والتناسب التي نستطيع ان نحصل عليها من خلال عدة صفات جمالية “الأولى تمثل الوزن والثانية تمثل الإيقاع أما الصفة الثالثة من صفات الجمال في الحركة فهي الرشاقة وهي الحركة التي توهمنا بأنها خالية من كل جهد عضلي. فترى الأعضاء تتحرك حرة طليقة كأنما يحركها النسيم” (47). كما انها تمتلك صفات أخرى نابعة من الجمال نفسه دون ممارسة أي فعل قسري اتجاهها إذ ان للحركة “قيمة فنية ومزاجية كما تمتلك عدة صفات جمالية مثل القوة والانسجام والإيقاع والوزن” (48).

1-6. التركيب الحركي

يُعدّ التركيب الحركي واحداً من العناصر الأساسية التي تدخل في تشكيل نوع الحركة التقنية، إذ يمكن عدهما جزءاً مهماً يكتشفه المخرج المسرحي معتمداً على مرجعيات متعددة بدءاً من نص المؤلف ومروراً بنص المخرج، ثم صورة العرض النهائية، ولغرض حصول المخرج على تركيب حركي جيد لابد من توافر عدة عوامل تساعده على إيجاده وهي “ميل الأجسام نحو أيجاد حالة حركية، وميل الأجسام نحو جذب أجسام أخرى اليها، وميل الفراغ الى جذب الأجسام لملئه” (49). إذ يدخل العامل الأول في ميل الأجسام نحو تركيب حالة حركية تساعدها في التعبير عن دوافعها لأن هذا الميل هو حالة تعبير عن الدوافع سواء أكانت شعورية أو لا شعورية.

أما العامل الثاني، فهو تعبير عن ما هو مرسوم سلفاً من أهداف تسعى لتحقيقها هذه الأجسام باتجاه أجسام أخرى وفق منظور أهدافها وتطلعاتها. أما العامل الثالث فهو الفراغ الذي لا يمتلئ إلا من خلال بحثه عن أجسام يمتلئ بها ليعطي معنى لوجوده إذ لا يكون فراغاً لأجل الفراغ ويساعد على تكوين الصورة المسرحية، إذ يمثل التكوين “بناء أو شكل أو تصميم المجموعة. ومع ذلك هو ليس يعني الصورة. فالتكوين قادر على التعبير عن شعور وكنه وحالة الموضوع المزاجية من خلال اللون والخط والكتلة والشكل. إنه لا يروي الحكاية، إنه التكنيك وليس التصور” (50). وقد تستخدم تلك العوامل سالفة الذكر مجتمعة أو منفصلة لخلق تركيب حركي جيد ذو معاني واضحة ودقيقة فـ”أحياناً لا يخبر التركيب عن قصة إنما له قيمة صورية جيدة، وأحياناً ليس له قيمة صورية جيدة، إنما يخبر عن قصة، إن أفضل من هذين التركيبين هو ذلك الذي يجمع بين الاثنين، إن صورة التركيب يجب ان لا تكون جميلة فقط وإنما يجب ان يكون لها معنى أيضاً” (51). وهذا ما يحدد  قيم الحركات إذ “يمكن تقييم جميع الحركات على انها قوية أو ضعيفة، لكن.. لا تعني الجيد والرديء وانما هي مجرد تقييم للحركة” (52). مما يعني ان أهمية الحركة لا زالت قائمة كعنصر فعال يخدم ويديم فعل المسرحية ويدفعها الى الأمام كما أنه يطورها، وهي حلقة الوصل التي تصل بأفكار المسرحية وأهدافها وخطوطها الجمالية الى المتلقي عن طريق الممثل الذي لابد أن تفرد له مساحة كافية “لكي يخلق إطاره الحركي الخاص طبقاً لما تمليه عليه دوافعه الذاتية” (53). إذ تبقى تلك الدوافع الذاتية بيد المخرج يوظّفها بالطريقة التي يراها مناسبة وتخدم الهدف.

