مسرحية

 نيــــازك متنـــاثرة

شخصيات المسرحية

الرجل

الفتى

صلاح العراقي

المذيع

ثلاثة رجال كونيين

رجلا إسعاف

شرطيان

 

الفصل الأول: مشهد سيمي

تطفأ الأضواء، ومن خلال الظلام نسمع صوت صفير حاد يستمر بضع ثوان قبل أن نرى على مؤخرة المسرح (السايك) السماء مزدحمة بمئات النجوم والكواكب.

لقطات:

1)   لقطة عامة: يظهر في سمت السماء نيزك كبير وهو يتجه بسرعة كبيرة نحو الكرة الأرضية.. يستمر الصفير أو أي مؤثر ملائم مع استمرار حركة النيزك.

2)   لقطة متوسطة: النيزك ما يزال متجها نحو الأرض بسرعته القصوى.

3)   لقطة قريبة: تتضح فيها تضاريس الكرة الأرضية بشكل عام.

4)   لقطة قريبة جدا: النيزك يجر خلفه ذيلا من النار والرماد والدخان.

5)   لقطة عامة: يظهر النيزك وقد اقترب من الأرض كثيرا.

6)   لقطة قريبة: الكرة الأرضية وقد وضحت عليها تضاريس القارة الاسترالية. 

7)   لقطة ترافلينج: النيزك يقترب من استراليا.

8)   لقطة عامة: يرتطم النيزك بالأرض مثيرا دويا هائلا تتصاعد على إثره الأتربة والغبار والنار وتتشكل فوق الأرض كرة هائلة من الدخان على هيئة فطر.

9)   لقطعة ترافلينج: تتقدم الكاميرا بواسطة الزوم نحو مركز الفطر متوغلة فيه حد تلاشي حدود الصورة ويتوقف العرض مع استمرار الصمت والظلام بضع لحظات.

10)   لقطة متلفزة

 

Host: This is a hypothetical illustration of the Mundrabilla Meteorite which fell  to earth in South Australia. It was presented to the museum in 1966 by a Mr. Wilson. (1)

 

Local people believed they suffered strange mental confusion moments after the Meteorite fell. Some witnesses believe they are still suffering the effects of this confusion. 

 

Thank you for your concern about our national museum.

 

 

(تختفي صورة المذيع بينما تستمر الموسيقى.)

ملاحظة:

(يمكن للمخرج السينمائي أن يضيف ما يراه ملائما من اللقطات أو أن يدخل تعديلات عليها)

 

مشهد بانتومايم     

      الواجهة الأمامية لمتحف South Australia.. يدخل رجل خمسيني.. من بوابة المتحف الأمامية متوجها نحو البوابة الثانية عبر ممر صغير وضع على جانبه الأيمن حجر نيزكي كبير أطلق عليه أسم Mundrabilla Meteorite يتوقف الرجل مسمرا في مكانه.. يتأمل شكل  النيزك الغريب ثم يتقدم نحوه بحذر.. يتراجع إلى الخلف يستدير.. يتقدم من البوابة الثانية وقبل أن يمر من خلالها يلتفت الى النيزك على نحو مفاجئ.. يستدير ثانية.. يقترب من النيزك.. يحدق بنقطة صغيرة على سطحه.. يدخل يده في حقيبته ويسحب ببطء كامرة ذات منظار طويل.. يدقق النظر في النيزك مرة أخرى.. يقترب منه أكثر فأكثر.. يدور حوله، وببطء يرفع كاميرته الى الأعلى موجهاً إياها نحو تلك البقعة.. يتخلى عن رغبته في تصويرها لكنها تشده اليها بشكل غريب فيبدأ بتصويرها من زوايا مختلفة، وعندما يكون في مواجهتها تماماً تنبثق منها حزمة ضوء مشع يتأثر المكان بها فتنطفئ الأضواء عدة مرات (فلاش) نرى خلالها الرجل في حركات وأوضاع مختلفة وكأن حزمة الضوء تسحبه الى داخل النيزك.. وإذ يرتطم به تطفأ الأضواء ويظلم المسرح تماما.. نسمع من خلال الظلام أصوات مؤثرات تشبه الصرير الحاد ثم تتوهج الإضاءة عدة مرات أيضا فنرى الرجل وهو يتقلب ذات اليمين وذات الشمال وكأن قوة ما تتقاذفه من مكان الى آخر.. تتوقف الحركة والصفير في آن.. يقرفص الرجل في وسط الظلام..بقعة ضوئية من أعلى سقف المسرح تسلط على الرجل وتأخذ بالاتساع شيئا فشيئا مع الموسيقى وإذ تتوقف فجأة يفز الرجل كما لو أنه كان غارقا في لجة حلم غامض وغريب.. ينظر إلى مصدر الضوء.. إضاءة فيضية خافتة تعمّ المسرح فينهض الرجل.. ينفض التراب من على ملابسه.. يرتب هندامه ثم يتفحص المكان من حوله بحركة بانورامية فيرى جدرانا تحيط به بشكل يشبه شكل النيزك من الخارج وهي مغطاة بمئات الفجوات..عندما تكتمل حركته البانورامية ويقفل على نفس النقطة التي انطلق منها يفاجأ بوجود فتى في مقتبل العمر يهم باحتضانه لكنه يزوغ عنه مستغربا.. ينظر أحدهما إلى الآخر بصمت بضع لحظات قبل أن يبدآ بالكلام.  

 

مشهد صائت 1

 الرجل  : (ما زال على استغرابه) من.. من أنت؟

 الفتى   :  (يخفض ذراعيه بإحباط) ألا تعرفني؟!

الرجل   : وكيف لي أن أعرفك ولم أرك من قبل؟

الفتى    : بل رأيتني كثيرا.

الرجل   : أين؟

الفتى    : في بعقوبتك.

الرجل   : بعقوبتي؟!

الفتى    : هكذا أطلق عليها أحد أصدقائك المقربين في رسالة     

           بعثها إليك ليخبرك عما آلت اليه من خراب

           ودمار..وعما فعلوه بشقيقه وولده البكر.  

الرجل   : وماذا فعلوا بهما ؟

الفتى   :  في ظهيرة يوم قائظ بينما هما عائدان الى البيت

           أوقفتهما واحدة من السيطرات المرورية

           المزيفة..أمروهما بالترجِّل من حافلتهما والانبطاح على     

           الرصيف ففعلا ..قيّدوهما وقبل أن ينطق أي منهما

           بكلمة واحدة حزّوا رقبتيهما من الوريد الى        

            الوريد..قطعوا رأسيهما ووضعوا رأس الابن على

           جسد أبيه ورأس الأب على جسد ابنه وراحوا  يقهقهون

           بصوت عال ثم غادروا مزهويين بفعلهم الجنوني(الفتى   

            يتنبه للرجل.. يسأله بصوت هادئ وعميق ) أحقاً أنك

          نسيت أمر هذه الرسالة؟                                                 

الرجل   : (ينتبه للفتى) ماذا قلت؟

الفتى    : (بارتباك) قلت أحقاً أ..أ..أ.. (يتوقف الفتى عن الكلام

           مرتبكا إذ يرى الرجل وهو يتفحصه بدقة ثم يقترب منه

           ليلمسه متحسسا تضاريس  وجهه) مـ   مـ ماذا تفعل

           يا عمي!                           

