مسرحية كفر ســلام أو دستة ملوك يصبون القهوة

عبد الفتاح رواس قلعه جي

   كفر سلام بلدة هادئة مسالمة،بقدر ما هي مفترضة هي أيضا واقعية قد تشمل مساحة وطن. إنها في الذاكرة والباصرة في آن معا،تظهر في عمارتها الجماليات العربية والروح الشرقية الساحرة. هذه المسرحية يمكن أن يؤديها ممثل فرد مع تقنيات ضوئية وطيفية"شاشة خيال ظل، آلة عرض صور ثابتة أو متحركة،آلة تسجيل صوتي"وذلك لتقديم أسلوبية قريبة من أسلوب مسرح الصور،بالإضافة إلى الدمى. ويمكن أن يشترك مع الممثل الفرد ممثلون آخرون بحيث يمزج أسلوب التشخيص الحي مع الأسلوب السابق، فيكون ظهور الممثلين شخصانيا حيناً أو طيفياً أو أراكوزيا،أو ضوئياً حيناً آخر،بشكل يخدم الجمالية والدلالة التي يبحث عنها مخرج العرض.

شخصيات المسرحية هي:
1.حية :
أبو العز، فنان صندوق الدنيا

2.حية ظلية أو ظلية ودمى
أبو عمر، قهواتي
كفر سلام، البلدة وعشتار
نعيمة، معلمة مدرسة
سلام، مهندس، خطيب نعيمة
سمير، فتى يهوى الرسم
أم سعيد (فاطمة)، أبو سعيد (فارس) : زوجان
حسين، ابن أم سعيد
شخصيات أخرى: ذو نواس،بلقيس،الهدهد، هولاكو،الملك الناصر،الملك الاشرف،ابن الزكي،السلطان بركة، أصوات نساء وأطفال.
المسرح قسمان :
1. خلفي: حيث تمتد بلدة كفر سلام بقبابها وبيوتها ومسجدها وطرقاتها، ومبنى بارز كتب عليه" معهد الطفل اليتيم"وبما أن هذا القسم لا يظهر إلا عند الإضاءة الخاصة من خلال الستارة الغربول فيمكن تنفيذه بالرسم على قماش مشدود،المنظر يوحي بالوداعة والهدوء،والبلدة التي تتسلق بيوتها الجبل تبدو أسطورية

2.أمامي: ويشمل القسم الأكبر من خشبة المسرح حيث تنتشر أشلاء كفر سلام، جدار متهدم، نوافذ متداعية، ستائر ممزقة، حبل غسيل عليه بقايا ثياب منشورة و شرشف أبيض مبقع بالدم يستخدم لإسقاط الصور الضوئية. أمامها تنبسط ساحة البلدة، وسطها بئر وشجرة جرداء مكسورة وأغصانها تميل إلى الأرض، وثمة أشياء متناثرة صناديق، أحجار، شظايا، ركام، لوحات وأدوات للرسم.
وفي القسم الأيسر جانب من المقهى أمامه طاولة وكرسيان. كل شيْ يشير إلى أن المكان تعرض لحادثة أليمة كزلزال أو قصف مدمر.
يفصل بين القسمين الخلفي والأمامي ستارة غربول تشف عن البلدة عند إضاءة الخلفية وتخفيها عندما تكون الإضاءة أمامية.
كفر سلام خلف الستار هي الأمس الجميل، السلام، الجمال والوداعة.
كفر سلام أمام الستارة هي الجرح النازف، الدمار، الأحزان.

****************

أبو العز يعود من جولته  
(تنار الخلفية فتبدو البلدة كفر سلام بجمالها الساحر عند الفجر، يسمع صوت غناء جماعي من بعيد)

يا مسـعدك صبحية مع طلعة الفجرية
انت الدلال يلبقلك وانا العذاب عليّه
آه ياسلام.. ياسلام

(يتلاشى صوت الغناء تدريجيا، ومع تركيز الإضاءة على المئذنة، يعلو من بعيد صوت المؤذن وهو يردد المقطع الأخير من الأذان)
الله أكبر الله أكبر لا إلـه إلا الله
(إعتام القسم الخلفي. وترتفع الإضاءة بالتدريج في القسم الرئيسي في المسرح فتظهر أطلال كفر سلام كظلال، يدخل أبو العز حاملاً صندوق الدنيا على ظهره، يبدو عليه الإرهاق بعد جولته في المدن والقرى، يضع أدواته ويرتبها والمسرح ما يزال في شبه ظلمة).
أبـو العــز : ها قد عدت ثانية، وقد طال الغياب، (يتقدم إلى الأمام فيلاحظ وجود الجمهور) ما كنت أحلم بمثل هذا الجمهور، لقد حلت الفرجة وطاب العرض (يسرع إلى صندوقه، ينير الفانوس أعلى الصندوق ويبدأ العرض، وخلال ذكر أسماء الأبطال تسقط صورهم على الشرشف المستعمل كشاشة للعرض)