1-7. الإيماءة والشغل المسرحي

إن الإيماءة هي شكل آخر من أشكال الحركة وهي جزء لا يتجزأ منها، وتعبير دقيق لما يريد أن يقدمه المخرج من خلال حركات موضعية تعبر عن أفكاره وطروحاته، إذ تأتي أهمية هذه الحركة من قدرتها العالية على بناء وترصين العلاقات والصراع بين الشخصيات فضلاً عن انها تعطي قيمة فكرية وجمالية وتقنية للصور المتوالية في العرض المسرحي، والشغل المسرحي قد يصاحبه الحوار وقد يكون بلا حوار، إذ يؤشر المخرج جميع الإيماءات والشغل المسرحي ذات الدلالات المتعددة ويدخلها حيز التنفيذ بواسطة الممثل من خلال مجمل البناء المترابط بعناصر المشهد، للوصول الى صورة واضحة للأفعال المراد تصويرها على الخشبة، وكل ما يتم تقديمه من إيماءات وشغل مسرحي لابد ان يكون مرتبط بمرجعيات معرفية أو اعتقادية وغالباً ما تكون منظمة وفق حركات تقنية من قبل المخرج ومرتبطة بالفعل الإرادي أو اللا إرادي إذ “تجسد الإيماءة الفاعل الدرامي وعالمه وتؤكد على هويته من خلال جسد حقيقي وفضاء حقيقي” (54). يوجهه المخرج وفق أساليبه المتعددة في ابتكار “سلسلة من الحركات التمثيلية التي لها دلالاتها، إذ أن هناك فارق بين الحركة التمثيلية في الجماعة، والحركة التي يقوم بها الممثل وهو منفرد… إذ… لا يوجد تمثيل بالمرة خير من عمل الحركات التمثيلية الصغيرة” (55). وفق مبدأ الاقتصاد في الحركة والإيماءة والشغل المسرحي. فالإيماءة هي “إحدى الحيل التي يمكن ان تعطي لبناء المسرحية النامية أثر التماسك وتتمحور في نوعين واحدة تصدر عن المؤلف وأخرى تصدر عن الممثل وفق رؤية المخرج” (56). فالأولى غالباً ما نجدها بين أقواس يضعها المؤلف بصفتها إرشادات مسرحية، إذ يعمد بعض المخرجين لرفع بعضها، أما الآخرين فيحذفون كل تلك الأقواس وفق مقتضيات الرؤية الإخراجية فـ”الإيماءة أو التعبير اللا لفظي… هي الطريقة التي تنقل بها الشخصية قصدها وعاطفتها” (57). وعندما تتحرر الإيماءة ستكّون صورة مكثفة ضمن سياق الصور الأخرى التي تتوالى أثناء العرض والمرتبطة بشخوصها منذ البداية وحتى النهاية، على ان لا تقع في فخ التطبيق الآلي، لأنها ستفقد ديناميكيتها وارتباطها الوثيق بالفعل الذي بدوره سيتأثر هو أيضاً ويكون مشوهاً إذ “يمكن استخدام الإيماءة بأية طريقة يشعر المخرج بملاءمتها مع الإنتاج ومنها المسرحيات التي من نوع (البرليسيك)(*) وفي الكوميديا الشخصية وخلال المقاطع الحوارية والمشاهد القصيرة يمكن استخدام الإيماءة لأغراض خاصة” (58). وفق تحولاتها من الخطاب الحواري الى الخطاب البصري إذ غالباً ما يدعو المخرجون لاستخدام الحذف بإضافة إيماءات وشغل مسرحي تجسد الكلام المحذوف “وفي هذه الحالة قد تصبح جميع تقسيمات وإشارات الكاتب بلا ضرورة عملية، إذ يكون المهم هو الكشف عن نوايا الكاتب ومقاصده الخفية أي عن النص الضمني، الكامن خلف الكلمات الظاهرة” (59). ونرى هذا جلياً في بعض الأساليب والاتجاهات الإخراجية الحديثة والمعاصرة التي تحاول ان تؤسس لها خصوصيات، إذ تعتبر أن النص الأدبي هو بمثابة خط الشروع أو منطلق أو حجة لتأسيس نص مجاور يتحرك باتجاهات صورية تؤسس مغزاً فنياً وفكرياً وجمالياً لما يتحرك على الخشبة، وكل هذا لا يمكن له ان يتحقق إلا اذا كانت الحركة قد أخذت مكانها الحقيقي كتجسيد للمعاني بمصاحبة الإيماءة والشغل المسرحي اللذين لا يتجزءان عن الحركة ويقدمان الفعل في صوره المتعددة، فالشكل المسرحي هو “نشاط يستخدم لإنجاز (فعل). أو تأكيده، أو تكثيفه، الأسلوب الذي يلعب به المرء بالأشياء في البيئة… وينمو من الارتباط بالأشياء والعلاقة مع الزملاء الممثلين” (60) وحتى لو توفرت كل المهارات لا يمكن ان يخطط للشغل المسرحي مسبقاً، لانه حتماً سيظهر عند التمارين (البروفات)، وعندما لا يستطيع الممثل إيجاد شغل مسرحي، عندها يتدخل المخرج ليحفزه ويساعده، وهناك عدة طرق للحصول على الشغل المسرحي فـ”احياناً تأتي من الممثل فتلهم المخرج. أو بإيجاد نوع خاص من التمارين المستمرة والتي تعطي كماً من الاكتشافات، إضافة الى ان الشغل الذي يقدمه الممثل يكون مثار بحث المخرج ليختار ما يلائم المشهد والممثل، ويبقى الشغل المسرحي ليس مجرد حركة عشوائية تبقي على الممثلين مشغولين. فتخطيط الحركة، لابد ان يكون مشوقاً وغير مقحم وأن يبدو تلقائياً” (61).

