صديقي العزيز كريم الدهلكي
قد لا تصدق أنني في ذلك المشوار الفني المبكر كنت أتعلم منكم، وأستمد قوتي من حضوركم، وأستنفر قدراتي المتواضعة من توقكم للعلم والمعرفة. كان حضوركم، لعروضي، مؤازرة لي،
ودفعا، لا يستهان به نحو تعلم المزيد والمزيد من المعارف الدرامية. لقد جعلني تزاحمكم على نافذة التذاكر أشعر بمسؤولية أكبر كان لزاماً علي النهوض بها لأصل وإياكم الى مسرح أكثر
تطوراً، وأكثر غنى.. مسرح قادر على فتح صنابير الفكر والالتزام لتنهلوا منها، وترتقوا بحياتكم الى فضاءات أكثر تحررا وتطورا ورفعة وسعادة وسلام. الحق أقول لك يا كريم أنني ما زلت
مدينا لك.. لكم.. لذلك العامل العراقي البسيط الذي كان يواضب على حضور ليالي العروض كلها، ويصر على اقتطاع التذاكر ودفع أثمانها.
أتذكر ليلة قال له الأستاذ جابر السعيد (مدير الفرقة آنذاك): ادخل وصحبك من دون أن تدفع شيئا لكنه أصر قائلا: "يا أستاذ نحن ندفع لكم لتقدموا لنا عروضا نتعلم منها ما ينقصنا في
حياتنا وهذا أفضل، بعشرات المرات، من دفعها على موائد الشراب"
لقد أدرك هذا العامل، ومن معه، أهمية المسرح وقتذاك وأراد ومن معه التواصل معنا حتى وإن كلفهم هذا حرمانهم من بعض ملذات حياتهم البائسة. الآن وكلما تذكرت هذا العامل العراقي
الرائع أزداد شعوراً بضرورة أن يكون لنا، في مدينتنا التي خرّبها الظلاميون، مسرحاً يقصده الناس من كلِّ حدب وصوب وهم مقتنعون تماماً أن وقتهم سوف لن يذهب سدى. شكرا لك يا
كريم، وشكرا لذلك العامل العراقي النبيل، وآخر أمنياتي أن تحظى مدينتنا بمن هم مثلك ومثله فهي أحوج اليكما الآن من أي وقت مضى.
صديقك الانباري