الرجل   : ها..لا..لا..لا شئ.. ظننت أنني أتخيل وجودك حسب.

الفتى    : (مبتعدا ببطء) كيف تتخيل وجودي وأنا أقف أمامك

           بلحمي ودمي

الرجل   : عادة يحدث لي هذا عندما أشرع بكتابة نص جديد

الفتى    : لكنك لا تكتب الآن شيئا

الرجل   : وما أدراك أنني لا أكتب

الفتى    : للكتابة، عندك، طقوس لا أرى أنك تمارسها الآن                 

الرجل   : هذا فقط لأنك لا تعرفني

الفتى    : بل أعرفك كما أعرف نفسي

الرجل   : حقا ؟

الفتى    : إذا كان كل الناس في مدينتنا يعرفونك حق المعرفة

          فكيف لي أن لا أعرفك أفضل منهم وأنا أقربهم إليك؟    الرجل   : كيف ؟

الفتى    : ماذا تعني بـ"كيف" 

الرجل   : أعني هل أنت قريبي حقاً ؟

الفتى    : ما هذا يا عمي هل فقدت ذاكرتك لا سامح الله

الرجل   : لا..ولكن..ربما نسيت بعض الأشياء حسب

الفتى  : وهل شقيقك واحد من الأشياء التي نسيتها يا عمي..شقيقك

         الذي أهديته واحدة من أهم  مسرحياتك"مقدمة من اجل

         شهوة النهايات"     

 الرجل   : طبعا لا .. فأنا أعتبره بطلا

الفتى    : هذا الذي اعتبرته بطلا هو........

الرجل   : (مقاطعا) أعرف لا حاجة بك الى تذكيري 

الفتى    : حسن لن أذكّرك ولكنني فقط أقول إنه هو نفسه الذي

           قفز من فوق العمارة عندما داهمت شقة جدي زمرة من

           أرذل العساكر في مدينتنا

الرجل   : (الرجل وهو ما يزال ساهما) وهل مات

الفتى    : بل هبط على الأرض مثل قط  

الرجل   : وماذا حدث بعد ذلك

الفتى    : القوا القبض على جدي وأودعوه السجن ليجبروا أبي

              على تسليم نفسه إليهم             

الرجل   : غريب

الفتى    : ما الغريب في هذا يا عمي!.انهم يفعلون هذا مع كل

           الناس في مدينتنا  

الرجل  : (ينظر الى الفتى بإمعان..يقترب منه..يمسكه من

          ذراعيه) أأنت ابن أخي الذي.....

الفتى    : (مقاطعا بلهفة) نعم يا عمي أنا هو كما ترى

الرجل   : غريب

الفتى    : ما الغريب يا عمي؟

الرجل   : أأنت محمد؟

الفتى    : نعم أنا هو يا عمي..محمد ابن أخيك

الرجل   : ولكنك....

الفتى    : ولكني ماذا يا عمي

الرجل     : ولـ.... (يتوقف عن الكلام)

الفتى    : ولكني ماذا يا عمي( الرجل لا يحير جوابا) عمي

           أرجوك

الرجل   : لا..لا شئ يا بني

الفتى    : بل ثمة شئ يا عمي..شئ يتعلق بي..قلتَ "لكنكَ"

           وسكتَّ..(متوسلا)  لكني ماذا يا عمي( بتوسل أكثر)

           أرجوك

الرجل   : (باستسلام) في الحقيقة أنا غير متأكد مما أرى

الفتى    : وماذا ترى

الرجل   : فتى له ملامح ابن أخي حقا ولكنها مختلفة أيضا

الفتى    : هذا شئ طبيعي جدا أنسيت أنك غادرتنا منذ أكثر من

           ثلاث سنوات.أليس هذا الوقت بكاف لتغيير        

           ملامحي..أنا ما زلت في سن المراهقة                                              

الرجل  : أعرف ولكنك(يتوقف مرة أخرى..الفتى يشير عليه

           مشجعا) ولكنك..(يلقي جملته محرجا) متّ قبل ثلاثة 

           أشهر بانفجار حزام ناسف  في سوق شعبي أمام متجر

           أبيك

الفتى    : لست وحدي من مات يا عمي..كنا تسعة أولاد في ذلك

           الحادث المريع..وكنت أول من رأى الشظايا وهي

           تخترق أجسادنا الغضة..تعذبت كثيراً وأنا أرى أخي

           الصغير يتلوى من الألم ..

 يختض وجرحه ينزف مثل نافورة حمراء..نسيت جراحي وكل الشظايا التي اخترقت جسدي والنار التي التهمت ملابسي  وأنا أراه أمامي يبكي ويصرخ مستغيثا بي..حاولت الوصول اليه أكثر من مرة ولكنني فشلت وإذ أحسست بعجزي عن الوصول اليه صرخت بأعلى صوتي مناديا على أبي..ثم سقطت على الأرض مضرجا بالدم ومشتعلا بالنار..جاء أبي إليّ..لا أعرف كيف سمع صرختي من مسافة بعيدة..وإذ وصل..كانت النار ما تزال تلتهمني بجنون وبجنون أطفأها بيديه العاريتين ثم ضمني إليه..إلى صدره الحنون..عانقني فشعرت أنها المرة الأخيرة التي يعانقني فيها..وضعني على الأرض برفق وهو ينظر الي بعينين  دامعتين محمرتين وبالكاد استطعت رفع يدي لأشير باتجاه أخي الجريح..التفت أبي مرغما وما إن رأى ابنه الصغير مضرجا بالدم حتى هرع اليه وعاد به ليمدده الى جانبي.. أردت أن أطمئنه فابتسمت بوجهه..وعندما حاولت أن أقهقه له خرجت مني شهقتين..شهقتين فقط ثم انتهى كل شئ..(صمت)..لم أعد أشعر بأي شئ على الإطلاق..لم أعد أرى أو اسمع أي شئ على الإطلاق..متّ..ولكنني على الرغم من موتي سمعت صرخته المدوية التي اجتازت حاجز الموت لتصل اليّ عبر فراغ الصمت المهول.. كانت تلك  الصرخة هي آخر ما أخذته منه الى عالمي الآخر..تصور يا عمي أنني ما أزال أسمعها..(تنطلق صرخة الأب مدوية فيضع الفتى يديه على أذنيه وهو يتلوى مع اشتداد الصرخة،وإذ تنتهي يتوقف عن الحركة قليلا ثم يطلق آهة طويلة)آآآه..مسكين أنت يا أبي (يوجه الفتى سؤاله للرجل الذي اغرورقت عيناه بالدموع) أتعتقد أن القدر كتب على والدي أن يتعذب طوال العمر من اجل أولاده يا عمي؟..(الرجل يختنق بعبرته)..ليت الفضول لم يدفعني والصغير أخي الى هذه النهاية المشؤومة..(صمت) لم أزل في الخامسة عشر من عمري وقد رأيت ما يشيب له القلب والرأس في آن..أشلاء متطايرة في الهواء ودم اندلق بشكل مهول على مساحة الأرض التي دفعتنا براءتنا اليها وأولاد يصرخون ويستغيثون وما من مغيث إلا أبي الذي راح يتحرك بجنون صوب هذا النازف بغزارة أو ذاك..يتوقف ثم يتوجه الى الرجل) أتعرف يا عمي لماذا َقتََلَنا ذلك الرجلُ الذي فجّر نفسه بيننا؟ (الرجل يظل صامتا)..أنا أقول لك..هذا الرجل المعتوه أراد أن يدفع أجرة عشائه في السماء،مع الرسول،من دمنا نحن..(الفتى ينظر الى الرجل الذي أصابه الذهول وهو يحدق في الفراغ)..عمي..(ينبهه بصوت أعلى)..عمي..هل أصبت بالذهول لمجرد سماعك ما قلت؟