 

.............................

** الهواميش:

  (1) القرآن الكريم، سورة ياسين، الآية40.

 (2)  القرآن الكريم، سورة البقرة، الآيات35-38.

 (3) ينظر: وجدي (محمد فريد)، المصحف المفسر، سورة التوبة، ج10، ط6، القاهرة: (مطبعة محمد علي صبيح

      وأولاده بالأزهر) ، 1953، ص ص250-251.

 (4)  تشيني (شيلدون)، تاريخ المسرح في ثلاثة آلاف سنة، مصدر سابق، ص13.

 (5) كريك (إدوارد كوردن)، في الفن المسرحي، ط2، تر: دريني خشبة، القاهرة: (المطبعة النموذجية)، 1960، ص68.

 (*) ثيسبس الايكاري: ولد في (ايكاريا) وهي إحدى المدن الاتيكية في أوائل القرن السادس ق.م. وذاع صيته عندما

      اعترفت الحكومة الاتيكية بالتمثيل عام(534ق.م.) وهو أول من أوجد الممثل في المسرح الديني اليوناني وهو أول

      شاعر صاغ أساطير الآلهة بشكل حكايات تمثيلية تعتمد على الحوار والأداء ليقدمها هذا الممثل محاكياً الإله

     (ديونيسيوس) نفسه. للمزيد ينظر: الزبيدي (علي)، محاضرات في تاريخ الأدب المسرحيالمأساة اليونانية، ج1،

     بغداد: (مطابع وزارة التربية والتعليم)، 1971، ص12.

 (6) تشيني (شيلدون)، تاريخ المسرح في ثلاثة آلاف سنة، مصدر سابق، ص ص4-5.

 (7) هوايتنغ (فرانك. م)، المدخل الى الفنون المسرحية، تر: كامل يوسف وآخرون، القاهرة: (دار المعرفة

       للنشر)، 1970، ص39.

 (*) (الكوميديا الوسيطة والحديثة)، وهي مسرحيات كوميدية كانت تقدم في موضوعات وشخصيات متشابهة

      فهي تحتوي شخصية تاجر الرقيق الجشع والعبد الماكر والأب الفاضل والابن المستهتر والغانية والجندي

      المأفون والمتطفل النهم وغير ذلك، للمزيد ينظر: بلاوتوس (تيتوس ماكيوس) ، من الأدب التمثيلي

      اللاتينينص مسرحية كنز البخيلالتوأمان، تر: أحمد عبد الرحيم أبو زيد، بغداد: (مطبعة المعارف) ،

     1969، ص12.

 (8) ينظر: تشيني (شيلدون)، تاريخ المسرح في ثلاثة الاف سنة، المصدر السابق، ص ص110-114.

 (*) سنيكا: هو (لوكيوس انّايوس) ولد في قرطبة بجنوب أسبانيا فيما بين (4 ق.م.) و (1م) لأسرة ميسورة

     تنتمي لطبقة الفرسان (رجال الأعمال) الرومانية، وتحتل أعمال سنيكا النثرية مكاناً مرموقاً في كتب

     التاريخ الفلسفي لأنها تُعد المصدر الرئيس للفكر الرواقي. توفي عام (65م) منتحراً وبإرغام من رجال

     نيرون الذي اتهمه بتدبير مؤامرة لقتله. للمزيد ينظر: سنيكا، نص مسرحية هرقل فوق جبل أويتا، تر: احمد عثمان،

     سلسلة من المسرح العالمي، العدد138، (وزارة الإعلام)، الكويت: (مطابع الوزارة) ، 1981، ص95.