تعـا تفــرج ياحبــاب شـوف بعينك،لاترتاب
تـرى كل العجـايـب فـي بـلاد الغـرايـب
تعـا تفـج علـى عنتـر راكب عا حصانو الأبجر
سـاحب سيفو في الميـدان وعا لأبطـال بيتمختـر
تعـا تفـرج علـى عبـلة ريـت عضاما ما تبـلا
رشـاقة وعيــون غزلان مـافي أجمـل ولا أحلى
شـوف أبو زيـد الهـلالي سـيفـو دومـا بـلالي
مـا بيقبل ذل وهـــوان رافـع راسـو للعالـيٍ
شـوف الأميرة ذات الهمة حلـوة كثير ومحتشـمة
هزمـت بجيوشها الرومان وما فارقتـها البســمة
شـوف فطـوم المغربيـة كحلتهـا نـص وقيـة
شـوف شعرا ها لمجدول شـوف عيـونا اللوزية
تعـا تفرج يا ســـلام عاللـي بيجري بها الأيام
عندي حكايا عندي اخبار لأحبابي في كفر ســلام
(ترتفع أنوار المسرح تماما وتتضح المعالم المأساوية للبلدة)
أبـو العــز :(ينصت، يتحير)عجيب، طلع الصباح ولم يحضر أحد،غير معقول أن تكون البلدة نائمة إلى الآن(يتلفت)هل أخطأت الطريق في الليل؟(يتنقل يمينا ويسارا،يتوقف، يتفحص الأشياء بعينيه)هذا هو المقهى(يجلس وراء الطاولة)هنا كنت أجلس مع المختار(ينادي)شاي يا أبو عمر،كاسين شاي وسيحضر المختار بعد قليل (صمت،صوت سقوط شيء في المقهى،ثم ينطلق صوت مواء قطة، يقفز، يتحسس بابا بجوار المقهى،يدق السقاطة،ينتظر،يدق ثانية)أم سعيد، يا أم سعيد،أنا جيت،سمعت أن ابنتك سعيدة قد خطبت،إيه اسق الله أيام زمان،كان أبو سعيد يأتي مع الأولاد للفرجة،سعيد يعشق فطوم المغربية،وأحمد يحب عنتر،وأبو سعيد مغرم بالأميرة ذات الهمة (يتحير، يسير خطوة، يتوقف أمام نافذة وينقر عليها) سمير يا صديقي، صاحبك أبو العز رجع، عيب تنام للضحى، كنت أول من يلقاني عندما أعود،أما زلت تعشق الرسم؟لقد اشتريت لك من المدينة الألوان التي طلبت أنا متأكد انك ستصبح رساما كبيرا.
(يقف عند البئر، يسحب الدلو ويشرب)وجعلنا من الماء كل شيء حي،ستستمر الحياة في كفر سلام ما دام في البئر ماء(يرش الماء على وجهه، ثم يتابع السير فيتعثر بشظية، يزيحها معتقداً أنها قطعة حديد عادية،يعثر على شيء يرفعه فإذا هو ثوب فتاة وعلى الصدر بقعة دم) دم !.. ماذا حدث في كفر سلام في غيابي (يركض في اتجاهات مختلفة ويتفحص الأشياء،ويلمس الجدران،وثمة بقعة حمراء عليها)
أعرف أنك تكرهين الأحمر(يقلب حجراً مشربا بالحمرة) هذا هو الحجر فأين رأس الحسين(يضعه على الطاولة ويجلس، يخاطب أبا عمر القهواتي متخيلاً)أتذكر يا أبا عمر يوم جئت إلى كفر سلام وقلت لي:نحن من آل البيت،ابني سميته حسينا باسم جده الذي قتل.عطشان والفرات على بعد خطوات.
صوت أبي عمر:(تسجيلي)عندما أراد أن يشرب ملؤوا فمه دماً،ومن أجله سميت ابني حسيناً،وفتحت هذا المقهى لأسقي الناس القهوة المرة والماء البارد،وهذه البئر حفرتها سبيلاً للشاربين.
(أبو العز ينهض،يتجول،يتابع التفحص،يعثر على قفاز أبيض ممزق)
أبـو العــز:المعلمة ذات القفاز الأبيض نعيمة، كانت مثال الأناقة،بلوزة خضراء،وتنورة طويلة مخططة،على باب المدرسة ينتظرها سلام خطيبها، تصافحه بقفازها الأبيض وتبتسم،كانت تتعمد المرور بالساحة لتلقي السلام على ابي العز،وأكون قاعداً وراء صندوقي انتظر خروج الأطفال من المدرسة (يجلس وراء الصندوق فيختفي، وتبرز على الصندوق كفاه،الأولى تلبس القفاز وتمثل نعيمة والثانية عارية وتمثل أبا العز، تتحاوران)
_
مساء الخير عمي أبو العز
_
مساء الخير يا بنتي
_
أما زلت تروي قصص عنتر وعبلة وأبو زيد؟
_
في أحلى من ها لقصص يا نعيمة؟
_
بتعرف مشتهية ارجع زغيره وأتفرج عليها
_
إيه..زمان..كنت تيجي ومعك رغيف وبيضة وتقولي عمي أبو العز بدي أتفرج على عنتر وعبلة،ماشاء الله صرت صبية يا عبلة،وعنتر صار مهندس
(يبرز أبو العز وراء الصندوق) وتضحك نعيمة،وفي اليوم التالي ترسل طلابها ليتفرجوا على صندوق الدنيا.
(يتابع السير) إيه زمان(يتوقف، يلتقط لعبة أطفال مضرجة)آه، من قتل فرح الأطفال(يتناول ثوب الفتاة المضرج ويعلقه على الشجرة المكسورة)ماذا فعلوا بك يا كفر سلام.
وتعا تفرج ياسلام عاللي جرى بكفر سلام
(تخبو الانارة تدريجيا)


كفر سلام تتكلم

(ينار القسم الخلفي من المسرح،مع اعتام القسم الأمامي إلا من بقعة ضوء على أبي العز وصندوقه،وشريحة ضوئية على الشاشة تمثل رقيما عليه كتابات هيروغليفية ومسمارية ورسم لشجرة الحياة وعلى جانبها التجأ في مودة وسلام أسد وحمل ومن أعلى الشجرة على الجانبين وإلى الأسفل قليلا خطوط تمثل نهرين)
أبـو العــز: تعـا تفـرج ياســلام
عالدنيا بتلك الأيــام
ما كان فيه في الدنيا ديب وما في حية ولا في عقرب
ما في خوف ولا في رعب وما في شرق ولا في غرب
لا جوعـان ولا عريـان والدنيـا كانـت أمـان
وتعـا تفرج ياســلام عالانسـان أخو الانسان
الكــل يســبح لله عيشـة عز وانســجام

  
(أبو العز من وراء الصندوق إلى مرتفع ويقف باتجاه البلدة التي تبدو من خلال الأضواء الملونة كمدينة أسطورية،أما القسم الأمامي للمسرح فيغرق في الظلام إلا من بقعة ضوء على أبي العز).
أبـو العــز:أيتها الروح المقدسة، ياروح كفر سلام(تسقط على الشاشة صورة عشتار الجميلة)أيتها الأم الطيبة،والفتاة التي ترسل ضفائر شعرها على ضفاف الجنوب،انهضي من رمادك الدامي وحدثيني.
صوت كفر سلام:(تسجيل صوتي مع صدى،الصوت هادىء وعميق،والاضاءة تتذبذب وتتلون مع نبر الحديث)آه أبا العز..ليس في حديثي مايسر القلب.
أبـو العــز:وما الذي يسر القلب في هذه الأيام،لقد جبت القفار، وطفت في الأقطار وأنا أحمل هذا الصندوق على ظهري،أروي حكاياتي،وهاقد جئتك حاملا إليك السلام من أهليك وجيرانك لعل السلام يمنحك شيئاً من السعادة والاطمئنان.
صوت كفرسلام:أهلي ألهاهم التكاثر والتناحر،وجيراني ولغوا في دمي،والأبعدون بآلامي يتندرون،والاقربون بلحمي يتاجرون وها أنت تقف شاهداً على لحدي فماذا ينفع السلام ولم يبق مني غير الذكريات؟
أبـو العــز:بقي الصوت والصدى وهذه الخطوط على جبهة عمرها آلاف السنين،أيتها الروح الناطقة التي لاتموت،انبعثي من رمادك وحدثيني.
صوت كفرسلام:كانت ليلة تم قمرها،وعزفت نجومها لأطفالي وهم يثرثرون على أسطحة البيوت العتيقة موسيقا الهدو والنعاس وأنا أغني لهم..أتذكر تلك الأغنية التي كنت أغنيها لك وأنت صغير؟
أبـو العــز: نـام يا ابني نــام لا دبح لك طير الحمام
و يا حمامات لا تخافوا عم يهدي لابني حتى ينام

صوت كفر سلام:وفجأة خسف القمر،وانطمست النجوم،وحلقت فوق البيوت طير أبابيل وأ مطرتنا غمائم سوداء كبريتاً ونحاساً، فتهدمت البيوت وترمدت عرائش الياسمين، وتناثرت ثرثرات الأطفال اشلاء على صدري.
أبـو العــز:كفر سلام،أنت تبكين.
صوت كفر سلام:آه ياصديقي،لاتزهر الأحزان،لابد أن أجمع أشلاء حبيبي تموز وأطفالي الأربعة الذين أطفأت عيونهم ابنة عمي ربة الجحيم يهوه شيكجال وأعيدهم إلى الحياة من جديد.
أبـو العــز:أسريت إليك ياكفر سلام في عتم الليل،فهل تنفعك حكاياتي،وهل تدخل السلوان إلى قلبك في رحلتك الطويلة.
صوت كفر سلام:كتاباتك القديمة التي أحببتها ما عادت تدخل السلوان إلى قلبي،إنما الغناء على الجرح،أبا العز اجمع أطفال كفر سلام واحك لهم قصص السلام الأسود وطير أبابيل،أما أنا فسأبحر في نهر الموت وأنقذ زوجي وأطفالي من ربة الجحيم.
(تعتم خلفية المسرح، وتختفي صورة عشتار)