الرجل   : لا..(يتوقف عن تأمل الفراغ..ثم) لم تعد هذه الأفعال

            مذهلة في بلادنا التي تغفو على هدهدة المفخخات،

             وتصحو على دوي الانفجارات

الفتى    : ما الذي أذهلك إذن ؟

الرجل   : (يتقدم نحوه قليلا ثم يشير اليه) أنت

الفتى    : أنا !.. كيف ؟

الرجل   : قل لي يا بني..كيف عدت من الموت؟ وكيف وصلت

           الى استراليا؟   

الفتى    : الحقيقة يا عمي..(يصمت مفكرا)..لا أعرف كيف..هم

           خيّروني فاخترتك أنت

الرجل   : من هم؟

الفتى    : لا أعرف

الرجل   : ها تستطيع وصفهم بشكل دقيق

الفتى    : لم أجد فيهم ما هو مختلف عنا

الرجل   : إذن.. من البشر

الفتى    : هل تعتقد خلاف هذا يا عمي

الرجل   : لا عليك..أجبني فقط لأن أمرهم يهمني

الفتى    : حسنا كما تريد يا عمي

الرجل   : قل لي يا بني..هل تحدثوا معك باللغة العربية

الفتى    : لا

الرجل   : بأي لغة إذن؟

الفتى    : لم يتحدثوا بأي لغة على الإطلاق

الرجل   : كيف فهمت ما أرادوا؟ وكيف فهموا ما أردت؟ أكانوا

           يستخدمون لغة الإشارة مثلا            

الفتى    : لا..لم يكن بهم حاجة لأي لغة كانت

الرجل   : وأنت

الفتى    : لم أكن بحاجة الى لغة أيضا

الرجل   : كيف فهم بعضكم بعضا

الفتى    : كنا ننطق بصمت..لا.. ليس تماما..كنا نتراسل فيما

           بيننا عن طريق (مفكرا) أ..أ أ عن طريق الدماغ

الرجل   : أهم الذين علموك على التراسل بهذه الطريقة

الفتى    : لا..وجدت نفسي أتراسل معهم بشكل طبيعي

الرجل   : بشكل طبيعي؟!

الفتى    : نعم..(يصمت قليلا) ما الغريب في هذا يا عمي؟

الرجل   : مهارتك الباروسايكولوجية

الفتى    : الباروسايكولوجية!.ماذا تعني هذه الكلمة

الرجل   : تعني أنك تعلمت كيف تحرر طاقة ما كامنة في دخيلتك

           وتستخدمها بطريقة تلائم ما تريد  

الفتى    : لم افهم

الرجل   : حسنا..دع أمر البراسايكولوجيا وأجبني هل تستطيع أن

           تتراسل مع  أبيك      

الفتى    : نعم..هل تريد أن أقول له شيئا

الرجل   : أنت تدهشني

الفتى    :  أنا أصغر من أن أدهش رجلا عظيما مثلك يا عمي

الرجل   : دعك من هذا وقل لي بصراحة تامة لماذا اخترت

           زيارتي في استراليا  

 الفتى    : لأني افتقدتك منذ أجبروك على مغادرة الوطن

الرجل   : وهل ساعدوك في هذا أولئك الذين تراسلت معهم

الفتى    : دعنا منهم يا عمي أرجوك..ليس هذا مهما بالنسبة لي

          ..المهم عندي هو أنني،الآن، معك..ثم أنني لم اقطع كل

          تلك المسافة الكونية من اجل التحدث عنهم ..جئت كي

          استمتع بمحاورتك والتعرف على المدينة التي تعيش

           فيها..(محاولا تغيير الموضوع)..ما رأيك يا عمّي أن

           نغادر هذا المكان الكئيب لتريني الراندل مول

الرجل   : كيف عرفت اسم هذا الشارع

الفتى    : أحد أصدقائك الشعراء في استراليا كتب قصيدة عن

           "مباهج الراندل مول"(2) أعجبت بها وتمنيت أن أرى

           تلك المباهج يوما ما 

 الرجل  : لا بأس ولكن ليس قبل أن تقول لي كيف وصلت الى

           هنا 

الفتى    : أنت تعيدني الى الموضوع الذي فرغنا منه يا عمي   

الرجل   : انتهينا من تراسلك الفكري فقط..أنا سألتك عن كيفية

           وصولك الى استراليا 

الفتى    : لكنني لم أعرف كيف

 الرجل  : ما معنى أنك لا تعرف ؟

الفتى    : من أين لي أن أعرف يا عمّي،وأنا أقل معرفة بالأشياء

           التي حولي منك أومن أبي 

الرجل   : أنت تتحدث كما لو كنت متأثرا بمسرحية الصرخة

الفتى    : أنا متأثر بكل مسرحياتك يا عمّي

الرجل   : وهذا يجعل الأمر أكثر غرابة

الفتى    : وما وجه الغرابة فيه

الرجل  : وجودك بعد موتك، معي، في استراليا..شئ مشابه لما

          حدث في مسرحية  الصرخة

الفتى   :هل تعني أنك تتخيل وجودي الآن بينما أقف أمامك اللحظة

         بلحمي ودمي

الرجل  : هذا ما يجعل الأمر أشد غرابة

الفتى   : أنت لا تؤمن بوجود حياة ما بعد الموت إلا في كتاباتك

          حسب

الرجل  : لو كنتَ قادماً من عالم الموتى لجئتَ كروح أثيرية 

الفتي   : هل ثمة فرق بين العالمين يا عمي

الرجل  : الموت هو الامتداد الطبيعي للحياة

الفتى   : أعتقد أن كل من لم تكتمل حياته في العالم الأول يجنح

          الى إكمالها في

 العالم الثاني فالرجل الذي فجر نفسه بيننا يؤمن أنه سيتناول عشاءه في السماء وهذا يعني انه سيكمل حياته التي أوقفها في عالمه الأول،وأنا الآخر عدت كي أكمل حياتي

الرجل   : إذا افترضنا أنك على صواب فهذا يعني أن الرجل

           سيكمل حياته في

  السماء..في عالم غير محسوس..أما أنت فموجود الآن على الأرض بشكل مادي محسوس على الرغم من كونك ميتا....... (يصمت على نحو مفاجئ ثم الى الفتى) هشششششش ..أنا اسمع صوتا غريبا هل تسمعه أنت أيضا؟