 (9) سنيكا (لوكيوس انايوس)، المصدر نفسه، ص103.

(10)  يوسف (عقيل مهدي)، نظرات في فن التمثيل، (وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة)، بغداد: (دار الكتب للطباعة والنشر)، 1988، ص25.

(11) ينظر: هوايتنغ (فرانك. م)، المدخل إلى الفنون المسرحية، مصدر سابق، ص ص42-43.

(12)  ميليت (فرد. ب)، وجيرالد أيدس بينتلي، فن المسرحية، تر: صدقي حطاب، بيروت: (مؤسسة فرانكلين للطباعة

        والنشر)، 1966، ص138.

(13) هوايتنغ (فرانك. م)، المدخل إلى الفنون المسرحية، مصدر سابق، ص ص42-43.

 (*) دِلسارت: فرانسوا دِلسارت (1811-1871)، قسم التجربة الإنسانية إلى ثلاثة أقسام، 1.تجربة فيزيقية جسدية،

     2.تجربة عقلية فكرية، 3.تجربة عاطفية وروحية، وأكد أن هذه الجوانب الثلاث لها اتصال وثيق بالفعل الدرامي

      وبالعاطفة وبالفكرة، مقتبس عن عبد الحميد (سامي)، إكتشافات مسرحية، محاضرات ألقيت على طلبة الماجستير،

      كلية الفنون الجميلة، قسم المسرح، 11/11/2000.

(14) عبد الحميد (سامي)، المصدر نفسه.

(*)  فاغنر: (ريتشارد فاغنر)، (1813-1883) شاعر ومؤلف مسرحي وقائد فرقة موسيقية وكاتب مقالات، ولد في

      لايبزغ، ومن افكاره التي تؤثر بها الرمزيون رفضه للواقعية واقتناعه بأن الفن أسطورة ومحاولة جمع بين الأدب

      والموسيقى والتأكيد على رسالة الفن الروحية ووحدة الفنون ومسكها من قبل شخص واحد، للمزيد ينظر:

      برناردشو (جورج)، مولع بفاغنر، تر: ثروة عكاشة، القاهرة: (دار المعارف بمصر)، 1965، ص15

(15) عبد الحميد (سامي)، اكتشافات مسرحية، مصدر سابق، في 11/11/2000.

(**) التنوير: عبارة تطلق على عصر الحركة الفلسفية والأدبية في غرب أوربا (1690-1770م) تقريباً، وكانت تسميته

       تنصب في الأصل على الحركة الفلسفية التي قادها (لسنج) و (مندلسون) في سبيل التربية والثقافة والتحرر من

       جمود التقاليد الذهنية والانصراف عن العلوم ومنطقها، للمزيد ينظر: وهبة (مجدي)، معجم مصطلحات الأدب،

      بيروت: (مكتبة لبنان)، 1974، ص130.

(16) يوسف (عقيل مهدي)، نظرات في فن التمثيل، مصدر سابق، ص44.

(*) جورج الثاني: دوق ساكس مايننغن (1826-1914)، دوق مقاطعة دوقية مايننغن، ألماني الجنسية، أثر في حركة

      المسرح، ووضع بصمته في الاخراج حينما أسس مسرح المخرج وقد تركزت اهتماماته في وحدة الإنتاج. (الباحث).

(17)  عبد الحميد (سامي)، اكتشافات مسرحية، مصدر سابق.

(**) اندريه انطوان: (1858، 1943) فرنسي الجنسية أنشأ عام(1887) المسرح الحر وأعلن فيه انه ليس بحاجة إلى

       كتاب المسرحية الجيدة الصنع وكان هدفه من وراء ذلك وضع حد لعروض تلك المسرحيات التي كانت سائدة آنذاك.

        للمزيد ينظر: أردش (سعد)، المخرج في المسرح المعاصر، مصدر سابق، ص54.

(18) هوايتنغ (فرانك. م)، المدخل إلى الفنون المسرحية، مصدر سابق، ص203.

(19) كرومي (عوني)، الحركة لغة الممثل، مجلة الحياة المسرحية، العدد40، دمشق: (مطابع وزارة الثقافة)، 1994،

       ص16.

(20) سوريل (وولتر)، الأوجه العديدة للرقص، تر: عنايات عزمي، القاهرة: (مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر)،

        1974، ص28.