عرس نعيمة الشامية وبلقيس اليمنية

(تعلو الإنارة تدريجياً في القسم الأمامي،وأبو العز يتحرك نحو صندوق الدنيا)
أبـو العــز:تعا تفرج يا سلام (يدور في الصندوق) اغسل قلبك من الأحزان (يقف بالصندوق في مقدمة المسرح ويفتح جانباً منه ويستخرج دمية لنعيمة وأخرى لسلام) كان عرساً مطنطناً يا نعيمة (تصل من بعيد أصوات العرس وأغنية)
اتمختري يا حلوة يازينة ياوردة جوا الجنينه
نعيمة وسلام اسمان إذا اقترنا جاءت نعمة السلام، هكذا قلت لي يوم جئتني وطلبت مني أن أكون وكيلك وأن أمسك يد ا بيد.
(مقلداً صوت نعيمة)عمي أبو العز،أنا يتيمة ومالي حدا،بدي ياك تحضر العرس وتغني وتمسّك ايد بإيد
أبـو العــز:حاضر يا نعيمة،هات يدك يا نعيمة..هات يدك يا سلام(تعود أصوات العرس وأبو العز يغني بيت ميجانا)
ميج ويابو الميج و يابو الميجانا زهر البنفسج ياربيع بلادنا
(صوت العرس من جديد ويعلو هتاف العرس : الله يساور دوز دوز جي صلوا على محمد، الزين زين، مكحول العين، واللي يعادينا الله عليه..)
ميجانا ويا ميجانا ويا ميجانا حبّوا علينا بس حبوا متلنا
(يتلاشى صوت العرس)

أبـو العــز:ولم يكن في بلاد الشام مثل نعيمة ذات القفاز الأبيض إلا بلقيس في اليمن السعيد(يضع الدميتين في مواجهة صندوق الدنيا)وكان يا ما كان،وتعا تفرج ياحباب(للجمهور)الواحد منا بقي حبّاب حتى دخلوا علينا من النوافذ والأبواب. (إلى نعيمة)آسف يا نعيمة،ولكن هذه مقدمة ضرورية للحكاية،آه ماذا تريدين أن تقولي؟
تريدين أن يجلس أبو العز بجانبك ويتفرج..حاضر(يفتح الصندوق ويستخرج دمية له ويضعها بين نعيمة وسلام)(لسلام) ها.. لم يعجبك الوضع يا سلام. بعدناك عن خطيبتك (يضع دمية في الجانب الآخر) أبا العز لا تكن عذولاً.
اجلس هنا وتفرج وأحلى من الفرجة الكلام،وتعا تفرج ياسلام،وكان ياما كان،كان في قديم الزمان ملكة على سبأ اسمها  بلقيس (يشير إلى الشاشة فتظهر صورتها) وذات يوم وصل إلى بلادها هدهد (يخرج من الصندوق هدهداً) راح يطوف في شوارع مأرب ويقول :
_
(أبو العز بلسان الهدهد وهو يطوف به على الدمى) صدقة يا محسنين، ساعدوا الغريب،جئت من بلاد ملكها يحبس الأنس والجن في القماقم، ولما قلت لا للقماقم صادر ثروتي ونتف ريشي وجدع منقاري وطردني من البلاد،يا أهل سبأ ارحموا عزيز قوم ذل.
أبـو العــز:وكعادة أهل سبأ،استقبلوا الغريب بالكرم العربي ففتحوا له قلوبهم وبيوتهم،وتجول في بلادهم آمناً فدخل قلاعهم وأسوارهم واطلع على أسرارهم وفجأة اختفى ذلك الغريب.وذات يوم دخل الحاجب على بلقيس.
_
(بلسان الحاجب) مولاتي ملكة سبأ،الهدهد رسول سليمان بالباب
_
(بلسان بلقيس) الهدهد ذلك الأفاق الغريب،المجدوع المنقار؟
_
(بلسان الحاجب)مولاتي لأمر ما جدع الهدهد منقاره،اليوم يعود إلينا ومنقاره أطول من سد مأرب
(يشير إلى الشاشة فتسقط عليها صورة رجل برأس هدهد، أنفه طويل، بيده رسالة)
صوت الهدهد:"إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم،ألا تعلوا عليّ وأتوني مسلمين"
أبـو العــز:وإنها قصة بدأت بالإيمان وانتهت بالإذعان،هددهم بجنود لا قبل لهم بها وأن يأتوه صاغرين أو ينشر الموت والخراب في ديارهم (ساخراً) وتلك كانت رسالة الزواج السعيد،فأي زواج كان وأي زواج الآن..وتعا تفرج عالسلام واريحا مازالت تشتعل فيها النيران،ومحارق النمرود، وأحفاد القرده يقتلون الانسان والحيوان، والهدهد ما يزال يتجسس ويحمل رسائل الدمار.
(على الشاشة صورة انفجارات وحطام مدينة)
أبـو العــز:(يلتفت نحو الدمية سلام)ماذا تريد أن تسأل يا سلام؟هل كان الزواج حسب التقاليد السبئية أم حسب التقاليد العبرية (يشير إلى دميته)أجبه يا أبا العز.
صوت أبي العز:كان زواجاً جهنمياً،حضره كل عفريت ومارد، حفلة العرس أقيمت في قصر ممرد من قوارير،وملكة سبأ أوهمت الملك أنها تحسبه لجه فكشفت له عن ساقيها إغراء وفتنة،وأبت العروس إلا أن تُصمد على عرشها فأحضر لها عفريت من الجن عرشها في طرفة عين.
أبـو العــز:وابتدأ العرس(صوت الزفة)

الله عليكي ياعروسه شــك الألماس
وباسم النبي محروسة من عيـون الناس
الله عليكي
صوت نعيمة :(مختلط بصوت الزفة)وعاش الزوجان السعيدان بسبات ونبات وخلفا صبيان ونبات..وتوته توته خلصت الحتوتة..احك لنا قصة غيرها عمي أبو العز.
أبـو العــز:(يمسك بدمية نعيمة ويرفعها)لا،لم تنته الحتوته يانعيمة(يعيدها إلى مكانها، يقف تحت الشجرة المكسورة) كان زواجاً سياسياً جائراً وسلاماً وهمياً،وهل يعرف أحفاد القردة وقتلة الأنبياء السلام؟لقد انتشرت تجارة القماقم في اليمن،و سادت صناعة تعليب الإنس،وفرّخ الهدهد هداهد في سبأ ألقت بذور الشقاق والنزاع بين القبائل حتى ظهرت في سد مأرب جرذان لها أسنان من حديد تنقب جداره العظيم،وذات يوم أفاق الناس على هدير الماء،لقد انهار السد، فغرق من غرق،وحلّ الدمار في الديار،وتفرقت القبائل في البلاد ونصبت في الجبال والوديان خيام اللاجئين.
(على الشاشة صورة مخيم للاجئين، صوت نشيج).
لماذا تبكين يا نعيمة؟أنا أتحدث عن النزوح بعد خراب سد مأرب، فلماذا تبكين؟.. ليس الذنب ذنبي إن كانت بلقيس اليوم تكشف عن ساقيها لتغري أحفاد القردة الخاسئين، أنا طول حياتي أحدث الناس عن عنترة وأبي زيد والأميرة ذات الهمة..(يمسح دموعها)آه..يا للدموع حين تتحول إلى رسائل.
(تخبو الأضواء)