الفتى  : نعم (صوت صفير قادم من بعيد، وآخذ بالارتفاع شيئا

             فشيئا، وهو يصم الآذان، وإذ يشتد  أكثر فأكثر فانهما

             يضغطان على آذانهم ويلقيان بنفسيهما على الأرض

وتنطفئ الأضواء)  

*

 مشهد صائت 2

(الرجل والفتى ما يزالان ممددين على الأرض..بقعة ضوء صغيرة تتسلط عليهما من الأعلى.. يرفعان رأسيهما ببطء..يفاجأ كل منهما بوجود شخص له ملامح يعرفانها..ينهضان.. ينظر كل منهما الى الآخر ثم الى القادم الجديد.. الفتى متمتماً مع نفسه) أبي! أكاد لا أصدق ما أرى (يركض إليه..يضمه الى صدره..يقبل جبهته..ينحني            

ليقبل يده أيضا) أبي..أنا آسف لما حدث يا أبي

صلاح    : لا عليك يا بني

الفتى    : كيف حال والدتي وأخوتي

صلاح   : كلهم بخير

الفتى    : أما تزال والدتي حزينة عليّ

صلاح  : وماذا تتوقع غير ذلك..لقد نزل الخبر عليها كالصاعقة

           حتى أنها لم تعد تتحرك على الإطلاق،وكنا نخشى أن

           تكون قد شلّت قدرتها على الحركة

الفتى    : وكيف هي الآن ؟

صلاح   : أفضل من قبل على الرغم مما تشعر به من الحزن

            والاكتئاب..تصور انها تتحدث إليك من خلال أخيك

            الجريح طوال الليل،ولا تغمض لها عين قبل أن

            تناجيك وتطمئن على نومك قريبا منها  

الفتى    : (متألما) آه ما أشد العذاب الذي سببته لك يا أمي.. لو

            قدر لي أن أعيش ثانية لقتلت ذلك الانتحاري اللعين

            شرّ قتلة (يحتضن أبيه و يشرع بالبكاء) سامحيني يا

            أمي

صلاح   : لا عليك يا ولدي لست مسؤولا عما حدث لها (مغيراً

            الموضوع) ما هذا يا ولد كدت تنسيني عمك(يتوجه الى الرجل) كيف حالك يا أخي؟                

الرجل   : لست بأقل حيرة مما كنت عليه قبل وصولك

صلاح   : (مستغربا) أهكذا تستقبلون ضيوفكم في استراليا!

الرجل   : لا.. ولكن.....

صلاح   :  (مقاطعا) ولكن ماذا يا أخي

الرجل   : وصولك الى هنا أمر في غاية الغرابة

صلاح   : أنا لا أجد فيه ما يدعو الى ذلك..أردت المجئ فجئت

الرجل   : هكذا وبكل بساطة

صلاح    : (باكتئاب وهو يهم بالمغادرة) أشعر أنني غير مرحب

            به هنا

الرجل   : (يغير نبرة كلامه.. يوقفه) على العكس يا أخي بمجيئك

            تحقق لي ما كنت أتمناه منذ وقت طويل

الفتى    : (متدخلا) كنت وعمي نتحدث عنك يا أبي

صلاح  : جميل أن أسمع هذا منك

الفتى    : أنت ما تزال بطلا في نظر عمي

صلاح  : حقا؟

الفتى    : ليس في مسرحياته حسب، بل في الحياة أيضا

صلاح  : رجل بسيط مثلي لا يمكن أن يكون بطلا إلا في

           مسرحيات عمك

الفتى  : عمي لم يتناول شخصيتك إلا بمحتواها العراقي حسب..ألم

         يطلق عليك اسم صلاح العراقي؟  

الرجل   : (الرجل مقاطعا) اسمعني يا أخي..(يقترب منه..

            يصمت لحظات قبل أن يباشر الكلام معه)أنا لا أخفي

            عليك..(يسحبه بعيدا عن الفتى)قدوم محمد الى هنا

            أربكني كثيراً..أنت تعرف أن محمدا راح ضحية

رجل مخبول أو نصف مخبول فجّر نفسه وسط مجموعة من الأولاد

 صلاح  : نعم..أعرف

الرجل   : وتعرف أيضا أنه دفن في مقبرة مدينتنا (القادم يشير

            بالإيجاب) ولكنك لا تعرف أنه ما يزال حيا يرزق

صلاح   : (يضحك مقهقها) ما هذا الكلام يا أخي..ليس بيننا من

            هو حي يرزق

الرجل   : (مصعوقا) م..م..ممماذا تعني..لا ..لا يمكن أن أكون

            قد متّ أنا الآخر

صلاح   : وبماذا تفسر وجودك معنا

الرجل   : بل قل وجودكم معي..أنا هنا في أديلايد أعيش مع

          زوجتي وأبنائي..أما أنتم فقد جئتم لزيارتي مع أنني لا

          أعرف كيف    

صلاح   : لم أعهدك مربكا الى هذه الدرجة..أتخاف أن تصدق ما

           حدث لك يا أخي ؟

الرجل   : وماذا حدث لي..هل متّ ودفنت في أديلايد من دون أن

           أعرف أنني متّ فعلا ؟

صلاح   : لا..ليس تماماً

الرجل   : ماذا تعني بـ "ليس تماما"

صلاح   : ليس سهلا على مثلي إقناع من هو مثلك

الرجل   : أرجوك يا أخي دع البلاغة وتحدث إلي بلغتك التي

           أحببت بساطتها على الدوام

صلاح   : حسن..لا بأس..هل أستطيع إلقاء سؤال واحد عليك؟

الرجل   : نعم..بالتأكيد

صلاح   : كيف تفسر وجودنا معا في هذه اللحظة

الرجل   : مع أنني لا أستطيع تفسير الأمر الآن على الأقل، إلا

           أنني على يقين مطلق من وجودي حيا

صلاح   : أواثق أنت مما تقول

الرجل   : نعم.. بل وأكثر مما تتصور

صلاح   : حسن..الآن قل لي يا أخي..(يقول جملته الآتية بشئ

             من الخجل) لماذا أدخلك الاستراليون مستشفى

            الأمراض العقلية 

الرجل   : وماذا في ذلك..لقد دخلت اليها بمحض إرادتي

صلاح   : لماذا؟

الرجل   : لأن ما حدث يفوق الخيال..(يبدأ بسرد ما حدث) في

           ذلك المساء الهادئ كالعادة،في أديلايد، كنت اشتغل على

            النت.. نبهتني نافذة الرسائل الى وصول رسالة جديدة

            فأسرعت الى صندوق رسائلي..فتحت الرسالة ثمّ    

            فتحت الملف المرفق معها((attach file وكان فيلما

            يصور كيف حوصرتم في منطقة ضيقة جدا..

 

 مشهد سينمي

 1) لقطة عامة :

  بضع مئات من الناس العزّل محاصرون في مساحة صغيرة جدا وعدد من الملثمين يشهرون السلاح بوجوههم ولا يتوانون في إطلاق النار على أي فرد منهم.