(21) غالاوي (ماريان)، دور المخرج في المسرح، مصدر سابق، ص183.

(22) كرومي (عوني)، الحركة لغة الممثل، مجلة الحياة المسرحية، مصدر سابق، ص 18.

(*)  أنواع: النوع ومصدره كل صنف من كل شيء وهو أخص من الجنس، ج أنواع. للمزيد: ينظر: البستاني (فؤاد

        أفرام)، منجد الطلاب، ط18، بيروت: (دار المشرق)، 1974، ص851.

(23) فريد (بدري حسون) وسامي عبد الحميد، مبادئ الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص44.

(24) ينظر: غالاوي (ماريان)، دور المخرج في المسرح، مصدر سابق، ص188.

(*) وليم ماكدوغل (1871-1918) عالم سلوك إنكليزي، أطلق على الدوافع مصطلح “الغرائز”. للمزيد ينظر: دافيدوف

      (لندا ل)، مدخل علم النفس، تر: سيد الطواب وآخرون، ط3، القاهرة: (الدار الدولية للنشر والتوزيع)، 1983،

      ص431.

(25) دافيدوف (لندا ل)، مدخل علم النفس، المصدر السابق، ص431.

(*) سيغموند فرويد (1956-1939) عالم وباحث ومحلل نفساني ولد في مورافيا، صاحب مدرسة التحليل النفسي.

      للمزيد ينظر: ربيع (احمد شحاتة)، تاريخ علم النفس ومصادره، القاهرة: (دار الصحوة للنشر والتوزيع)، 1986،

      ص295.

(**) كارل يونغ (1875-1961) عالم نفساني أهتم بدراسة علم الأساطير، الدين، الرموز القديمة، الطقوس، عادات

       الشعوب البدائية، الأحلام، أمراض العاصبين وهلوسة الذهانيين… وخلص إلى نتيجة المثير فيها شخصية الفرد

      نتاجاً ووعاء يحتوي تاريخ أسلافه. للمزيد ينظر:صالح ( قاسم حسين)، الإبداع في الفن ، (وزارة التعليم العالي

      والبحث العلمي، جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة)، بغداد: (مديرية دار الكتب للطباعة والنشر)، 1988، ص18.

(***) الفريد أدلر (1870-1937) عالم نفساني اختلف مع فرويد في تفسير الإبداع على أساس التسامي وتفسير

         الموقف على أساس عقدة الشعور بالنقص، للمزيد ينظر: (أبو طالب) محمد سعيد، علم النفس الفني، (وزارة

         التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة)، بغداد: (مطبعة التعليم العالي)، 1990،

          ص184.

(26) كرومي (عوني)، الحركة لغة الممثل، مصدر سابق، ص ص29-30.

(27) ينظر: نيلمز (هيننغ)، الإخراج المسرحي، تر: أمين سلامة، القاهرة: (مكتبة الانجلو المصرية)، 1961، ص

        ص171-173.

(28) نيلمز (هيننغ)، المصدر نفسه، ص171.

(29)  فريد (بدري حسون) وسامي عبد الحميد، مبادئ الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص45.

(30) حسين (صفاء الدين)، وسامي عبد الحميد، طرازية الحركة لدى العراقيين القدماء وتشكيل جسد الممثل، بحث منشور، مجلة الأكاديمي، العدد26، مج7، (وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة بغداد، كلية الفنون الجميلة)، بغداد: ( مطبعة الجامعة)، 1999، ص80.

(31) هيلر (روبرت. ل)، رمزية الإيماءة في مسرحيات بريخت، مقتبس من: جبرا (جبرا ابراهيم)، الاسطورة والرمز، مجموعة مقالات نقدية، بيروت: (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، 1980، ص81.

(32) برغسون (هنري)، المادة والذاكرة، تر: أسعد عربي درقاوي، دمشق (باريس Puf)، 1967، ص10.

(33) فريد (بدري حسون)، وسامي عبد الحميد، مبادئ الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص46.

(34) فريد (بدري حسون)، وسامي عبد الحميد، مصدر سابق، ص45.

(35) حسين (صفاء الدين)، وسامي عبد الحميد، طرازية لحركة لدى العراقيين القدماء وتشكيل جسد الممثل، مصدر سابق، ص80.

(36) دين (الكسندر)، أسس الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص29.