حكاية نعيمة وأصحاب الأخدود

(على الشاشة صورة نعيمة وهي طفلة عمرها ست سنوات،يتدلى فوق صدرها مفتاح باب الدار،أبو العز يقبع في ظلام المسرح تحت الشجرة ويتحدث إليها)
أبـو العــز:اذكر يا نعيمة يوم وصلتِ إلى كفر سلام بعد النزوح الكبير طفلة صغيرة عمرها ست سنوات، كانت سيارة شحن مليئة بالنساء والأطفال والشيوخ،كنت تبكين وترددين في حزن،فين ماما،فين بابا،كانت عيناك تهطلان الدمع في قلبي،من أجلك حملت هذا الصندوق ورحت أطوف بين القرى والمدن،من بيروت إلى دمشق علني أعثر على والديك الذين ابتلعتهما المأساة ولم يتركا لك غير هذا المفتاح في صدرك.
(ترتفع الإنارة في المسرح، تظلم الشاشة،أبو العز يعلق في عنقه الدمية نعيمة المفتاح)كنت تقولين لي بلثغتك المحببة
صوت الطفلة نعيمة :عمي أبو العز،هذا مفتاح البيت،أمي حطتو في رقبتي لوقت ما ترجع،امشي معي نرجع، راح حط لك صندوق الدنيا بأرض الحوش جنب البركة،وأنت بتقعد تحت الياسمينة، وأنا بعملك قهوة،ابوي كان يقعد تحت الياسمينة يدخن أركيلة وأمي تعملًوا قهوة.خلينا نرجع الله يخليك.
(ينهض أبو العز،يدير مفتاح الراديو المثبت في صندوق الدنيا فتنطلق أغنية فيروز :سنرجع يوماً إلى حينا)
أبـو العــز:أنت تحبين فيروز،كنت تبكين حين تسمعين هذه الأغنية،وحينما كنت أحمل صندوقي وأخرج من كفر سلام كنت تلحقين بي حتى كرم العنب،تتعلقين بثوبي،تبكين وتتضرعين.
صوت الطفلة نعيمة :عمي أبو العز،خذني معك، خلينا نرجع للبلد،يمكن أمي وأبوي رجعوا،والله اشتقتلن كثير،اشتقت للمدرسة ورفقاتي،هنادي وجانيت ومريم،عمي أبو العز،كرمال محمد،كرمال مريم العذرا،امشي معي وخلينا نرجع.
(يرتفع صوت الأغنية من جديد:سنرجع يوماً)

أبـو العــز:(يغلق الراديو) كفى غناء..كفانا غناء،كنت صغيرة تحلمين وتبكين،كبرت فصار الحلم حطباً،وتحطب الدمع في العيون،حتى الذين عادوا صدئت مفاتيحهم،وافترشوا ذلهم تحت الأسوار، وبين الحواجز والمستعمرات. كيف تعودين يا ابنتي وبينك وبين الدار أخدود من نار(يستأنف العرض على الصندوق)

وتعا تفرج يامولـود على أصحـاب الأخدود
هادا الملك ذو نواس هادا الوسواس الخنـاس
(تسقط على الشاشة صورة ذي نواس وعلى رأسه طاقية اليهودي)
بطاقيتوا ألف شيطان وبتظاهـر انو غلبـان
(يأخذ وضع الحكواتي)وكان يا ما كان،كان في قديم الزمان،ملك من نسل سليمان،من تركة الزواج العتيد مع اليمن السعيد،وكان اسمه ذو نواس. وذات يوم دخل الهدهد،كبير الوزراء،على الملك وقال:
صوت الهدهد:أيها الملك ذو نواس العظيم،هؤلاء المؤمنون بمسيح يعدهم بجنات وعيون،صاروا خطراً على الأمن والسلام. والرأي عندي أن نحفر أخدودا يكون حزاماً أمنياً، نشتعل فيه النيران ونلقي فيه بهؤلاء الكفرة.
(تسقط على الشاشة صورة نيران مشتعلة، يسمع صوت النار،يقف أبو العز بمحاذاة الشاشة).
أبـو العــز:(بلسان ذي نواس)أنت أيها الشيخ أما زلت مصراً ألاّ تذكر إلهك بشر-وإلهنا بخير…ألقوه في الأخدود(يلقيه في النار)وهذا الطفل خفيف حمله،لذيذ طعمه،سريع طهيه(يتلمظ و يرفسه برجله في النار)يؤكل نيئاً ومشوياً.
(ينظر إلى جهة أخرى)وأنت أيتها الفاتنة،اكشفي عن ساقيك قبل أن تأكلهما النيران (يضحك) تتظاهرين بالإيمان والعفاف،يالك من عاهرة(يدفعها في الأخدود) أبـو العــز:في ذلك اليوم كان يهوه إله ذي نواس الدموي جائعاً شرب من دماء الأطفال حتى ثمل،وطعم من لحم المؤمنين حتى شبع،ثم راح يرقص أمام النار رقصة الموت والسلام،هكذا يا نعيمة قتل أصحاب الأخدود.
(تخبو أنوار المسرح قليلاً)
صـوت:(عميق،فيه جلال،مع الصدى)" قتل أصحاب الأخدود * النار ذات الوقود * إذ هم عليها قعود * وهم على ما يفعلونه بالمؤمنين شهود* وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد "
أبـو العــز:(وراء صندوقه)تعا اتفرج يا سلام عا للي اعتزوا بالسلام
(صوت أزيز طائرات وقصف،أبو العز يعيد الدمى بسرعة إلى الصندوق،يدفعه جانباً ناحية المقهى ويتوارى،يستمر القصف، انفجارات على الشاشة،الإضاءة تخبو و تشتد وتتناوب ما بين خلفية المسرح ومقدمته، ثم يتلاشى كل شئ ويسود الصمت)