2) لقطة قريبة :

  أحد الأولاد، يتحرك متسللا الى خارج المكان الذي حشروهم فيه

3) لقطة قريبة جدا (كلوز أب) :

           عينا أحد الملثمين تراقب حركة الصبي

4) لقطة متوسطة :

الملثّم يتحرك من الجهة المعاكسة لخروج الصبي الذي ما يزال مندفعا

الى الأمام  

5) لقطة قريبة :

انتقال بين حركتي الصبي والملثم بسرعة

6) لقطة متوسطة :

الملثم يمسك بالصبي..يرفعه من رقبته ويأخذه الى كبيرهم 

7) لقطة متوسطة :

يظهر كبيرهم فتقترب منه الكاميرا بوساطة الزوم حتى تتحول اللقطة الى( كلوز أب) على عينيه المتقادحتين شررا..يغلقهما كجواب عن سؤال صامت للملثم الذي ما يزال ممسكا بالطفل

8) لقطة عامة :

الملثم يطرح الصبي على منضدة وضعت أمام كبيرهم وساقيه متدليتان الى أسفل.. يقلبه على بطنه..يأتي اثنان من الملثمين يحكمان إمساك الصبي بينما راح الملثم الأول يعرّي مؤخرة الصبي بين هلع الناس وتوجسهم..يتناول من أحدهم سيخا ويبدأ بإدخاله في مؤخرة الصبي  وبسرعة مذهلة يدفع السيخ ليخرجه من فم الصبي

9) لقطة قريبة :

الأم والأب وبعض الناس يصرخون صرخة مدوية وقد فتحوا أفواههم على آخرها

ملاحظة :

 (يمكن للمخرج السينمائي أن يضيف ما يراه ملائما من اللقطات أو أن يدخل تعديلات عليها)

    (تطفأ الشاشة..الرجل يشرع بإكمال حديثه بعد لحظة توقف قصيرة) لم أتمالك نفسي وأنا أسمع صرخة أمه وأبيه..صرخت معهما بأعلى صوتي وكأني بهذي الصرخة أردت الاحتجاج حسب..أمسكوا بأمه وأبيه قالوا لهما أتعترضان على حكمنا في ابنكم الكافر..سكت الأب لكن الأم انفجرت باكية وهي تتمتم بأنفاس متقطعة "حسبي الله ونعم الوكيل" كان أحدهم قد سمعها فجرها من شعرها على مرأى من الجميع وهو يصرخ في الناس:ـ من يحاول الاعتراض على مشيئتنا فان مصيره لن يكون بأفضل من مصير هذه الكافرة..(يوجه لها أمرا) قفي هنا وإياك إياك أن تتحركي..تركها واقفة وتوجه،على عجل،الى واحد من زمرته..أخذ منه سيفا استله من غمده.. وبحركة سريعة وقفزة عنيفة فصل رأسها عن جسدها..ظلت المرأة واقفة بلا رأس في محلها..حاولت رفع يديها الى الله لكنها هوت ونافورة الدم اندفعت بقوة الى الأعلى..أعلن أحدهم أن وجودهم هنا إنما لترقية بعضهم الى رتبة أمير ثم طلب منكم أن تقدموا لكل واحد منهم عشرة من أبنائكم ففعلتم ألبسوهم عباءات سود وبدأوا بذبحهم الواحد تلو الآخر وكلما انتهوا من عشرة جاءوا على عشرة أخرى حتى وصل الدور إليكم فتقدمتَ أنت من كبيرهم وبغضب لم يتوقعوه منك بصقت على لحيته الشعثاء..قيدوك وكمموك وفتحوا نيرانهم على الجميع..سقط الناس صرعى يتلوون ويصرخون ويستغيثون وما من أحد يغيثهم في تلك اللحظة الدامية

صلاح   : وماذا حدث بعد ذلك ؟ (الرجل يظل صامتا) أنا أقول

             لك..لقد تدخّل جيرانك فتحدثوا،عبر  الهاتف، مع

             الشرطة بعد أن أفزعتهم صرختك المدوية..اعتقلتك

             الشرطة وحققت معك وتبين لها من خلال إجاباتك

             انك تعاني من ضغوطات نفسية وعصبية حادة

             فاقترحوا عليك دخول المستشفى ليساعدوك على

            تجاوز أزمتك وليس هذا كل ما في الأمر

الرجل   : بل هو كل ما في الأمر تماما

صلاح   : إذا كان كذلك لماذا لم ترجع الى عائلتك..ها

الرجل   : لأنني ..لأنني ..

صلاح   : لأنك متّ في المستشفى متأثرا بقوة الصدمة (صمت..

             يتوقف الممثلون عن الحركة.. الرجل يتركهم متوجها

              الى جمهور النظارة)  

الرجل   : (بذهول) الحقيقة أنني في حيرة من هذا كله..لقد اختلط

             علي الأمر فلم أعد أعرف ما إذا كنت أكتب نصا جديدا أم أعيش حدثا فعليا .. لا أخفي عليكم أنني مرتبك ومضطرب قليلا ولا أكاد أعرف سببا واحدا لكل هذا..(صمت)..ما أعجب أن يجتمع الموتى بالأحياء فلا نعرف من منهم الميت ومن منهم الحي.(تطفأ الأضواء على خشبة المسرح..يظهر المذيع

           في لقطة متلفزة أخرى)

 

(3)

Host: our correspondent from the national museum reports that visitors had seen three strangers, close to the meteorite, talking to each other.  Then the ‘strangers’ simply disappeared. Here is what the camera recorded.

 

Reporter: Can you tell us what you actually saw?


Citizen 1: Sure .. .I saw a man and a young boy about 20 metres away.   But when I approached them, they just disappeared


Citizen 2: I saw three ‘people’ - they disappeared when I tried to get closer to them.


Citizen 3: They were two, then another one joined them. But they completely vanished before I could greet them.

 

Citizen 4:  I didn’t go near them. I just kept watching from a distance.  They didn’t disappear until the camera-man turned up.

 

Reporter:  However, there have been conflicting views on the nature of the strangers…. Other witnesses were pretty sure that the strangers were real humans. If they were ghosts, they wouldn’t have come out during the day ..

 

Indeed, the manager of the museum has declared that nothing  untoward happened … He claims that the mental confusion, which apparently is still affecting people, is most likely a result of the meteorite explosion itself, rather than any encounter with  ghosts.

That’s it for me now. I will be back with a news update at 9.

 

نهاية الفصل الأول

***

*

 الفصل الثاني : مشهد صائت1

{المكان السابق نفسه..الأشخاص الثلاثة أنفسهم يجلسون في أماكن متباعدة..الفتى ينهض متوجهاً نحو الرجل،وبنفاد صبر يوجه كلامه اليه}

الفتى    : لقد وعدتني يا عمي بالذهاب الى الراندل مول.أما آن

           الأوان لنذهب الى هناك    

الرجل   : ومن سيخرجنا من هنا؟

الفتى    : ماذا تعني يا عمي؟

صلاح   : ألا ترى الظلام الذي نحن فيه يا بني؟ هل ثمة مخرج من هذه الدوامة العجيبة؟

 الرجل   : أنا اعتقد بوجود مخرج حتى في ظرف دوامة ظلامية  مثل هذه الدوامة

صلاح   : أنت متفائل دوما على الرغم من كل التجارب القاسية   التي مررت بها

الرجل   : أليس هذا هو ديدنا كعراقيين؟ 

صلاح   : نعم ولكن الأمر الآن متعلق بخروجنا من هذه الدوامة السوداء..من هذا العالم المظلم الذي يلتف حولنا أنى ذهبت بنا السبل

الرجل   : أنظر الى هناك يا أخي (يشير برأسه)

صلاح   : هناك أين؟

الرجل   : (يشير بسبابته الى الأعلى)  أعلى السقف..ألا ترى  بصيص النور هناك

صلاح   : أراه ولكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ هل نحشر أجسادنا في  خرم الإبرة هذا؟

الرجل   : ألم تجئ أنت من هذا الخرم

صلاح   : أنا أم أنت

الرجل   : أنا موجود هنا أصلا..في استراليا

 صلاح  : وأين هي استراليا؟ أهذه التي أنت في داخلها الآن؟

الفتى    : ماذا تعني يا أبي؟ إن عمي يعيش هنا منذ سنتين!