(37) حسين (صفاء الدين)، وسامي عبد الحميد، طرازية الحركة لدى العراقيين القدماء وتشكيل جسد الممثل، مصدر سابق، ص80.

(38) حسين (صفاء الدين)، وسامي عبد الحميد، المصدر السابق، ص79.

(39)  لويك (جوس)، محاضرات في أسس الإخراج المسرحي، مطبوعة على الآلة الكاتبة، تر: خالد سعيد، محاضرات

        ألقيت على طلبة الدراما في معهد شيكاغو، 1965، ص100.

(40) حسين (صفاء الدين)، وسامي عبد الحميد، المصدر السابق، ص79.

(41) فريد (بدري حسون)، وسامي عبد الحميد، مبادئ الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص41.

(42) حسين (صفاء الدين)، وسامي عبد الحميد، طرازية الحركة لدى العراقيين القدماء وتشكيل جسد الممثل، مصدر

       سابق، ص79.

(43) لويك (جوس)، محاضرات في أسس الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص115.

(44) فريد (بدري حسون) وسامي عبد الحميد، مبادئ الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص42.

(45) حسين (صفاء الدين)، وسامي عبد الحميد، طرازية لحركة لدى العراقيين القدماء وتشكيل جسد الممثل، مصدر

       سابق، ص80.

(46) باربا (أوجينيو)، وآخرون، طاقة الممثل، مقالات في انثروبولوجيا المسرح، تر: سهير الجمل (أكاديمية الفنون،

        مركز اللغات والترجمة)، القاهرة: (مطابع المجلس الأعلى للآثار) ، 1999، ص143.

(47) فريد (بدري حسون)، وسامي عبد الحميد، المصدر السابق، ص42.

(48) حسين (صفاء الدين)، وسامي عبد الحميد، المصدر السابق، ص80.

(49) جْويّو (جان ماري)، مسائل فلسفة الفن المعاصرة، تر: سامي الدروبي، ط2، دار اليقظة العربية للتأليف والترجمة

       والنشر، بيروت: مطابع دار اليقظة، 1965، ص53.

(50) سليمان (حسن)، سايكولوجية الخطوط، المكتبة الثقافية، عدد ممتاز، القاهرة: دار الكتاب العربي للطباعة والنشر، 1967، ص97.

(51)  فريد (بدري حسون)، وسامي عبد الحميد، مبادئ الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص42.

(52) دين (الكسندر)، أسس الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص173.

(53)  لويك (جوس)، محاضرات في أسس الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص91.

(54) دين (الكسندر)، أسس الإخراج المسرحي، مصدر سابق، ص276.

(55) هوايتننغ (فرانك. م)، المدخل إلى الفنون المسرحية، مصدر سابق، 1970، ص217.

(56) إيلام (كير)، سيمياء المسرح والدراما، تر: رئيف كرم، ط1، المركز الثقافي العربي، بيروت: (مطبعة المركز الثقافي العربي)، 1992، ص117.

(57) كريك (ادوارد غوردن)، في الفن المسرحي، مصدر سابق، ص57.

(58) هيلر (روبرت. ل)، رمزية الإيماءة في مسرحيات بريخت، مصدر سابق، ص81.

(59) غاتشف (غيورغي)، الوعي والفن، تر: نوفل نيوف، سلسلة عالم المعرفة، العدد146، (المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب)، الكويت: (مطابع السياسة)، 1990، ص55.

(*) (البرليسيك): وهي المسرحية الساخرة (ستيرية) التي تعتمد على موضوع درامي معاصر، للمزيد ينظر: لين (أاوكسنفورد)، تصميم الحركة، مصدر سابق، ص43.

(60)  لين (أاوسكنفورد)، المصدر نفسه، ص43.

(61) سعد (صالح)، الأنا- الآخر، ازدواجية الفن التمثيلي، سلسلة عالم المعرفة، العدد27، (المجلس الوطني للثقافة

        والفنون والآداب)، الكويت: (مطابع السياسة)، 2001، ص25.

(62) سبولين (فيولا)، الارتجال للمسرح، تر: سامي صلاح، (وزارة الثقافة)، القاهرة: (مطابع المجلس الأعلى للآثار)، 1999، ص528.

(63) ينظر: سبولين (فيولا)، المصدر نفسه، ص ص453-454. الباحث الاكاديمي والمخرج المسرحي .. د / عبدالرحمن التميمي