أم سعيد قارئة الفنجان

(شعاع خفيف من النور على أبي العز وهو جالس في ركن المقهى يحتسي فنجانا من القهوة، يغني):
أبـو العــز : أوف يابا..يابا..يابا
(يقلب الفنجان في الطبق على فمه كمن يفعل من يريد قراءة الفنجان.ينقطع شعاع النور،يشعل فانوساً،يحمله بيده وينهض ويتجول في أرجاء المكان وينشد متابعاً)
عيني رمدها البكـا عالنازحــين بعاد
ويزيـد جرح القلب عا لهالكـين بعاد
أغفوا بمغاب الجدي ونوب الخطوب بعاد
ياأهل الظلام اسمعوا اش قال أبو تراب
الدهر دال الدول، والحق ثمـود بعاد
يا.. ياباي
(يعلق الفانوس على الشجرة، يتجه نحو مكانه الأول حيث قلب الفنجان ويتناوله،تعلو الإضاءة قليلاً قليلاً).
أبـو العــز:من يفتح لك الفنجان بعد اليوم يا أبا العز،في الأيام السابقة كنت تدخن وتشرب القهوة وتقلب الفنجان وتنتظر مرور أم سعيد لتقرأه لك (مخاطباً أم سعيد) أهلاً أم سعيد،كنت عم استناكي،أنت افتحي لي الفنجان وأنا بفرجي الولاد ببلاش عالأميرة ذات الهمة.
(يتابع الرواية)فاذا لم تمر كنت تحمل فنجانك إليها لتفتحه، تنبئك بمستقبلك وتقرأ لك ما في نفسك،أنت تحكي للناس حكايات الماضي وأم سعيد تحكي حكايات الآتي كانت تجلس مثل عرّافة قديمة وهي تدير الفنجان والكلام ينساب من فمها موسقا كالجدول.
(يتناول من الصندوق لفافة ينشرها ويعلقها على جدار أم سعيد،عليها صورةأم سعيد وهي جالسة خارج الدار والفنجان في يدها،وأمامها أبو العز جالساً)
صوت أم سعيد:(تسجيل صوتي) يا أبو العز، السما فوقك مليانه غيوم،وأنت ماشي في طريق مسدود،حامل على ظهرك هم الدنيا، قدامك ناس و وراك ناس روسهم روس الخرفان وأرجلهم مثل الإنسان.
يا أبو العز،في واحد جنبك حامل خنجر،يمكن أخوك يمكن ابن عمك،أكيد ما هو غريب،لأنو ماشي بحذاك وايدو وراك،وأنت مأمن لو وعلى يمينك واحد عم يحكي معك ويحذرك لكن أنت ما عم تسمع لو.يا أبو العز فلوسك قليلة،وأحلامك كثيرة وقلبك طيب،وجاييك يوم ليلو طويل،ونهارو قصير،وقبل ما يجي هاليوم شايفة الفرات عم ينحسر عن جبل من دهب والناس عم يتقاتلوا،وشايفة القمر عم ينشق،والشمس عم تطلع من الغرب،وبير كفر سلام عم بجف،والناس عم يبيعوا الغالي بالرخيص ليشتروا نقطة ميّ.
يا أبو العز هادا فنجانك، واصحا لشأنك،وما بيعرف الغيب إلا علام الغيوب. (ينهض أبو العز نحو صندوق الدنيا،تسقط على الشاشة صورة أم سعيد ممدده مضرجة بالدم وفنجان القهوة مكسور وشظاياه متناثرة)
أبـو العــز:أم سعيد التي تقرأ الغيب في فنجان،تكهنت بمصائر كل الناس ولم تقرأ مصيرها ولا مصير أولادها (تختفي الصورة على الشاشة) لما خطبها فارس جاء إليها وقال:
_
يا فاطمة أنا عامل فقير، عمرت نص بيوت كفر سلام وما عندي بيت أسكنه فهل ترضينني زوجاً.
_
لا يا فارس،الفقير فقير القلب والروح، حط إيدك على قلبك وشوف إن كنت فقير و الا غني.
_
يا فاطمة يعلم الله..من يوم ما وقعت من فوق السقالة وأغمي علي،ولما فتحت عيني وشفتك عم تمسحي وجهي من التراب والدم..من يومها قلبي ما عدت أضبط دقاته،وصرت شوفك أحلى من فطوم المغربية
أبـو العــز:(متابعاً الرواية)وفي يوم عرسها حملت فاطمة معها قطعة من العجين ولصقتها على باب الدار،وحملت مع جهازها صورة فطوم المغربية وعلقتها في غرفة النوم(يعلق أبو العز صورة فطوم المغربية) كانت هناك مشكلة،من يولّد نساء كفر سلام وفاطمة تقضي شهر العسل؟
_
يا فاطمة، علمي هالمهنة لغيرك واتركيها
_
لا يا فارس،كلما ولدت مره بحس أنو كفر سلام تولد من جديد،ما في أحلى من الحياة وهيه عم تسيل بين ايديّ،بعدين من هالمهنه صار عندي قرشين منعيش منهن.
_
لا يا فاطمة،أنا الرجال،وأنا بصرف عالبيت فلوسك بتحبي تخبيهن بتحبي تشوفي لن وجه خير،أنت حرًة.
أبـو العــز:(متابعا الرواية) عندما جاء طفلها الأول سمته سعيداً وفي العام التالي ولدت له أختاً جميلة،ولم يسمع أبو سعيد صوت الزلاغيط،يقولون البنت لها كمده ونادى أبو سعيد أمه ماما ليش ما عبتزلغطوا،أنا فرحتي بسعيدة ما بتقل عن سعيد وارتفع صوت أم فارس
صوت أم فارس :(تسجيل صوتي) هاها الشمس طلعت ونورت حواليهـا
هاها تمها عســـل وعيونها لآليهـا
هاها البنت في البيت طابه من ذهـب
هاها زلغطوا يا حبايب وافرحوا ياأهاليها

صوت النسوة : لـــي لـــي ليــش
أبـو العــز:(متابعاً)وهزت أم سعيد أساور الذهب في يديها وقالت ما حاجتي إلى الذهب وعندي طابة من الذهب. الحب الذي جمعها مع فارس قررت أن توزعه على أطفال كفر سلام،وتحولت الأساور الذهبية إلى حجارة للبناء،وأبو سعيد يقف على السقالة،ويرفع عمارة المدرسة وذات مساء دقت أم سعيد الباب على نعيمة (تدق الباب،ينفرج الباب قليلاً مع صوت صرير  
صوت أم سعيد: (تسجيل صوتي)يا نعيمة من بكره راح نبدا التدريس في الميتم،الولاد أمانة بين ايديكي هدول أيتام وفقرا،الأغنيا الهن مدارسن وفلوسن لكن هدول مالن غير الله ونحن.
أبـو العــز:(يغلق الباب وبتجه نحو صندوق الدنيا ويدفعه نحو مقدمة المسرح)
منذ ذلك اليوم دأبت نعيمة على إرسال الأولاد إلي لحضور عروض صندوق الدنيا،كانت تحدثهم عني وعن حكاياتي، وكنت أتنفس في وجوههم الربيع،وأشعر بفرح أسطوري ملون وأنا أسرد لهم الحكايا المزركشة بالبطولة والحب والخير.
(تسقط على الشاشة صورة أشلاء أطفال ومبنى متهدم، يندفع أبو العز ويخفي الشاشة بجسمه، ويصرخ بعامل الإضاءة)لا. لا أوقف العرض،من يحتمل هذا المنظر؟
(يتجه نحو الجمهور متحدثاً بنغم مأساوي) انهار السد، واندفعت يأجوج و مأجوج، وبحر البقر صار بحراً من الدم. وكفر سلام عاد إليها التتار من جديد (بهدوء حزين يتذكر) كانوا صغاراً،رائحتهم عطره كرائحة الأرض بعد المطر،يندفعون من الملجأ صائحين:عمي أبو العز بدنا نتفرج.
(تخبو أنوار المسرح)