صلاح   : يبدو أن الأمر قد اختلط عليكما فما عدتما قادرين على التمييز بين  الظلام وبين استراليا    

الفتى    : إن لم نكن في استراليا أين نحن إذن

صلاح  : هنا وسط ظلام لا أحد يعرف مداه ولا متى سينتهي

الفتى    : لكنني اخترت زيارة عمي وها أنا أقف الى جانبه

صلاح  : من قال لك خلاف هذا..أنت زرت عمك في المكان الذي هو فيه الآن

الرجل   : ( محاولا تقديم تفسير للفتى) والدك يعني أنك عندما تفقد وجودك المادي فانك تتحرر من قيود الحياة      

الفتى    : وهل يفضي التحرر من قيود الحياة الى قيود حرية  الموت 

الرجل   : ليس تماما

الفتى    : كيف؟

الرجل  : اعتقد أننا نمر بمرحلة لم يشهدها كائن من قبل..مرحلة تذوب فيها الحدود بين ما كان وما هو كائن، بين القيد  والحرية، بين الظلام والنور

الفتى     : هل هو برزخ من نوع آخر

صلاح    : بل هو ممر يفضي بنا الى حيث نريد

الفتى     : لا أظن

صلاح    : لماذا؟

الفتى     : لأنني أردت رؤية الراندل مول ولم يتحقق لي هذا

صلاح    : هذا لأنك لا تستطيع اللقاء بالأحياء

الرجل    : نحن لم نحاول بعد

صلاح    : لا حاجة بكما لتجريب ما هو مجرب

الرجل    : هذا يأس لا يمكن أن يوقف رغبتنا الى الأبد

الفتى     : أنا مع عمي في هذا وعليك يا أبي آن تكون معنا أيضا

صلاح    : حسنا ولكن ماذا يمكننا أن نفعل ونحن محاطون  بجدران من الظلام الرهيب

الرجل    : أن نخترقها لنطل على عالم النور

الفتى     : أنا على استعداد لفعل أي شئ من أجل أن أرى عالم  النور

الرجل    : قل يا أخي..هل يمكن أن تحدثني عمن جاء بك الى  هنا ربما وجدنا في مجيئك من هناك طريقا لخروجنا

             من هنا

صلاح    :

   حسنا..(يبدأ بالتذكر) في مساء لا يختلف كثيرا عن مساءاتنا الدامية خرجنا في موكب جنائزي حاشد ونحن نحمل على أكتافنا عدداً من ضحايا عبوة لئيمة من عبواتهم التي  يزرعونها عادة في الأماكن المكتضة بالأبرياء..توجهنا إلى مسجد المدينة ولم نعرف أن بيننا واحد من اؤلئك الحمقى الذين يرومون الآخرة على حساب حياتنا الدنيا..فجّر نفسه بحزام ناسف فتطايرت أشلاء الأحياء منا والأموات، وغطت لون الإسفلت حمرة الدم وقطع اللحم المتناثرة هنا وهناك..كانت قطع اللحم المتطايرة تشع لامعة مثل نيازك متناثرة..ثم ارتفع صوت الأنين ممزوجا بشخير الدم النازف من عشرات الجرحى..أصابتني شظية في الساق ولكني مع ذلك كنت أحاول جر من جرحوا الى خارج بركة الدم التي فاضت بسرعة مهولة حتى سقطت مستسلما لإغماءة لا أعرف متى خرجت منها بالضبط..كنت وأنا في إغماءتي أتمنى أن التقيك ولو لحظة واحدة..وعلى نحو مفاجئ وغريب وجدت نفسي قريبا منك ومن ابني الذي فجعوني به من قبل.

الرجل   : هذا يعني أنك ما تزال حيا

صلاح   : حياً أم ميتاً لم يعد الأمر بهذه الأهمية

الفتى    : هل نسيتما فكرة خروجنا من هذا المكان الموحش؟

الرجل   : حسنا لنحاول الآن

الفتى    : كيف؟

الرجل : اقتربا مني (يقتربان غير مصدقين) تمسكا بيدي(يصدر من مكان ما صوت صفير حاد..يرمون أنفسهم على الأرض..يغطون آذانهم بايديهم..يطفأ الضوء عدة مرات ثم يسود المسرح ظلام كثيف).

 

 مشهد صامت:

