الجمجمة.. عرض مونودرامي من العراق- بانتومايم رائع.. ومضمون معبّر

ندى كمال سلوم - رفيدة يونس أحمد

من العراق الجريح، من بلاد الحضارات القديمة, بلاد الرافدين, جامعة الموصل- كلية الفنون الجميلة, قسم الفنون المسرحية، أتوا ليشاركوا في فعاليات مهرجان المونودراما الثالث باللاذقية في يوم الافتتاح اليوم الأول عبر عرض مسرحي حمل عنوان «الجمجمة» وذلك على خشبة المسرح القومي- صالة الفنان أسعد فضة وتحت شعار طرحه مخرج العمل: «لتكن كلمتنا واحدة... ليكن مسرحنا معبراً عن ذاتنا... يحكي آلامنا

ويواسينا.. ينشر فرحتنا.. ويلملم جراحنا» العمل من تأليف: حسين رحيم وإخراج عباس عبد الغني وتمثيل كل من: توخيب أحمد ود- محمد اسماعيل والفنيين: بشار عبد الغني ومحمد ذنون (إضاءة وديكور), حسن المشهداني في جهاز العرض الرقمي، الموسيقا: آيدن فصيح وفي التصوير: هاني عبد الله- مدير المسرح: د. محمد اسماعيل... وأداء رفاه المصري ضمن أغنية) دللوه) من الفلكلور العراقي وسلوان عبد الجبار في المونتاج.‏

«وحدة» حضرت هذا العرض المتميز حقيقة بكل مفرداته... من التمثيل إلى الإخراج إلى التقنيات المستخدمة... ومتابعتنا لهذه المسرحية جعلتنا نؤمن بأهمية الفرد في الحياة وضرورة المسرح في الخلق والإبداع وتصوير ما يعانيه الإنسان من عذاب وألم فما قام به الممثل «توخيب» لمفرده على خشبة المسرح من حركات إيمائية جسدية معبرة عن الواقع الأليم الذي يعانيه الشعب العراقي البطل تحت وطأة الاحتلال الأمريكي يعبر وبشكل مؤكد عن شخص يتسم بموهبة فذة وخبرة مدروسة في مجال فن المونودراما الصعب.. حول هذا العرض كان للوحدة اللقاءات التالية مع كادر العمل الذي أحب سورية كثيراً وأول هذه اللقاءات مع المخرج الذي حدثنا عن الظروف التي أحاطت بالعمل.. فلنتابع:‏

* المخرج عباس عبد الغني استاذ في كلية الفنون الجميلة - جامعة الموصل: هذا العرض المسرحي كاد يمنع في العراق بسبب ما يحتويه من صورة واضحة لتعرية الاحتلال الأمريكي, والصورة واضحة تماماً فالمعادلة غير متكافئة بين ذاك العراقي المسكين الفرد البسيط وجندي المارينز الذي أتى من أجل المال ليحتل بلاد الحضارات بلاد وادي الرافدين جالباً معه مجموعة من الوعود والتطمينات لكن حقيقة الأمرغير ذلك فبعد أربع سنوات من الاحتلال ازداد الوضع سوءاً.‏

وقد أظهر العرض ما يعانيه العراق بكل أطيافه العربي والكردي, المسيحي والمسلم كلهم في العذاب سواء، (الجمجمة) عبارة عما آل إليه العراق حيث أصبح ملجأ يطمئن إليه كل من يأتيه لكنه تحول إلى جحيم إثر الحروب عبر التاريخ منذ العصر الذهبي العباسي الذي عبر عنه العرض بموسيقا (لما بدا يتثنى) إشارة واضحة إلى اللوحات العباسية وتذكرة لحكايات شهرزاد ولشهريار ففي هذا العهد احتل العراق من قبل المغول ومضت السنون إلى أن جاء الاحتلال الأمريكي بكل ما يحمله من حقد وضغينة ضد بلد حمل كل مكنونات العروبة والقومية والوطنية.‏

*د. محمد اسماعيل: رئيس قسم الفنون المسرحية، جامعة الموصل- كلية الفنون الجميلة:‏

أنا أعتبر هذا العمل قاسياً وفيه ظلامية ولكن حقيقة هذا قطرة من بحر مما يعانيه الآن المجتمع العراقي فأنا أقول أن هذا العرض لا يوازي ساعة من الواقع العراقي المعاش... وقد جمع الأخ المخرج أكثر من تقنية في هذا العرض.. فهذا المهرجان المونودراما حافظ على هذه المواصفات كونها شخصية واحدة على المسرح تعبر عن بلد كامل عما يعانيه ويمر به وقد لخصناه منذ فجر التاريخ حتى هذه اللحظة وبالتأكيد هناك إشراقة أمل وشفافية وتماسك في اللحظات الأخيرة.‏

وعن التقنيات المستخدمة في هذا العرض المسرحي أجاب: لعبت تقنية الشاشة السينمائية والموسيقا والجسد بشكل متواصل منذ بداية العرض حتى نهايته دوراً هاماً للغاية فضلاً عن أنها شخصية مونودرامية واحدة تعبر عن حالة نعيشها ونعاني منها وأملنا أن تكون رسالتنا قد وصلت ونتطلع إلى عمل آخر إنشاء الله أكثر شفافية وتألقاً ومحبة وكل مهرجان نلتقي على المحبة والسلام ونشكر جميع من ساهم في نجاح هذا المهرجان وكل عام وأنتم بخير.‏

*الممثل توخيب أحمد: دبلوم في الفن المسرحي خريج معهد وكلية فنون جميلة مرحلة رابعة..‏

هذا الفن صعب جداً لأنه يعتمد على شخصية الممثل الواحد وبدون حوار... وعن طريق الجسد تؤدي ما تريد قوله باللسان.. وفي هذه الحالة حركات الجسد هي اللغة والترجمة للحالات المعروضة والكلام الذي يمكن أن يقال... ومن المعروف عن فن المونودراما أنه يتطلب من الممثل جهداً أكبر لأنه يستحضر الآخرين في دور شخصية واحدة وهي في الواقع اختلاط بين البانتومايم أي (التفاعل مع الخيال غير الموجود عن طريق الجسد).‏