ســمير يــحلـم ويـرسـم

(أبو العز يعلق صورة سمير على جدار داره، وبقعة ضوء عليها)
أبـو العــز:سمير وحده كان صامتاً، قليل الكلام، كلهم يحضرون،يتفرجون،يضحكون،ثم ينصرفون إلا سميراً يجيئني كل يوم متأخراً عنهم وفي يده لوحة جديدة،ومنام جديد.
(على الشاشة تسقط صورة ضوئية طفولية لسد يندفع منه متوحشون يرومون السهام)
صوت سمير:(تسجيل صوتي)أمس عند الصبح.شفت منام، شفت سد كبير،على بابه حراس،أجو ناس بيحكوا مثلنا،وبيلبسوا ورق جرايد،صاروا يخطبوا قدّام باب السد واحد طالع عم يخطب وواحد نازل،نعسوا الحراس وناموا،والطرق شغال على باب السد حتى انكسر واندفع منو ناس قصار وطوال،وعيونهم مثل النار زحفوا عالارض،أكلوا الأخضر واليابس،مروا على الفرات وشربوه ووصلوا للنيل،النهر صار لونه أحمر،وطعمه طعم الدم،ولسا الخطبا واحد طالع وواحد نازل وصاروا يحكوا بالسلام مع يأجوج ومأجوج،وبيناتن شفت اللي قتل جدي ودبح أبوي،عمي أبو العز أنا رسمت اللي شفته في المنام ممكن تحطو في صندوق الدنيا وتحكي لنا عن يأجوج ومأجوج.
(يبحث أبو العز بين ركام لوحات ممزقة ومحترقة،وبقايا مرسم،وفرشاة وألوان،عن شيْ، وفجأة يأخذ من تحت الركام دمية لسمير،يحضنها بحنان وحزن ويضعها في مواجهة صندوق الدنيا)
أبو العز:اقعد يا سمير يا ولدي أحكي لك عن يأجوج ومأجوج.(تخبو أنوار المسرح)


دستة ملوك يصبون القهوة :
(ترتفع أنوار المسرح وأبو العز يكتب على لوح في زاوية المسرح هذه العبارة : " ويل للعرب من شر قد اقترب")
أبـو العــز: كان شيخ الكتاب يكتب لنا هذا الحديث الشريف على اللوح ويتبسط في الحديث عن يأجوج ومأجوج فنمتلئ ونحن صغار رعباً من أقوام أقزام عيونهم في الطول،يخرجون من وراء سد الصين العظيم الذي بناه ذو القرنين،يقتلون العباد ويفسدون في البلاد.والدك يا سمير كان يجلس بجانبي في الرّحلة وكان حشريّاً يخرج القرآن من كنّيره المعلق في رقبته، ويفتح على سورة الكهف ويقول:
_
يا شيخي مالنا وما للصين، احكي لنا عن اليهود، هدول هنن حاجوج وماجوج،أكلوا أموالنا،وأخذوا أراضينا،وقتلوا أهالينا.
_
اسكت يا ملعون،هؤلاء جيران وأهل ذمة،وما حدث بيننا وبينهم أمور تافهة تحدث في العائلة الواحدة،لابد أن نعيش في سلام معهم.
أبـو العــز:ظل والدك يا سمير هكذا على رأيه حتى استشهد مع القسام،وفي تلك الليلة قال لي :
_
أنا الليلة رايح لعند أبي، شفته في المنام يدعوني إليه.جدك يا سمير كان هكذا أيضاً،قال أنا ذاهب لأحارب ياجوج وماجوج وذهب إلى جنق قلعة ولم يعد. وعندما كبرت ودخلت المدرسة كتب الأستاذ هذا الحديث (يشير إلى المكتوب على اللوح) وراح يحدثنا عن يأجوج ومأجوج.وقال:هم المغول والتتار الذين صنعوا من رؤوس القتلى تلالاً ومآذن.وعندما كبرت قررت أن أحمل هذا الصندوق وأتحدث عن يأجوج ومأجوج في داخلنا،وخارجنا،وعن التتار القدماء والجدد وعن الملوك الذين يحملون دلّة السلام ويصبون القهوة للئام.. وتعا تفرج ياسلام.
(يدوّر محور العرض في الصندوق)
تعا تفرج عالتتار والمدابح في الأمصار
عجايب غرايب..هذا نصير الدين الطوسي،العالم الصوفي،يصبح مستشاراً إعلاميا وثقافياً لهولاكو الوثني،الغارق في دم الشعوب حتى ركبتيه،بدعوى هدايته إلى السلام.
وأي سقوط للأقلام،اقرأ يا سمير: "ن والقلم وما يسطرون"
عجايب غرايب..الصليبيون في الغرب،والأرمن في الشمال،والتتار في الشرق،وكل يتربص بهذه الأمة الدوائر،وخليفة بغداد مستعصم بوزيره العلقمي،والعلقمي يبيع الخلافة والخليفة لهولاكو،ودجلة يعلن الحداد،وسلاطين بني أيوب مشغولون بصراعاتهم وتوسيع أملاكهم،هذا يحاصر مدينة ذاك وثالث يتحالف مع الصليبين،هنا الملك الأشرف، وهناك العزيز،وهنالك الظاهر والعادل والأفضل..أما السلطان الكامل،يا عيني عالكامل،زاد في الطنبور نغماً،هاهو يسلم مدينة القدس إلى فريدريك الثاني امبراطور جرمانيا بموجب معاهدة يافا 11 شباط 1229 هؤلاء ملوك الألقاب على أبواب الغياب وهاهو ملك الشام الناصر يوسف يغزو مماليك مصر ويعود منهزماً فنجد رسالة هولاكو في انتظاره.
(تسقط على الشاشة صورة ضخمة لهولاكو بملابسه التترية)
صوت هولاكو: (صوت تسجيلي) يعلم الملك الناصر أننا نزلنا بغداد وفتحناها، فلم نرحم من شكا ولم نرقّ لمن بكى، وقد أخربنا البلاد، وأيتمنا الأولاد، وتركنا في الأرض الفساد فعليكم بالهرب وعلينا بالطلب، وسارعوا بالجواب قبل أن يأتيكم العذاب.
(تسقط على الشاشة صورة قميئة للناصر في مواجهة هولاكو الضخم في وضعية بروفيل للملكين، ويمكن استخدام شاشة الخيال وشخوص أراكوزية من الورق المقوي، شاشة الخيال يمكن أن تكون جزءا من صندوق الدنيا أيضا)
صوت الناصر : (تسجيلي بصوت أراكوزي وبرتم الروبوت) وصلنا كتابك، وفهمنا خطابك،فكان عندنا كصرير الباب أو كطنين الذباب،إنّا لا يصدع قلوبنا التهديد، فخيولنا عربية،وسهامنا يمنية،وسيوفنا مصرية،إن عصيناكم فتلك الطاعة،وان قاتلناكم فنعم البضاعة،وإن قتلنا أو قتلنا فبيننا وبين الجنة ساعة.
أبـو العــز:عجايب غرايب،صاحبنا مصرّ على سجع الكلام،ومدن الشام تصبح في خبر كان،قلوب متفرقة،وملوك يستجدون السلام ليحافظوا على عروشهم المنخورة،ملوك عرفوا كيف يتحاربون وما عرفوا كيف يتوحدون ليوقفوا ذلك التتري القادم من الشرق.
صوت سمير: (تسجيلي)كفى.. كفى عمي أبا العز،أنا لم أقرأ هذا في المدرسة أليس لدينا ما نفخر به؟
أبـو العــز:(يتجه نحو اللوح ويكتب)الجمعة،الخامس والعشرون من رمضان سنة ثمان وخمسين وستمئة.
أبـو العــز:(يخرج الدمى من الصندوق) هيا يا نعيمة. هيا يا سلام،تعالي يا أم سعيد،اجلس هنا يا أبا عمر أنت تسقينا القهوة ونحن نسقيك الأخبار، ومطربة القهوة تسقي السلاطين في أعياد ميلادهم فناجين النغم(يعلو صوت أغنية صبوا لي القهوة يا زين،لسميرة توفيق، توقف مفاجىْ للأغنية)،ومازال الملوك الطوائف يشربون القهوة المرة على الهزائم والنكسات،ويهرولون ما بين العقبة وإيلات (بسخرية)من أجل السلام في أرض الشام الملك الأشرف يصب القهوة لهولاكو (على الشاشة صورة الملك الأشرف يصب القهوة لهولاكو).
_
مولاي(أبو العز وهو يماثل الصورة ويقدم القهوة مقلداً صوت الأشرف)ملك الملوك شرقاً وغرباً،القائد الأعظم،هذه قهوة عربية،من يد مخدومك الملك الأشرف موسى بن ابراهيم بن شيركوه،يا مولاي كنت ملكاً على حمص فأخذها مني الملك الناصر وعوضني عنها بلدة صغيرة اسمها تل باشر،أعدني يا مولاي ملكاً على حمص وأنا أضمن لك السلام في بلاد الشام. (أبو العز يهز دمية أبي عمر)
أبـو العــز : يا أبا عمر دولتك دالت،صار الملوك يصبون القهوة العربية للعلوج.
(يعود ويدير محور الصور في الصندوق)وتعا تفرج ياسلام..ها هو قادم آخر من دمشق وفي يده دلّة القهوة.
(تسقط على الشاشة صورة القاضي ابن الزكي، ويمكن تقديمه شخصية أراكوزية على شاشة الخيال)
أبـو العــز :(مغنياً بلسان ابن الزكي)
مــولاي أحفـاني جفاهـن الكــرى
والشــوق لاعجـه بقلــبي خيمــا
مــولاي لي عمل ولكن موجب لعقوبتي..
فاحنن عليّ تكرما..يا ذا العطا..ياذا الرضا.
(أبو العز يقاطع استمرار ابن الزكي في أدائه لهذا المقطع من منظومة اسق العطاش)
أبـو العــز:لا تغتروا بعمامته هذا محي الدين بن الزكي يبارك ما فعله هذا الهمجي من دمار وحرائق ومذابح لقاء منصب وراتب.
_
(في شخصية ابن الزكي يصب القهوة ويقدمها لهولاكو) مولاي القائد الأعظم،كنا ننتظر قدومك بلهفة المشتاق فأنت الذي أرسيت دعائم السلام في فارس والعراق والشام(يصب له ثانية)بالهناء والشفاء، قهوة عربية يمنية،يا مولاي الملك بلا قضاء هباء، ومخدومك إن وليته قضاء الشام ضمن لك تطبيع الناس على حبك وحب جدك جنكيز خان ناشر الأمن والسلام.
أبـو العــز: (يدور محور العرض) عجايب غرايب،والأزمنة شلة خيطان،أرى ملوكاً أمام حائط المبكى يصبون القهوة ويرقصون،وآخرون أمام طاقية الشيطان يسجدون،يهرولون من مغارب البحر إلى مشارق الخليج،وعن بتراء العز ينبترون ينحنون أمام حائط الوهم ويبكون،وأرى الملك الناصر يشاور صحبه في أن يذهب إلى ذلك التتري ويصب له القهوة فيسبقه بالدلّة مملوكه حسين كردي ويقدم رأس مولاه هدية مع فنجان القهوة.
صوت نعيمة:(تسجيلي) كفى..كفى عمي أبو العز، أما في صندوقك غير المخازي والهزائم،أما في صندوقك شئ من الأمل والفرح.ألم يقاتل الحلبيون التتار على الأسوار،والملك المعظم..
أبـو العــز:الملك المعظم تورانشاه لم يكن غير نائب للناصر على حلب،وكان الناصر يهرب من مماليكه باحثاً عن ملجأ،ومدن الشام تقاتل فرادى بلا نظام. وكانت الملوك تقاتل خوفاً من أن تثور شعوبها عليها..تلك هي الحال،وهذا هو الحال،والأزمنة شلة خيطان..ولكن كرمى لعيونك يا تعيمة في صندوقك زخة مطر وحكاية لمن اعتبر.
(تخبو الأنوار قليلاً)