   تتوهج الإضاءة تدريجيا..ينهض الشخوص الثلاثة ببطء..تظهر خلفهم  ثلاثة أعمدة من الضوء يخرج منها ثلاث شخصيات بهيئات غريبة شبه بشرية وشبه روبوتية وهم يقفون خلف الشخصيات الثلاث..تتوهج الإضاءة أكثر فيبدو المكان منظرا  لسطح كوكب من كواكب  مجموعتنا الشمسية أو من خارجها..يفاجأ الثلاثة بردود أفعال مختلفة وهم ينظرون إلى الغرباء..يتوقفون عن الحركة ذهولاً وعيونهم شاخصة باتجاه الرجال الكونيين..يتحرك الكونيّون نحوهم فيتراجعون..يتوقفون عن الحركة..الكونيّون يشيرون إلى الرجل فيلتفت الرجل إلى أخيه وابن أخيه قبل أن يتقدم باتجاههم..يخرج أحد الكونيين آلة تشبه الريموت كونترول..يضغط عليها فيظهر على البقعة الخلفية عدد من الملثمين داخل مطبخ منزلي وهم يبقرون بطن طفل على مرأى من أمه وأبيه، فتندلق أمعاءه بشكل رهيب وهو ينتفض ويختض..يعلقونه بحبل رفيع مشدود بمروحة السقف من قدميه..يتلذذون بانتزاع أمعائه ببطء مثلما يسحب الجزارون أمعاء الخراف..يشيرون على أبيه وأمه أن يضعاه في الفرن..يرتبكان..يرفضان..يتقدم أحد الملثمين وبسكين يطعن الأب طعنة جارحة فيرتد الأب ممسكا بجرحه وقبل أن يطعن الملثم الأم يشير الأب عليه بالتوقف فيتوقف منتظرا ما سيفعله..يتقدم الأب من الفرن يوقده..يرفع  درجة النار إلى أعلى مستوياتها..ثم على نحو مفاجئ يحشر رأسه في الفرن..يتقدم الملثم ساحبا رأس الأب إلى الوراء يدفعه بعنف فيسقط على الأرض وهو يتلوى من الألم..يتركه منصرفا إلى الأم يسحبها إلى حيث علقوا جسد ابنها  النحيل..الأم تبكي بصمت..يأخذ الملثم الطفل ويسلمه إلى أمه مشيرا عليها بوضعه في الفرن..تتقدم من الفرن..تحشر رأسها في فتحة الفرن لكن الملثم يسحبها بقوة..يأخذ منها الطفل..يرميه على الأرض..يمسك الأم من شعرها يشدها بقسوة ثم يطعنها في بطنها طعنة جارحة أيضا..الأم تتلقى الطعنة ببرود فيطعنها ثانية وثالثة حتى تصرخ مستغيثة فيلقي بها قريبا من زوجها..بقدمه يرفس الطفل عدة رفسات حتى يجعله قريبا من والديه وهو يشير عليهما مهددا لكنهما يظلان بلا حراك..يتقدم الملثم من الأم..يسحبها من شعرها إلى وسط المكان ويبدأ بتمزيق ثيابها وسط ذهول الأب وتوجسه..يفهم الأب ما يريده الملثم فينهض حاملا ولده الذي غطاه الدم تماما..يتقدم ببطء شديد من الفرن يضع ابنه في داخله وهو يبكي بصمت..يغلق باب الفرن ويتراجع ببطء إلى الوراء..عيناه مشدودتان إلى الفرن..إلى ابنه الذي أخذت النار بشيه..يرتطم بجسم زوجته المكور على بعضه فيجلس إلى جانبها..يغطي عريها بقطع ثوبها الممزق..الملثمون يصفقون تصفيقا إيقاعيا طوال فترة الشواء وإذ يتم يخرج أحدهم الطفل المشوي من الفرن ويضعه أمام والديه..يقدم ملثم آخر للوالدين مديتين وشوكتين ويأمرهما بتقطيع لحم ابنهما فيمتنعان..ينحني الملثم عل الأب ويطعنه بحربته طعنة أخرى وأخرى..الأب يتلوى بصمت..يحاول الملثم طعن الأم فيوقفه الأب..ينظر إلى زوجته بألم يتناول السكين ويقطع جزءًا من لحم ابنه..يشير عليه الملثم بقطع قطعة أخرى فيفعل وهو مغمض عينيه..يكرر الملثم طلبه وإذ يضع الأب السكين على جسد الطفل مغمض العينين أيضا يمسك الملثم يده ويجبره على فتح عينيه فيفعل..يقطع قطعة أخرى فتسقط السكين من يده..يأمر الملثم الأم أن تفعل مثلما فعل الأب..يهددها بقتل زوجها إن لم تفعل..تأخذ السكين بيد مرتجفة وتحاول الانقضاض على الملثم لكنه يتفاداها بسهولة ويمسك بها من شعرها ويطرحها أرضا..يسلمها السكين..تنظر إلى زوجها..ينظر زوجها إليها ،وبتردد تمد السكين إلى جسد الطفل لكنها لشدة ضعفها لم تعد تقوى على تحريك السكين على جسد ابنها..يمسك الملثم يدها ويحز قطعة من جسد الطفل..يكوم قطع اللحم أمام الوالدين ويأمرهما بأكل لحم ولدهما..يمتنعان..يسحب الملثمون أقسام أسلحتهم ويوجهون فوهات بنادقهم اليهما مهديين..يأكل الأب قطعة من لحم ابنه ثم تأكل الأم قطعة أخرى، وإذ يتوقفان يأمرهما الملثمون باستمرار الأكل، وإذ ينتهيان من آخر قطعة يصفق لهما الملثمون تصفيقا عاليا ثم يأمرونهما بالوقوف وإذ يقفان متحاملين على أقدامهما يطلق الملثمون النار عليهما بهمجية وجنون وضحك هستيري..يتوقف المشهد بواسطة الريموت كونترول..تطفأ الأضواء على المسرح الخلفي وتضاء على المسرح الأمامي.

 

مشهد صائت2

  الكونيّون يقفون بمواجهة الأشخاص الثلاثة..يتحدثون بلغة غريبة غير  مفهومة..أحدهم يوجه الريموت إلى السايك ويضغط عليه فيظهر على السايك سبتايتل لترجمة ما يقولونه  بشكل مباشر.  

كوني1 : (يتحدث فتظهر ترجمة ما يقول على السايك) لقد رأينا ما               حدث لكم فأخذتنا الدهشة من أفعالكم..أردنا دراسة كائناتكم فانبهرنا بسلوكها

المريب..انتم أول الكائنات في مجالنا الكوني تتصرف على هذا النحو الغريب(يشير إلى مكان الحدث).

كوني2 : أردنا التعرف على حقيقتكم، ومعرفة ما إذا كان ما   

          تفعلونه أمراً طبيعيا في ثقافتكم الأرضية

الرجل  : لماذا نحن دون غيرنا من البشر

كوني2  : لأننا اخترنا استراليا مجالا لبحوثنا الكونية..ولأنك                      اقتربت من نيزكنا بشكل أثار فضولنا..لذا قررنا أن نلتقي بك وبعض من ذويك لاختلاف طرق مواجهتكم لحتوفكم

كوني3  : وهذا هو عين ما نريد معرفته منكم.. أي الحقائق                       الثلاث أكثر تمثلا لثقافتكم الأرضية

الرجل   : عندما يعجز البشر عن مواجهة حقائقهم فإنهم يبتكرون                 أساليب جديدة للمواجهة

كوني 2 : انتم الثلاثة تختلفون بطرق مواجهتكم فمن منكم على                   صواب؟

الرجل   : نحن ضحايا المواجهة

كوني1   : إذن لماذا لم تمت أنت ؟

الرجل   : لأنني لم أواجه الموت بعد؟ هربت منه لحظة تربصه بي ومحاولته النيل مني بعد أن تمكن من صديقي الذي كنت اعمل بمعيته في صحيفة محلية وسوف لن يطول هذا إلى أمد بعيد

كوني  1: هل يعني هذا أنك أجلت المواجهة؟

الرجل  : نعم..إلى ساعة آتية لا ريب فيها

كوني1 : هذا يعني أنكم ستسفكون دم أعدائكم كما سفك أعداؤكم                 دماءكم

الرجل  : بل يعني أننا سنوقف النزيف

كوني1  : وماذا عنك..كيف كانت مواجهتك

الفتى   : أنا واجهته،مرغما، بوقت مبكر جدا عندما فجّر انتحاري  نفسه بيننا طلبا لعشاء في جنة توهمها ثم حسبها يقينا

كوني1  : (موجها السؤال إلى صلاح) وماذا عنك؟

صلاح  : أنا واجهته أكثر من مرة وفي كل مرة تبوء محاولته                   بالفشل الذريع

كوني2 : ألهذا أطلقوا عليك اسم العراقي.. صلاح العراقي ؟

صلاح  : نعم .. لتشبثي بالحياة ومقاومتي الموت في كل حرب                 فرضت علي بلا وجه حق

كوني1  : إذن انتم مختلفون

الرجل  : ومتشابهون

كوني  1: كيف

الرجل  : في كوننا ضحايا ظرف ابتكروه لنا لإيقاف دفق حياتنا                 ونبضها السرمدي 

