أشكال البوح الذاتي في الدراما الشعرية
د.
أبو الحسن سلام
إلى
الصديق الكاتب المسرحي العراقي/ صباح الأنباري
تحية تقدير لجهوده
الإبداعية والنقدية المتواصلة،وقد تفضل بقراءة قصيدي المونودرامي التجريبي(سلم
لي
على بافلوف) فأبدى بعض الملاحظات النقدية الواعية.
لعلي أكون مصيبا الهدف
إذا
افترضت أن الشعر هو أفضل أسلوب في إسقاط معاناة مبدع مفكر إنسان عبر إعادة
إنتاج ذكريات بهتت ملامحها بعد أن تاهت في زحام دروب الممارسات الحياتية اليومية في
مدافعة ثقافة الإغارة للكثير من قيم ثقافة الحوار المتكافئ في صبيحة نهار اليقظة من
الإغفاءة الماضوية لمجتمع يعيش ناسه تحت خط الفقر وتلهيه الأنظمة الحاكمة بالشعارات
وتلقمه فقهاؤها القانونيون
والدينيون
بكسرات الأمل الزائف تصبيرا.
وبما أن البوح الذاتي أشبه بالعزف المنفرد على آلة الوجدان بديلا عن آلة موسيقية،فلا غبار على العازف أن يخرج في عزفه المنفرد من مقام إلى مقام مجاور له نبرا وشدة أو لينا،حتى وإن أدي ذلك التخلص الأدائي إلى الانتقال من معنى إلى معنى مغاير،دون أن يظهر ذلك التخلص نشوزا ينبو عن حس الذائقة المستقبلة لخطاب البوح الإنفرادى.
وبما أن البوح الذاتي المتصل الخطاب في إطار وحدة المشهد أو تعدديته،يحمل على صوت بشري منفرد بالتعبير ذي المستويات المتدرجة المتوحدة المتعارضة الألوان من حيث بواعثها ومظاهرها،والقادرة على استحضار ملابسات الذكري المسترجعة استرجاعا تشخيصيا عبر أصوات افتراضية متداخلة في حالة من التواصل والتقاطع،تسطع أو تخبو وجوهها على شاشة وجه الشخصية(صاحبة البوح) تعنف أو تسكن حركتها محمولة على ظاهر جسده في الصورة التي هو عليها كما رسمه الشاعر أو المؤلف،فلا ضير إذن في أن ينحو أسلوب كتابته لخطاب البوح الدرامي الذاتي قيد المشهد المتصل من بدء الخطاب إلى منتهاه شكلا ومضمونا أو يخرج عليه.فمن حق كل خطاب أن يتخير الشكل الذي يسكن فيه،حتى وإن صدمته بعض وجوه النقد المتعامل مع أسبقية الشكل للمضمون. فهي قضية نقدية قديمة حديثة متجددة؛ فهناك من يري أن الشكل هو الذي يستدعي المضمون(الجاحظ :" المعاني على قارعة الطريق" – وكذلك ابن قتيبة) وهناك من يرى أن المضمون هو الذي يستدعي الشكل.ولئن راجعنا كتابات اثنين من كتاب المسرح العربي مثلا(توفيق الحكيم في أعماله الطليعية يقدم الشكل على المضمون : يا طالع الشجرة – الطعام لكل فم – شمس النهار – لزوم مالا يلزم) أما (علي أحمد باكثير،فينطلق من المضمون ليستدعي الشكل المناسب له:سر شهرزاد – فوق سبع سماوات – مسمار جحا – جلفدان هانم – حبل الغسيل وكل مسرحياته السياسية والدينية ذات الفصل الواحد).
على ضوء ما تقدم رأيت أن أترك لخطاب بوحي الذاتي حرية اختياره للشكل الذي يراه مناسبا لجوهر وجوده،فكتبت مونودراما البوح الذاتي(سلم لي على بافلوف) نفسها في مقطعين أو مشهدين أو موقفين ارتبط الحدث خلالهما بعادة تتكرر سنويا الأولى(عادة نظام السادات بدءا من السبعينيات على إجراء حملة اعتقالات واسعة للمثقفين اليساريين في مصر فجر يوم ذكرى وفاة الزعيم جمال عبد الناصر 28 سبتمبر) وهي عادة ارتبط معها تحضيري لحقيبة خاصة بأغراضي اللازمة لي في أثناء فترة اعتقالي المتكررة من عام إلى عام في التوقيت نفسه،وكان ذلك بمثابة ارتباط شرطي فإعداد حقيبة السجن مشروط بركلات أنفار حملة الاعتقال(زوار الفجر في ذلك الميعاد في كل عام) لباب مسكني. ولما كانت حملات الاعتقالات قد توقفت بالنسبة لى بعد حادث المنصة وتوسط عدد من أساتذتي بكلية الآداب( د. لطفي عبد الوهاب يحيي–د. محمد مصطفي هدارة–د.عاطف غيث واللواء شاكر عبد السلام سكرتير عام محافظة إلى‘سكندرية لدي وزارة الداخلية ووزيرها وجهاز أمن الدولة مع الإقرار بكفي عن الانخراط في النشاط السياسي) والأهم هو حاجة كلية الآداب لشخصي لمشاركة د. لطفي عبد الوهاب أستاذ الحضارة اليونانية الرومانية بالكلية في إنشاء قسم المسرح عام 1982 ولولا تعهد د. لطفي لأمن الدولة كتابيا بضمان عدم اشتغالي بالسياسية وتزكية سكرتير عام المحافظة شاكر عبد السلام لي في أثناء إخراجي لعرض(حلم ليلة صيد) عن صراع الحضارات على أرض فاروس(رع قدت : مدينة الإله رع–التي حولها اللسان اليوناني إلى راكوتيس وحولها اللسان العربي بعد الغزو إلى راقوده) تحت رعايته بقلعة قايتباي.لقد أدت تلك الوساطات والتعهدات إلى حجب ملفي المتخم منذ إنشائي وزملائي مهدي بندق وناجي عتمان وسعدية عبد الحليم ويونان نصيف وحسين شاهين وغيرهم لجمعية الدراما وإصدار بيان مضاد لموقف النظام الساداتي من رفع الفجائي للأسعار في يناير 77..ومن ثمّ تم تعييني مدرسا مساعدا بكلية الآداب عام83 على أن الإرتباط الشرطي لازمني أيضا عبر سنوات 2002 وما بعدها حيث المعايدات الرمضانية من الأصدقاء،فلما جاء رمضان 2005 ولم تصلني معايدان وتبريكات أصدقائي أساتذة المسرح والفنانين،عبر الهاتف الجوال وفق العادة الرمضانية،بسبب وفاتهم ففي حريق مسرح بني سويف،تخيلت أن بافلوف مصفد بمناسبة شهر رمضان،لأنه من وجهة نظر المكفراتية الظلاميين صاحب نظرية علمية أي صاحب بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة ف ........ لهذا جاء المشهد الثاني لمونودراما البوح الذاتي من(سلم لي على بافلوف)