الشتاء يمطر الغظب:
(صوت انهمار المطر،صواعق وبرق وكفر سلام في الخلفية،يتكرر ذلك وأبو العز يعتلي مرتفعاً مشرفاً ويفتح المظلة فوق رأسه)
أبـو العــز:الله يبعت الخير..كنت أظن أن الشتاء ما عاد يمطر الغضب. كنت أظن أن صحراء التتار تمتد ما بين النيل والفرات..وتمتد ما بين مرقد الحسين وسنابك خيل عقبة.
(على الشاشة صورة ضوئية لحجارة تتساقط من السماء مطراً)
أبـو العــز:التحف بالغضب،وتزمل بالرعد،وتزنر بالموت،وانهض من أعماق الصوت،وانهمر مطراً،من قصدير ونحاس،يلقي في الأخدود شهود الأخدود،يرجم أصحاب الفيل،بحجارة من سجيل.
(يخف صوت المطر، تتلاشى العاصفة،يغلق المظلة وينحدر نحو اللوح يقرأ العبارة المكتوبة:"الجمعة،الخامس والعشرون من رمضان سنة ثمان وخمسين وستمئة "يتابع الكتابة تحتها:"المكان عين جالوت- فلسطين"يتابع السير نحو صندوق الدنيا ويبدأ العرض)

تعـا تفرج ياطالـوت عاللي جرى بعين جالوت
واللي بيحفظ هالتاريخ بيقرا اليوم غزه وبيروت
هادي دمشـق الطاهرة وهادا شـعب القاهـرة
وهادا العز بن عبد السلام رفض الذل والاستسلام
والسلطان قطز الهـدّار وبيبرس الجندي المغـوار
وسيوف العرب كالنـار بتـلاحق جيش التتـار

كانت معركة تشيب لهولها الولدان،رُفع بعدها رأس كتبُغا قائد جيوش هولاكو على رمح عربية(على الشاشة رأس مرفوع على رمح، يخاطب نعيمة والدمى)هل قلت شيئاً مفرحاً يا نعيمة؟
(يتجه خطوات نحو الجمهور)مرة واحدة يا كفر سلام..تزنري بالعشق وقولي لا لسلام يلطّخ بالوحل وشاحك الأبيض،مرة واحدة فقط وتنهض لاستقبالك عين جالوت وحطين والزلاقة وقبضة حيدر أمام حصون خيبر،أم أن ذاكرتك قد ثقبت يا كفر سلام؟
(تسقط على الشاشة صورة تتري هو السلطان بركة)
صوت السلطان بركة :(صوت تسجيلي)بل ذاكرتك هي المثقوبة يا أبا العز،نسيتني،ونسيت الوحدة في الحق،وأنا الذي هيأت لكم ذلك النصر،كان الوطن عندي هو الحق،والحق فوق اللحم والدم والعصبية.
أبـو العــز:من أنت أيها التتري حتى تدعي ذلك؟
صوت السلطان بركة:أنا السلطان ناصر الدين بن جوجي بن جنكيز خان،ابن عم هولاكو،مسلم غلبت نصرة الحق على قوميتي أعلنت الحرب على ابن عمي حتى يضطر إلى سحب قواته من الشام، وقهرته في معركة كبرى مات بعدها كمداً وكانت بيني وبين الظاهر بيبرس صداقة ومودة ورسائل متبادلة،ابحث في صندوقك عن رسالتي إليه.
(أبو العز يبحث في الصندوق ويخرج لفافة من جلد ويقرأ)
أبـو العــز:(يقرأ)من القائد الأكبر السلطان بركة قاهر الشرك والطغيان إلى أخيه السلطان الظاهر بيبرس. فليعلم السلطان أنني حاربت هولاكو الذي هو من لحمي ودمي تعصباً للحق،ولا علاء كلمة الله، وما حاربته إلا لأنه باغٍ،والباغي كافر بالله ورسوله.(يعيد أبو العز الرسالة إلى مكانها وتختفي صورة السلطان بركة)
أبـو العــز:(يتابع العرض على صندوق الدنيا)
عجايب غرايب و تعا تفرج عالقرايب،تتري يؤازر الحق،ويناصر أهل الشام،كان هذا فيما مضى من الأيام، فمن للحق اليوم،من لكفر سلام في هذه الأيام.
(صمت،وتخبو الأنوار قليلاً)