كوني1  : وماذا تتمنون؟

الفتى   : أن نتجول في شوارع أديلايد لنستعيد شعورنا بالأمان

          ،هنا، بعد أن فقدناه هناك

 كوني1 : وبعد

صلاح :  أن يتفرغ الناس من شؤون الموت ليهتموا بشؤون الحياة

كوني 1: (بتأكيد واضح) هذا هو ما ينقصكم بالضبط..لقد اهتمت كل المخلوقات الكونية بشؤون حياتها إلا أنتم تتصرفون وكأن الحياة شئ لا يخصكم وهذا هو ما جلب انتباهنا إليكم وعملنا من أجل معرفة أسبابه المجهولة عن طريق دراسة طبيعة حياتكم وطرائق تعاملكم  

الرجل : المسألة ليست كما تتصورون..الناس على كرتنا الأرضية لا يشبهون غيرهم من الكائنات ولا يشبهون بعضهم بعضاً..أهواؤهم مختلفة وميولهم ورغباتهم وأهدافهم وقيمهم مختلفة أيضا..تعودوا العيش على شكل

جماعات شكلت دولاً وصار لكل دولة حكومتها فبرزت الاختلافات

والخلافات 

كوني1 : هل يعني هذا استمرار ما أنتم عليه بلا توقف ؟

الرجل : بل سيتوقف في يوم ما

كوني1 : في بلادكم فقط؟

الرجل : بل في العالم أجمع

كوني1 : متى؟

الرجل : ستعرفون في حينه..ألم تقل أنكم ترصدون حياتنا  بتفاصيلها؟

كوني1 : نعم

الرجل : إذن ما عليكم سوى الانتظار ، وسوى.............. 

كوني1 :(أصوات متداخلة وصفير مدخول في نغمات كونية غير   محددة..يستلم

كوني1إشارة خاصة على جهاز صغير..يشير باتجاه السايك فتتوقف

الترجمة..يتحدث بلغته الغريبة..يوجه كلامه إلى الرجل،بعد أن يشير إلى السايك ثانية) مضطرون لمغادرتكم وقد  نعود إليكم..وحال مغادرتنا لكم..

ستتحررون من هذا المكان.                           

  يتوقف شريط السبتايتل على السايك..كوني1 يوجه أوامره بلغته الغريبة..وبعد لحظات نسمع أصوات صفير تأخذ بالارتفاع شيئا فشيئا..هدير محركات عملاقة..ضجيج وأصوات متداخلة..تطفأ الأضواء عدة مرات قبل أن يسود الظلام..يختفي الكونيّون الثلاثة ويتبدل منظر السايك،وإذ يفتح الضوء ثانية نرى الرجل وهو ما يزال على الأرض.. يتراكض الناس باتجاهه.. يحيطون به.. يستخدمون كاميراتهم المختلفة لتصويره من عدة زوايا، وإذ يتقدم منهم يتراجعون وهم يستشعرون شيئا من الخوف.. نسمع صوت منبه سيارة الشرطة ومنبه سيارة الإسعاف..تداهم الشرطة المكان..يتراجع الناس إلى داخل المتحف،ويضع رجل الشرطة حزاما حول منطقة الحدث..يظل الرجل على وقفته بلا حراك مندهشا مما يجري حوله، بشكل غريب، وكأنه في حلم يقظة لم ينته بعد.. يتقدم اثنان من المسعفين يضعان الرجل على حمالة نقل المرضى..تفسح الشرطة لهما المجال فيأخذان الرجل إلى إحدى سيارات الإسعاف خارج المسرح..يظهر المذيع في مقدمة المسرح وفي الوقت نفسه نشاهد صورته من على الشاشة مباشرة:

(4)

 Host: The question to ask is : What has, and is still, happening at the museum of South Australia?

 

Is it just mental confusion as the museum office has declared? 

Or is it something more sinister???

*  انتهت *

         

……………………………………………

(1)

  المذيع : كان هذا تصويرا افتراضيا لنيزك(Mundrabilla Meteorite) الذي سقط في منطقة (Nullarbor Plain) وأهداه للمتحف عام 6619 السيد B.Wilson، ويعتقد السكان المحليون أن النيزك تسبب في خلق حالة ارتياب ذهني أعقبت لحظات سقوطه، ولا يعرفون ما إذا كانت آثاره الجانبية ما تزال مستمرة حتى هذه اللحظة.. شكرا لاهتمامكم بآثار متحفنا الوطني.

(2)

(مباهج الراندل مول) قصيدة للشاعر العراقي المقيم في استراليا أديب كمال الدين وهي واحدة من القصائد الأربعين التي شكلت بمجموعها ديوان الشاعر (ما قبل الحرف..ما بعد النقطة)

 

 (3)

المذيع  : أيها السيدات والسادة..أكد مراسلنا المتواجد في متحفنا الوطني أن زوار المتحف  شاهدوا ثلاثة أشخاص وهم يحاورون بعضهم بعضا بالقرب من نيزك(Mundrabilla Meteorite) وإذ اقتربوا منهم اختفى الأشخاص ولم يعد لهم أثر يذكر..واليكم الآن ما سجلته عدسة مراسلنا هناك..( تظهر على الشاشة صورة المراسل يلتقي بعدد من الناس وهم يتحدثون عما شاهدوه قرب بوابة متحف ساوث استراليا)

 

المراسل: هل يمكنكم أن تحدثونا عن حقيقة ما رأيتم ؟

مواطن1: نعم ..أنا شاهدت رجلاً وفتى في مقتبل العمر في هذا المكان بالضبط ولمّا اقتربت منهما اختفيا على الفور

مواطن 2: أما أنا فقد شاهدت ثلاثة أشخاص اختفوا حال وصولي اليهم

مواطن 3: كانوا اثنان ثم التحق بهم ثالثهم وقد اختفوا قبل أن أبادرهم بالتحية

مواطن 4: أنا لم أقترب منهم ..اكتفيت بمراقبتهم من بعيد ولم يختفوا عن نظري إلا بعد أن وصلت كاميراتكم إلى هذا المكان.. 

المراسل: هكذا سيداتي وسادتي تضاربت الآراء حول وجود الأشخاص الثلاثة قرب نيزك   (Mundrabilla Meteorite) وقد أكد لنا بعض  الذين التقينا معهم  إن الأشخاص كانوا بشرا حقيقيين     

لأنهم لو كانوا أشباحا لما ظهروا في وضح النهار..وأكد لنا مدير المتحف  عدم حدوث أي شئ مما ذكره الناس معللا ذلك بحالة الارتياب  الذهني الذي لم يتخلص الناس من آثاره حتى هذه اللحظة..والى أن تستجد أخبار أخرى أودعكم على أمل

اللقاء بكم ثانية في إرسال آخر عبر محطات جنوب استراليا.              

(4)

المذيع  : سيداتي وسادتي نعود بعد هذا النقل الحي من موقع الحدث مباشرة متسائلين عما إذا كانت  أحداث متحف ساوث استراليا ونيزكه الوطني

مجرد ارتياب ذهني كما ادعت إدارة هذا  المتحف.. نغادركم على أمل اللقاء بكم في إرسال آخر من محطات ساوث استراليا.إلى اللقاء.