اخر الكلام عن هدهد السلام :
(ترتفع أنوار المسرح،أبو العز يسحب الدلو من البئر،يرش الماء على الأرض وحول جذع الشجرة)
أبـو العــز: لم يزل في البئر ماء، وهذه المدينة لن تموت(وهو يسقي الشجرة)سبحان من يخرج الحي من الميت(يضع الدلو على حافة البئر ويسير باتجاه الصندوق يتوقف فجأة عند نعيمة)ماذا تقولين يا نعيمة،يا حمامة كفر سلام؟
صـوت نعيمـة:عمي أبو العز لم تكمل لنا حكاية الهدهد.
أبـو العــز:معك حق يا نعيمة(يتابع السير نحو الصندوق) معك حق لكن حكاية الهدهد في هذا الصندوق انتهت،فقد ظهر هدهد آخر في صندوق آخر(يدير الصندوق فتبدو خلفيته شاشة تلفزيون وعليها صورة الهدهد،وهو رجل أنيق برأس هدهد،منقاره طويل،يعتمر قبعة(طاقية)،وينشر في يده محرمة(منديلاً)مرسوماً عليها جمجمة وعظمتان متقاطعتان)
أبـو العــز:الهدهد اليوم رسول السلام يحمل إلى كفر سلام محرمة الأمان،والقوم في اطمئنان يغنون ويرقصون ويخمرون في أعياد السلطان.
(تسقط على الشاشة صورة تلفزيون تعرض فيه راقصة شرقية،ويملأ جو المسرح أصوات مقطوعات متتابعة بسرعة لأغان هابطة،ثم تتوقف فجأة ويسود الصمت وتختفي الصورة)
أبـو العــز:من بقي من أولادك يا أبا عمر(للجمهور)من بقي من أولادكم،(يصفّ الدمى في رتل وبسرعة ويقف هو في المقدمة)لابد أن يدرك أحدكم الهدهد قبل أن يصل البلدة وينهار السد فقد بدأت جرذان السلام تنقب الحيطان.
أصوات أطفال:(من بعيد ينشدون الشديه)
يا حـاج محمد يويو عطيني حصانك يويو
لأشد وأركب يويو والحق الهدهـد يويو
الهدهد ما مات يويو خلف بنـات يويو
بناتو ســود يويو مسخ القرود يويو
(صوت انفجاري قوي،وصمت) لقد أدركه أحدهم (يعتلي المرتفع ويرقب)
إنه ابنك يا أبا عمر،انه الحسين،تزنّر بالعشق فتشظى،يا للأشلاء المقدسة.(ناي حزين) أية روح تلك التي يحملها عاشق يفجر جسده شوقاً إلى الجنة؟
أشعلي الأضواء يا كفر سلام أيتها الأم الطيبة،واستقبلي الحسين بعطر الليمون والزعتر،استقبلي قمر البهاء،هاهو سيد الوقت عائداً من كربلاء الجديدة،مضرجاً بالشفق الدامي،مزنراً بأنوار الصباح..
(يسير أبو العز بخطى وئيدة على نواح الناي صوب كفر سلام،المؤتلقة الأضواء،ينحني أمامها ويحمل جثة ملفوفة بالقماش،يرفعها عالياً ويسير باتجاه مقدمة المسرح،ينشد مع أصوات جوقة أطفال بلحن بطيء):
ميمتو يا ميمتو واطلعـي لاقيلو
للحسين لاقيلو
واركبي رهوانـة وامشـي مقابيلـو
ميمتـو ياميمتـو لا تنسـي تحكيلـو
للعريس احكيلـو لاتبكي، اضحكيلو
وضوّي قناديلو
ميمتـو يا ميمتـو ميمتـو يا ميمتـو
يضع أبو العز الجثة في مقدمة المسرح، يصف الدمى حول الجثة بهدوء وأسى)
أبـو العــز:(يقرب دمية سمير) تعال يا سمير،من يستطيع أن يرسم مشهد العرس غيرك لقد أصبحت رساماً كبيراً، والألوان التي طلبتها مني أحضرتها لك من الشام (يقرب دمية أبي عمر)وأنت يا أبا عمر،صب القهوة في عرس ولدك الذي تزنر بالموت وتفجر عشقاً.
(يقرب دمية أم سعيد) هذه ليلة عرس ابنتك يا أم سعيد،الليلة تكتمل الفرحة،الحسين وسعيده،زفي العروسين يا أم سعيد.
أصوات نساء:(أصوات بعيدة لجلوة العروسين)
الله و اسم الله يا زينة يا رب تمــم علينـا
باق القرنفل يا عروسة والورد خيــم علينـا
قومي اطلعي قصر العالي وحياة عريسك هالغالي
حسنك شاغـل لي بالي ما بهوى بدالك ياعروسة
أبـو العــز:(يسود الصمت فجأة، يقرب دميتي نعيمة وسلام) وأنت يا نعيمة، يا تفاحة كفر سلام، وأنت يا سلام، ألا تلقيان السلام على العروسين قبل أن يطلع الصباح وتسكت شهرزاد عن الكلام المباح.
(يقرب دمية أبي العز) تعال أبا العز،تريد أن تأخذ دور شهرزاد،إلى متى تخاطب أرواحاً مزّق أجسادها الوهم،وأنت تجمع الأشلاء،تأمل أن تعيد إليها الحياة،لقد أصبح صندوقك هرماً وآن لك أن تستريح لقد انتهت الحكاية(فجأة)ماذا تقول؟كلا لم تنته الحكاية،تقول الآن بدأت الحكاية..
(ينهض باتجاه الجمهور،يتكلم في لهجة فيها يقين وقوة)
كان يا ماكان،كان في قديم الزمان،بلدة اسمها كفر سلام،وكانت تعيش في سلام إلى أن جاءها الهدهد،حاملاً رسالة الملك سليمان،وحتى لا تخدع مرة أخرى،وتتكرر الحكاية،جمعت أشلاءها،وتزنرت بالعشق،ثم القت ضفائرها على النيل والفرات وراحت تخاطب الغابرين والعابرين،أيها القادمون من مدائن الوهم والظلام،(يمتزج صوت أبي العز بصوت كفر سلام في ثنائي مؤثر وبصوت عميق الصدى)
ابو العز وصوت كفر سلام:من منكم يحدث كفر سلام عن السلام؟
أبـو العــز:من منكم يحدث كفر سلام عن السلام؟
ـ انتهت حكاية كفر سلام*